حكومات الخليج سحبت ممثليها من بعثة المراقبين الذين أرسلتهم الجامعة العربية إلى سوريا، والقرار يبدو ردا صريحا على التقرير الذي أصدرته بعثة المراقبين، فما كانت ترجوه هذه الحكومات هو دليل إدانة، غير أن المراقبين لم يجدوا ما تبحث عنه حكومات الملوك والسلاطين والأمراء الذي يوحى إليهم من واشنطن، ولإفشال مهمة المراقبين كان لا بد من سحبهم، ولأن الجامعة لا يمكنها اتخاذ قرار في هذا المنحى جاء الحل في تصرف فردي لهذه الحكومات التي لا يجمعها إلا الخضوع لأمريكا في مقابل هذا تم تمرير مبادرة عربية تقوم على دعوة بشار الأسد إلى التنحي ونقل السلطة لنائبه وإجراء انتخابات، وأصحاب هذه المبادرة يعرفون جيدا أن دمشق سترفض، والنتيجة المرجوة هي مزيد من تعقيد الوضع بما يغلق الباب أمام أي حل آخر غير التدخل الأجنبي، وعرض المبادرة على الأممالمتحدة وطلب مساعدة مجلس الأمن يعني شيئا واحدا فقط وهو العمل على اغتيال الحل العربي. الذين سحبوا المراقبين هم الذين سحبوا سفراءهم من دمشق في بداية الأزمة، وهم لا يبحثون عن الحل، بل يريدون تنفيذ خطة أمريكية إسرائيلية، وقد جاءت الخطوة الجديدة بعد أن دب الخلاف بين أطراف المعارضة السورية التي بدأت تتناحر حتى قبل الوصول إلى السلطة، والهدف واضح، وهو إنقاذ مخطط التدمير المنهجي لسوريا، ودفعها رأسا نحو الحرب الأهلية. الرئيس الأمريكي باراك أوباما وصف المبادرة التي تسمى عربية بأنها رائعة، وحيا الجامعة التي تبنتها، وهذا قد يكون كافيا لمعرفة مصدر الفكرة، فالجامعة تدفع باتجاه أسوأ الخيارات، وإصرارها على دعوة بشار الأسد للتنحي عن السلطة يعني إجهاض كل مساعي الحل، وفتح الباب أمام التدخل الأجنبي، وهذا هو الدور الذي تقوم به الحكومات الخليجية في الجامعة العربية، فهؤلاء ممثلون لأمريكا في جامعة العرب.