دعا مناضلون لحقوق الإنسان وشخصيات سياسية ورجال إعلام، أول أمس، أعلى سلطات الجمهورية الفرنسية إلى الاعتراف بالمجازر التي اقترفتها شرطة باريس في 17 أكتوبر »كجريمة دولة«، مؤكدين أن قمع مظاهرات 17 أكتوبر يعد » جريمة عنصرية ارتكبتها السلطات الفرنسية ولا يمكن التغاضي عنها«. تطرق مطولا عضو مجلس الشيوخ ورئيس المجموعة الاشتراكية دافيد أسولين في مداخلة له خلال إطلاق التظاهرات الخاصة بإحياء الذكرى الخمسين للمجازر التي ارتكبتها الشرطة الفرنسية في حق آلاف الجزائريين الذين خرجوا من بيوتهم للاحتجاج سلميا على حظر التجول الذي فرض عليهم بطريقة تمييزية، للكفاح الطويل الذي طال أمده من اجل الاعتراف الرسمي بهذه المجازر »حتى وان كان هذا الكفاح يبقي غير مكتمل«. وذكر أسولين بالمناقشات التي أدارها منذ عشر سنوات خلت داخل مجلس الشيوخ بباريس » أمام يمين كان شديد اللهجة أثناء المناقشة« للمصادقة في آخر المطاف على مبادرة تمثلت في إقامة لوحة تذكارية لمجازر 17 أكتوبر 1961 على جسر سان ميشال«، مشيرا إلى أنه يعتزم في وقت ليس ببعيد عرض طلب بالاعتراف من قبل الدولة الفرنسية بهذه الجرائم كجريمة دولة«. وقال مولود أونيت الرئيس الشرفي للحركة المناهضة للعنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب أنه »ينبغي تسمية الأشياء بمسمياتها حتى وإن كانت مزعجة وأن ما جرى في 17 أكتوبر 1961 يعد مجزرة وجريمة عنصرية جماعية ارتكبتها السلطات الفرنسية ولا يمكن التغاضي عنها«. وذكر أونيت بالمبادرات المقررة لإحياء ذكرى هذه المجازر بمبادرة من الموقع الإخباري »ميديا بارت« وجمعية »باسم الذاكرة« ومجموعة 17 أكتوبر 1961، ملاحظا أن فرض الاعتراف بها كجريمة دولة سيؤدي حتما إلى سد فراغ رهيب هيمن على أوساط الرأي العام الفرنسي وإعادة الكرامة للضحايا وعائلاتهم«. وقال أونيت »أردنا بهذه المبادرات التصدي للنسيان وفي نفس الوقت أن نسلك مسلكا بناء يمكننا من الحفاظ على ذاكرة تضامنية«، مضيفا أن هذا العمل من شأنه أن » يعزز الهوية التاريخية للجالية الجزائرية في كل مكوناتها«.ورأى المتحدث أن »الأمر يتعلق بالعمل على خلق تعايش بين الشعبين الفرنسي والجزائري مما يبرز أهمية هذا المطلب و المتمثل في الاعتراف رسميا أنه في 17 أكتوبر 1961 تم اقتراف جريمة جماعية وعنصرية في وسط باريس«. من جانبه، أكد الصحفي والكاتب والمدافع عن القضية الجزائرية دانييل ميرمي على ضرورة »فتح الأرشيف للمؤرخين والاعتراف بهذه الجريمة من طرف الدولة وذلك جد ضروري لأن معرفة ما حدث ذلك اليوم تثير بعض الشعور بالذنب والتي تعد حسب رأيي الخاص أحد أسباب المعاداة للإسلام التي نعيشها اليوم و يشهدها المجتمع منذ زمان قصير«.كما أضاف أنه »على الدولة الفرنسية تحمل مسؤولياتها تجاه المجازر المقترفة وكذلك من الضروري مكافحة العودة إلى مدح الاستعمار«. وبالنسبة لناصر قطان المدير العام لقناة »بور تي في« والرئيس المدير العام لإذاعة »بور أف أم« فإن الاعتراف بهذه المجازر كجريمة دولة »يجب أن يقوم به أطراف شجاعة«، مشيرا إلى أن »التعاقب على السلطة الذي من المقرر أن يتم في 2012 سيشكل فرصة للقيام بذلك«.