احتضنت الجزائر مؤخرا ملتقى حول الجريمة الإلكترونية شارك فيه جزائريون وخبراء أجانب، الهدف منه تكوين بالدرجة الأولى للقضاة. والحقيقة أن المجتمع الذي تعيشه البشرية اليوم ، والذي لاحت معالمه منذ عام 1956 ، عندما تجاوز عدد العاملين في قطاع المعلومات كل عدد العالمين في كل القطاعات الإنتجاية الأخرى، هو مجتمع الإعلام والمعلومات ، يستدعي تأهيل جميع فئات المجتمع للحياة فيه. فهو مجتمع جديد يختلف جذريا عن المجتمع الكلاسيكي، سواء من حيث الأدوات المستخدمة، أو طبيعة الحياة، والعلاقات الإجتماعية، وحتى مشاكله وجرائمه. المجتمع الجديد، محوره الكومبيوتر، والذين يعيشون الرفاه الإجتماعي فيه، هم الذين ارتبط مصدر رزقهم بالكومبيوتر، وأصحاب السلطة والثروة ، هم المتحكمين في الكومبيوتر وبرامجه، مثل بيل غايتس الرئيس السابق لشركة مايكروسوفت الأمريكية، والذين يحققون النتائج الإيجابية هم الذين أحسنوا توظيف الكومبيوتر، مثل باراك أوباما الذي فاز مؤخرا بانتخابات الرئاسة الأمريكية لحسن توظيفه الأنترنيت. والجرائم في هذا المجتمع هي جرائم مرتبطة بالكومبيوتر، وتسمى الجرائم الرقمية أو الإلكترونية. والجريمة الإلكترونية أنواع، منها التجسس المعلوماتي، تخريب الشبكات، نشر الفيروسات، مهاجمة مواقع البريد الإلكتروني، قرصنة أرقام البطاقات البنكية، تحويل الحسابات ، الدعارة الإلكترونية، الإرهاب الإلكتروني عن طريق الشبكات، وغيرها من الأشكال. والمعروف أن محاربة الجريمة مهمة تضطلع بها الدولة عن طريق بعض المؤسسات، منها الشرطة، والدرك، والعدالة. هؤلاء جميعا يجدون أنفسهم اليوم أمام مجرمين رقميين ، أحيانا عباقرة في الإعلام الآلي. وإذا تم التعامل معهم بطريقة كلاسيكية فإنه يستحيل للشرطة أو الدرك القبض عليهم أو تحديد موقعهم، ويصعب حتى على عدالة كلاسيكية محاكمتهم في ظل قوانين " محلية " مصاغة لجريمة كلاسيكية، بينما شبكة الأنترنيت هي شبكة كوكبية، قد تخضع للقانون الدولي، أو للقانون المحلي في ظل وجود اتفاقيات ثنائية. والحل إذن، هو المعادلة التالية : مجرم إلكتروني = شرطة إلكترونية، ودرك إلكتروني، وعدالة إلكترونية. والقضية تستدعي تكوين الشرطة والدرك على متابعة المجرمين داخل الشبكات. فالحرب بين الشرطة والمجرمين اليوم تنتقل من الواقع الحقيقي إلى الواقع الإفتراضي. والشرطة يجب أن تكون زي مدني وعبقرية في الإعلام الآلي، وكذلك الدرك والعدالة من القاضي إلى النائب العام إلى المحامي .