هل يحق للأمين العام للجامعة العربية أن يعرض الملف السوري على الأممالمتحدة؟ الحكومات الخليجية تتخذ قرارات منفردة تسعى من خلالها إلى السطو على موقف الجامعة ودفعه في الاتجاه الذي يخدمها ويخدم من يقف وراءها، وقرار هذه الحكومات بسحب مراقبيها من سوريا يسقط حقها في الحديث عن الحل العربي أغرب ما في الأمر هو أن شيوخ الخليج يسحبون مراقبيهم دون انتظار موقف الأعضاء الآخرين وبعد ذلك يتوجهون إلى الأممالمتحدة باسم الجامعة، وما يجري الآن هو استحواذ غير مشروع على هذه المنظمة الإقليمية من قبل حكومات تخدم مصالح القوى الكبرى التي سعت دوما لإخضاع العرب والسيطرة على مقدراتهم، وحتى ما يسمى بالمبادرة العربية، والتي تدعو الرئيس الأسد إلى التنحي، هي في الأصل مبادرة خليجية بوحي أمريكي، وقد تم طرحها بهدف إجهاض الحل العربي من خلال إنهاء مهمة المراقبين رغم قرار الجامعة بتمديدها. بات من الواضح الآن أن هناك مخططا دقيقا يقوم على إغلاق كل أبواب الحل وإبقاء خيار التدخل الأجنبي بديلا أوحدا أمام السوريين والعرب جميعا، فقد بدأ الأمر أولا بسحب السفراء، ثم انتقلنا الآن إلى سحب المراقبين، وبين الخطوتين شهدنا عمليات تضليل رخيصة قام بها بعض الأشخاص الذين تسللوا إلى بعثة المراقبين وانسحبوا عندما طلب منهم ذلك، وقاموا بعمليات تهريج تم استغلالها إعلاميا في حرب مفتوحة على الحل العربي. تقدير فرنسا الأخير للوضع في سوريا جاء واضحا ومباشرا، البلد يغرق في الحرب الأهلية، فلا ثورة ولا هم يحزنون، والذين هللوا للثورة في ليبيا تركوا البلاد الآن تواجه الفوضى ومخاطر الحرب الأهلية وانتقلوا إلى الجبهة السورية، وكل الضغط الذي يمارس على نظام الأسد من خلال التلويح بالتدخل الأجنبي يهدف إلى إعطاء أمل للمسلحين في سوريا بالقول لهم قاتلوا وسيأتيكم المدد بعد حين، غير أن الذي يحدث لن يؤدي إلى إسقاط النظام بل إلى تدمير البلد وشعبه، وهو مقدمة لأسوأ مرحلة في تاريخ سوريا.