يقترب لبنان من جدار الانفجار السياسي الذي ظل ساكنا لزمن لم يأخذ امتدادا طويلا في حالة الاستقرار فطفحت على سطحه المفضوح اشكال صراع يتشكل بتباينات تتلون رغما عنها بألوان طائفية هي اكثر حرارة وتعبير من غيرها اقتبست بريقها المؤثر من حاضنات اقليمية ترى في بيروت عاصمة لعرض تراجيديا الخصام السياسي وجني ما يمكن جنيه من غنائم في خارطة المصالح الكبرى. ولبنان الموجوع دوما بآثار نزيف لم ينقطع تتقاذفه خيارات تعددت توجهاتها يطلقها هذا وذاك بدوافع بلوغ ألأمن المفقود ظل نهبا في نزاع المصالح السياسية التي تحركها قوى اقليمية متعددة... ويبقى كل خيار يتجلى في حاضره السياسي لايعبر صدقا عن ارادته الوطنية المجردة من نوايا تدخلات خارجية.. واليوم رفضت سماء بيروت التي لم تزح بعد غبار العدوان الهمجي"الاسرائيلي" مبادرة الحل العربي التي سعى جاهدا عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية تسويقها ، ورأى فيها صمام امان يحاصر الخلاف القائم فعلا في الساحة الداخلية ويمنعه من التسرب الى الشارع المتوتر بطبعه ..لكن المبادرة قد لم تستقم بطولها ولبنان يجد نفسه مفتوحا على كل الاحتمالات المنذرة بانفجار حرب اهلية يديرها المتخاصمون في طاولات الحوار الذي يبدو انه فقد وطنيته الحقيقية.. وخارطة الطريق العربية التي لم يكتشف عمرو موسى سبل تسويقها .. لم تأت بالجديد فهي انحشرت في دوران دائرة مبادرة حوارية لم تتضمن حلولا مطلقة لمعضلات تشق الشارع اللبناني المتأهب لخوض نزاع مسلح..وتبدو وكأنها تنهي الحوار الوطني الذي بدأ ولم ينته الى شيء وتضع مسارات أخرى لجولاته المتعثرة بموانع لا يمكن زعزعتها .. وهي وفق محتواها لا تأتي بحلول و اكتفت بترقيع الشقوق التي تقطع الرداء الوطني بانفعالات الكيانات السياسية المتمسكة بخياراتها والمدافعة عن مصالح حاضناتها الاقليمية.. والمبادرة قد تستوي بطولها لو اتجهت الى احياء الحوار المقطوع بايجاد قواسم مشتركة تمهد الطريق السوي لحسم تعقيدات الاشكالات السياسية العالقة والمجسدة في: *سلاح حزب الله *سلاح المخيمات الفلسطينية *انتخاب رئيس للجمهورية.. لكن مبادرة الحل العربي لم تعثر على المفتاح السحري القادر على فتح الابواب المغلقة على اخطر عقد سياسية تؤرق الليل اللبناني ..انها قائمة على محاذير الخوف من نشوب حرب شوارع.. فهي مبادرة الخوف من اقتراب ألأسوأ.. غادر عمرو موسى بيروت معلنا نية العودة دون اعلان جديد قد لايحمله..