كشف الوزير الأول أحمد أويحيى أمس أمام نواب الغرفة البرلمانية الأولى أن احتياطي الصرف بلغ في نهاية شهر نوفمبر الأخير 138 مليار دولار، وقال إن الجزائر يمكنها التكفل دون عناء بفاتورة الاستيراد واستكمال المشاريع التنموية حتى لو استقر سعر البترول في مستوى 30 دولار لمدة 5 سنوات كاملة، مؤكدا بأنه وفي هذه الحالة الافتراضية فإن البلاد ستتوفر في نهاية 2014 على احتياطي للصرف يناهز 50 مليار دولار. ظهر أحمد أويحيى أمس أمام نواب الغرفة البرلمانية الأولى في صورة المدافع الشرس عن قرارات وخيارات الرئيس بوتفليقة خلال السنوات الأخيرة في المجالين المالي والاقتصادي وتسيير موارد البلاد، ولم يتوان عن مهاجمة الذين وقفوا ضد هذه الخيارات في الماضي من سياسيين وحتى رجال الإعلام، وراح يذكّر أمام النواب بأهم العنوانين التي تصدرت صفحات الجرائد آنذاك منتقدة التسديد المسبق للمديونية وعدم توظيف احتياطي الصرف في صناديق سيادية. وفي تطرقه إلى الأزمة المالية العالمية حرص أويحيى على عقد مقارنات مع الأزمات السابقة على غرار أزمة 1986 وكذا السقوط الحر لأسعار النفط إلى ما دون 10 دولار نهاية العشرية المنقضية، وقال إن الوضع العام للبلاد آنذاك كان مختلفا بسبب المديونية الخارجية وكذا احتياطي الصرف الذي لم يكن يتجاوز 3 مليار دولار، والنتيجة يضيف أويحيى اضطرار الحكومة لاقتطاع ما يعادل النصف من ميزانية التجهيز لسنة 1999 لتجاوز الأزمة آنذاك، أما الأزمة الراهنة والتي عصفت بالعالم سبتمبر الفارط وحسب ما جاء في العرض الذي قدمه الوزير الأول ورغم كونها مباغتة وقاسية حيث أدت إلى تراجع أسعار النفط إلى 40 دولار للبرميل بعدما كانت في مستوى 130 دولار في جويلية الماضي، إلا أن تداعياتها ستظل محدودة على الاقتصاد الوطني مثلما جزم أويحيى أمام النواب لأن الجزائر تملك الإمكانيات الضرورية لمواجهة الأزمة، قائلا"الجزائر في منأى عن تداعيات الأزمة ليس لأنها غير مرتبطة بالنظام المصرفي العالمي بل بفضل الخيارات والقرارات الشجاعة التي اتخذها الرئيس بوتفليقة". وأكد أويحيى أن تحليله لا يعني أن الأزمة لن تطال الجزائر بل إن التدابير المتخذة يجعل الحكومة تلجأ إلى تقشف في مصاريف الدولة لكن دون أن يتحمل الشعب هذه المعاناة كما أن الصعوبات المالية لن تؤثر على المشاريع السكنية أو دعم المواد الواسعة الاستهلاك، كما ستكون لها القدرة على الشروع في تنفيذ برنامج خماسي جديد بعد الانتخابات الرئاسية، ويذهب الوزير الأول إلى أنه في السنوات الخمس المقبلة ستتمكن الجزائر ودون عناء من تسديد فاتورة الاستيراد وتمويل المشاريع التنموية حتى ولو استقر سعر النفط في حدود 30 دولار للبرميل، وسيكون في جعبة البلاد نهاية 2014 ما يقارب 50 مليار دولار كاحتياطي صرف، وهي ضمانات كافية من وجهة نظر أويحيى لممثلي الشعب، كما هي رد من وجهة نظره على الأصوات التي تتعمد إثارة مخاوف غير مبررة بخصوص تأثير الأزمة المالية على الاقتصاد الوطني. كما استغل الوزير الأول الفرصة وخرج عن النص المكتوب المتضمن الخطوط العريضة لمخطط عمل الحكومة في أكثر من مرة للرد على كل الانتقادات التي وجهت للإجراءات المتخذة من قبل الحكومة خاصة في المجال المصرفي وعاد حتى إلى قضية بنك الخليفة المفلس قائلا"عندما طهرنا الساحة المصرفية من المؤسسات القائمة على التزوير اتهمنا بأننا بصدد تصفية حسابات سياسية وعندما لاحت مؤشرات الأزمة المالية وتراجعت الحكومة عن فتح رأسمال القرض الشعبي الجزائري هناك من أقام الدنيا ولم يقعدها تماما كما فعلوا مع قضية الصناديق السيادية" وحسب أويحيى فإن الواقع أثبت صواب هذه القرارات مذكرا بحجم الخسائر المقدرة بملايير الدولارات التي لحقت بالصناديق السيادية، كما اعتبر رفض الدولة الاستجابة للنداءات الرامية إلى إدخال العملة الوطنية في وضعية الصرف الكلي وهو ما جنب النظام المصرفي الوطني الهزة التي امتدت إلى العديد من دول العالم التي أقدمت على هكذا قرار. وفي سياق ذي صلة رد أويحيى على الأصوات التي انتقدت قرار التسديد المسبق للمديونية كما دافع عن الإجراءات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية في خطابه أمام المنتخبين المحليين في جويلية الفارط والمتعلقة بالاستثمار الأجنبي، مؤكدا بأنها ليست تراجعا عن خيار اقتصاد السوق ولكنها اجراءات وقائية لحماية المصالح الوطنية.