عادت الذكرى الخامسة لاغتيال الزعيم الروحي الشهيد الشيخ ياسين كما لم تعد من قبل، فحركة حماس لم تعد كما كانت، والوفاء لخط الشيخ المؤسس صار واضحا للعيان، وأضحت حركة المقاومة رقما صعبا في معادلة الصراع في الشرق الأوسط سواء قبلت الإدارة الأمريكية وتل أبيب أم لم تقبل. عادت الذكرى بعد الصمود الأسطوري في غزة، وقد عجز جيش الاحتلال عن تحرير الجندي الأسير شاليط وكسر إرادة حماس، مثلما عجزت إدارة أولمرت عن إنقاذ نفسها بتحريره عن طريق التفاوض وعقد صفقة ترعاها مصر. عادت الذكرى لتكشف كتائب القسّام أن دم الشيخ ياسين ودماء شهداء فلسطين لن تذهب هدرا، وأن الرهان على التفاوض وهم إذا ما أسقط سلاح المقاومة وأن البرنامج الحقيقي لمنظمة التحرير ولحكومة وفاق أو وحدة وطنية إنما يجعل السلاح بيد لن تعدمها الخيانة أو التواطؤ باسم التفاوض الذي لم وقف أمام قضم الأرض وبناء جدار الفصل العنصري عاجزا، وكذلك تهويد القدس وتهجير أهلها ومحاولة إسقاط حق العودة. كلها غيّرت وجه التاريخ، ودخلت حماس منذ عام 1987 إلى الحلبة لتعدّل مسار النضال الوطني الفلسطيني وتؤثر في النظام العربي الرسمي بعد عودة قضية فلسطين إلى مركزية الاهتمام بعدما كادت تنسى أو تسوّى على حساب مصلحة الأمة والشعب العربي. عادت ذكرى اغتيال ياسين ليطلع جيل جديد من الكوادر يتمتّعون بالاستعداد لكل شيء علما وسياسة وأخلاقا، ويتوعّدون العدو بنهاية هيمنته وأسطورته، وما معركة غزة إلاّ البداية لصفحة أخرى حبلى بالمتغيرات.. أما بعد: طريق الشيخ ياسين هو طريق القسّام والحسيني وأبو إياد وأبو نضال وطريق الذين اختاروا الشهادة أو الأسر أو النصر..لا فرق لتحرير الأرض والإنسان والتاريخ.