حسب الأمين الوطني لجبهة القوى الاشتراكية فإن طريق الإصلاحات يمر حتما عبر التشاور بين السلطة وأحزاب المعارضة، وهذا المبدأ لا خلاف عليه بين الجزائريين على ما يبدو، لكن هناك مشكلة، فحسب كريم طابو ليس كل من يدعي المعارضة من حقه أن يستشار، فهو يقصد أحزاب المعارضة الحقيقية التي تعرفها دوائر الرئيس بوتفليقة حق المعرفة. دعونا نبحث عن هذه المعارضة الحقيقية التي يمكن أن تفك لنا عقدة النظام السياسي الجزائري المستحكمة منذ نصف قرن تقريبا، فبتصنيف طابو سنخرج من دائرة المعارضة الحقيقية كل أولئك الذين لبوا دعوة هيئة المشاورات السياسية، وهكذا لن يبق أمامنا إلا الأفافاس والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية والحزب الاشتراكي للعمال، وهنا مشكلة أخرى، فالأرسيدي حسب تصنيف طابو حزب غير حقيقي، وهو صنيعة السلطة ودميتها التي تحركها كيفما شاءت، بقي الحزب الاشتراكي للعمال الذي لا يعرفه أحد ولا وجود له على الأرض. الخلاصة إذن هي أن الطرف الوحيد الذي يجب أن تتشاور معه السلطة هو الأفافاس، ولا بد من أن نسأل طابو إن كان هذا إقصاء أم لا، لكن إذا تبعنا خيط الأفافاس سنجد أن المخرج الوحيد هو المجلس التأسيسي، هذا خيار يأخذ به كثير من الجزائريين وهو خيار جدير بالاحترام، لكن ماذا عن هؤلاء الذين يعتبرونه غير ضروري وأولئك الذين يعارضونه؟ فالموقف من المجلس التأسيسي لم يعد معيارا للفصل بين الموالي والمعارض منذ أن لقي دعم زهرة ظريف بيطاط ومعارضة عبد الحميد مهري، والجزائريون يعرفون جيدا موقع كل واحد. ما ينقص في أطروحات بعض أحزاب المعارضة هي البدائل العملية التي يمكن اعتمادها من أجل تجاوز هذه المرحلة بسلام، فهم يشككون في كل شيء لكنهم لا يقدمون الحل، وإذا كان الاتفاق على بعض المواد في مشروع قانون بدا معجزة، فلنا أن نتصور كيف سيكون الأمر مع الدستور الذي يريد أن يجعله هؤلاء بداية العملية.