طالب المشاركون في الندوة الفكرية حول مجازر 8 ماي 1945 التي أشرف عليها حزب جبهة التحرير الوطني،أمس، فرنسا بدفع تعويضات مادية للشعب الجزائريين، مؤكدين على ضرورة الاعتراف بجرائمها المقترفة ضد الجزائريين لمدة 132 سنة، من جانب آخر أعابوا قلة الكتابات التاريخية التي تفضح وحشية الاستعمار الفرنسي. أجمع مناضلو الأفلان ومجاهدون ونواب برلمانيون وأساتذة جامعيون الذين حضروا الندوة الفكرية التي نظمها نادي الصحافة الذي ينشط تحت لواء قطاع الإعلام والاتصال والثقافة بحزب جبهة التحرير الوطني بمناسبة إحياء الذكرى ال63 لمجازر 8 ماي والتي حملت عنوان" الذكرى والذاكرة" على وصف هذه المجازر ب"الجرائم ضد الإنسانية"، كما أكدوا أن عدد ضحاياها يفوق الرقم المعلن عنه بسقوط 45 ألف شهيد وذلك بشهادة الفرنسيين أنفسهم الذين أقروا بمقتل أكثر من 60 ألف شهيد. وفي كلمته الافتتاحية ، عدد محمود خذري وزير العلاقات مع البرلمان والعضو القيادي في الحزب، أمام أعضاء أمانة الهيئة التنفيذية وإطارات من الحزب العتيد وعدد من رؤساء الجمعيات الوطنية وأساتذة جامعيين، الآثار المترتبة عن مجازر 8 ماي 1945 بعدما وصفها ب" المنعرج الحاسم" في تاريخ الحركة الوطنية وبروز التيار الثوري الذي أخذ على عاتقه تفجير الثورة التحريرية وسقوط دعاة النضال السلمي لافتكاك حرية الجزائر، مذكرا بالمحطات الهامة بعد هذه المجازر كانعقاد المؤتمر الأول لحركة الانتصار للحريات الديمقراطية و ميلاد المنظمة الخاصة الجناح المسلح للحركة، وإعلان ثورة نوفمبر 1954. وفي سياق آخر، دعا خذري المؤرخين إلى الخوض في التفاصيل الدقيقة للحقائق التاريخية دون اقتصار الكتابات على العموميات فقط، مؤكدا ضرورة تكفل المدرسة الوطنية بكتابة تاريخ الجزائر أثناء الحقبة الاستعمارية. ومن جهته، أبرز منشط الندوة عبد الله بولسنان، السياق التاريخي الذي ظهرت فيها أحداث 8 ماي 1945، وأوضح أن هذه الأحداث ساهمت في نمو الوعي الوطني، مشيرا إلى أن الجزائريين امنوا أن من احتل الجزائر بالقوة لا يمكن إخراجها إلا بالوسيلة ذاتها. أما الأستاذ عبد المجيد شيخي مدير الأرشيف الوطني، فقد أكد أن فرنسا خرقت القوانين الدولية باعتبار إنها لحد الآن لم تسلم أرشيف الجزائر الذي بحوزتها، وأضاف أنها تدعي الحق في امتلاكه بحكم أن الإدارة الفرنسية هي التي أنتجته عكس القانون الدولي الذي يقر أن الأرشيف يبقى ملكا للإقليم، مشيرا إلى أن الهيئة التي يترأسها قامت بتدوين شهادات حية لكثير من المجاهدين. وتساءل شيخي عن مسؤولية الشعب الفرنسي في عدم الضغط على الحكام الفرنسيين الذين قرروا احتلال الجزائر،حيث قال إن سكان فرنسا كانوا يودعون السفن الحربية عند مغادرتها مرسيليا متجهة إلى الجزائر بإقامة الأفراح ونفس الشيء عندما يعودون مزودين بالغنائم. وبالمقابل، أعاب مدير الأرشيف الوطني قلة وجود المؤرخين الجزائريين في ظل توفر عدد كبير من المؤرخين الفرنسيين، معتبرا أن المؤرخ الحقيقي هو الذي يقوم بالبحث وتدوين الحقائق وليس من يحوز على شهادة الدكتوراه، وأوضح أنه تم إجراء دورات تدريبية لفائدة كثير من الأساتذة في هذا الشأن. وتقاسم بوخريصة خير الدين رئيس جمعية 8 ماي 1945 نظرة شيخي عندما كشف أنه يوجد 23 ألف كتاب في فرنسا يتناول تاريخ الجزائر خلال العهد الاستعماري الفرنسي عكس الكتابات الجزائرية التي تظل قليلة، معترفا بتقصير الجزائريين في تدوين تاريخهم، قائلا "إننا لم نجتهد أيضا من الجانب السياسي والعلاقات البرلمانية". كما أكد متدخلون آخرون أن الجريمة الكبرى لفرنسا هي الاستعمار في حد ذاته.