يبقى لبنان مصطدما بجدار الانفجار السياسي الذي ظل ساكنا لزمن لم يأخذ امتدادا طويلا في حالة الاستقرار لتطفح على سطحه المفضوح أشكال صراع يتشكل دوما بتباينات تتلون رغما عنها بألوان طائفية هي أكثر حرارة وتعبير من غيرها اقتبس بريقها المؤثر من حاضنات إقليمية- دولية ترى في بيروت عاصمة لعرض تراجيديا الخصام السياسي وجني ما يمكن جنيه من غنائم في خارطة المصالح الكبرى. وفتح أبواب محكمة الجنايات الدولية في لاهاي لمطاردة قتلة رفيق الحريري،ستعيد غلق أبواب الحوار المفتوح في قاعات السياسة البيروتية.. فلبنان الموجوع دوما بآثار نزيف لم ينقطع،تتقاذفه خيارات تعددت توجهاتها يطلقها هذا وذاك بدوافع بلوغ ألأمن المفقود ظل نهبا في نزاع المصالح السياسية التي تحركها قوى إقليمية متعددة... ويبقى كل خيار يتجلى في حاضره السياسي لا يعبر صدقا عن إرادته الوطنية المجردة من نوايا تدخلات خارجية.. وتتعالى اليوم في سماء بيروت التي تستذكر عقود الحرب الأهلية وهي لم تزح بعد غبار العدوان الهمجي"الإسرائيلي" صدى أصوات الحوار الذي يرى فيه البعض صماما يحاصر الخلاف القائم فعلا في الساحة الداخلية ويمنعه من التسرب إلى الشارع المتوتر بطبعه ..لكن الحوار لا يستقيم بامتداداته ولبنان الراهن يجد نفسه مفتوحا على كل الاحتمالات المنذرة بانفجار حرب أهلية يديرها المتخاصمون في طاولات الحوار الذي يبدو انه فقد وطنيته الحقيقية، وتتحدد نتائجه بما ستفرزه محكمة لاهاي من مفاجأة منتظرة.. ومعطيات "لاهاي".. تدور في قلب دائرة الحوار فهي ستفجر الكامن تحت الرماد، وقراراتها لن تتضمن حلولا مطلقة لمعضلات تشق الشارع اللبناني المتأهب لخوض نزاع مسلح..وتبدو وكأنها تنهي الحوار الوطني الذي بدأ ولم ينته إلى شيء دون أن تضع مسارات أخرى لجولاته المتعثرة بموانع لا يمكن زعزعتها.. وهي وفق محتواها قد تأتي بجديد سيزيد من الشقوق التي تقطع الرداء الوطني بانفعالات الكيانات السياسية المتمسكة بخياراتها والمدافعة عن مصالح حاضناتها الإقليمية.. ولا يبدو أن محكمة لاهاي قد أحيت الحوار المقطوع بإيجاد قواسم مشتركة تمهد الطريق السوي لحسم تعقيدات الإشكالات السياسية العالقة والمجسدة في: *سلاح المخيمات الفلسطينية و" لاهاي"لم تعثر على المفتاح السحري القادر على فتح الأبواب المغلقة على أخطر عقد سياسية تؤرق الليل اللبناني ..أنها قائمة على فكرة نقل صراع إقليمي-دولي من ساحات الحرب