أكد الخبراء أن الأزمة المالية إذا استمرت على حالها ستؤثر حتميا على البنوك المغاربية، حيث اعتبروا أن التأثيرات الأولى ستأتي من أوروبا وستخص في أول الأمر انخفاضا في تحويلات المهاجرين وتقليص هام في الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المنطقة وتراجعا أيضا في السياحة، كما أكد الخبراء أن الجزائر أنها تبقى في منأى عن تداعيات هذه الاضطرابات نظرا للاستقرار النسبي لسوق النفط الدولية وتنوع زبائنها من المحروقات، متوقعين أن يواصل اقتصاد ها نموه في عام 2009 بفضل الاستثمارات العمومية ''. أجمع العديد من الخبراء خلال المنتدى الدولي الخامس للمالية أن عدم تكييف البنوك المغاربية مع الأنظمة المالية الدولية وتأخرها في التنمية "مفيدة" على المدى القصير بالنسبة للازمة الاقتصادية العالمية ولكن يمكن أن تكون مأساوية على المدى المتوسط إذا استمرت هذه الأزمة، حيث اعتبروا أن التأثيرات الأولى ستأتي من أوروبا وستخص في أول الأمر انخفاضا في تحويلات المهاجرين وتقليص هام في الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المنطقة وتراجعا أيضا في السياحة. وفي هذا الصدد، أشار الخبير ظافر سعيدان الى أن أوروبا ستعرف تراجعا في ناتجها الداخلي الخام سنة 2009، بأقل من 2 بالمائة وهذا سيؤثر بلا شك على المغرب العربي غير أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر تأتى من أوروبا بحوالي 35 بالمائة حسبه، وفي مجال التجارة توقع المتحدث "تضايقا جهويا لان 80 بالمائة من تبادلات البلدان المغاربية تتم مع أوروبا" حسب الأرقام التي قدمها. كما اقترح ظافر على هذه البلدان تنويع اقتصاداتها والتعامل مع مناطق أخرى من العالم سيما آسيا، حيث تقل تأثيرات الأزمة و"سيكون بعث الاقتصاد أكثر سرعة من مناطق أخرى"، وبخصوص الوحدة الاقتصادية للمغرب العربي، اعتبر الخبير أن "عدم توحيد المغرب العربي يكلف أكثر من مغرب عربي موحد اقتصاديا"، مشيرا الى أنه إذا كان اتحاد الغرب العربي فعالا فان تكلفة الأزمة ستكون اقل ولكن مع الأسف فان التصميم الحالي لاتحاد مغرب عربي معطل وينجم عنه مزيد من التكاليف". وعن سؤال لمعرفة كيفية الحد من تأثيرات الأزمة في البلدان المغاربية، اقترح هذا الخبير أولا تحسين مقاومة البنوك من خلال عصرنة النظام البنكي وهو مسار جاري خاصة في الجزائر، كما أضاف أن "البنوك المغاربية يجب أن تبقى تخدم النمو بعيدا عن المضاربات"، مشيرا الى التقدم الذي حققه القطاع البنكي خلال السنوات الأخيرة في البلدان المغاربية، حيث أكد الخبير أن نسبة عدم فعالية البنوك المغاربية قد انتقلت من 45 بالمائة سنة 2005 إلى 37 بالمائة سنة 2007، مضيفا انه "سيكون من المؤسف التوقف عند هذا المستوى"، أما عن التوصية الثانية التي قدمها هذا الخبير، فتتمثل في إنشاء مراكز أعمال إقليمية وفي هذا الخصوص -كما يقول- سيصبح إنشاء بنك مغاربي أمر واقع وبالتالي سيصبح هذا البنك نوعا ما "محضنة للمشاريع على مستوى البلدان المغاربية الخمسة". أما المداخلة الثانية التي أثارت نقاشا خلال هذا المنتدى، فخصت الأثر القليل الذي خلفته الأزمة الاقتصادية على البنوك الإسلامية، حيث أكد رائف موكريتار كاروبي من بنك أبو ظبي الإسلامي الذي قدم مداخلة حول "نظام التمويل والأزمة" أن هذه البنوك "قد تأثرت بشكل اقل من الأزمة الاقتصادية مقارنة بالبنوك التقليدية وذلك لأنها لا تمارس المضاربة مقرونة بالمجازفة التي يحظرها الإسلام". وتابع هذا الخبير قوله "أن البنوك الإسلامية قد تأثرت بشكل اقل من الأزمة لأنها غير كثيرة" وأن المجال الذي تغطيه هذه البنوك لا زال ضيق، إضافة الى أن "هذا المجال الضيق قد ساهم في حمايتها"، مضيفا انه قد بدا الاهتمام شيئا فشيئا في الجامعات الغربية بالنظام المالي الإسلامي الذي أصبح يشكل مقاييس للتكوين، وخلص في الأخير إلى أن بنك أبو ظبي الإسلامي ينوي الاستقرار بالجزائر عقب دراسة سوق قام بها مكتب أمريكي الذي أكد على أساس سبر للآراء شم 4 آلاف شخص أن 83 بالمائة ابدوا موافقتهم على إنشاء بنك إسلامي. كما شكلت أثار الأزمة العالمية على اقتصاديات البلدان الأفريقية ومستقبل البنوك بها ابرز محاور المنتدى، حيث أجمع مختلف المتدخلين الذين شاركوا في هذا اللقاء على أن هذه الانعكاسات ليست نفسها على كل بلد، مؤكدين على أن الاقتصاديات الأكثر فقرا هي التي قد تتضرر بشدة، حيث أقر رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية جواد كردودي نقلا عن وثيقة نشرت مؤخرا من طرف كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وجود تدهور خطير في الاقتصاد العالمي منذ أكتوبر 2008 خاصة في البلدان النامية، حيث قد تتحول الأزمة الاقتصادية والمالية الى كارثة إنسانية. وبخصوص الجزائر قال كردودي أنها تبقى في منأى عن تداعيات هذه الاضطرابات نظرا للاستقرار النسبي لسوق النفط الدولية وتنوع زبائنها من المحروقات من أوروبا وأمريكا اللاتينية واليابان وغيرها التي يرتبط بها اقتصاد وصادرات البلاد، كما توقع أن يواصل اقتصاد الجزائر نموه في عام 2009 بفضل الاستثمارات العمومية ''، إلا انه حذر من أن تواصل الركود العالمي مصحوبا بتراجع في الطلب على الطاقة يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في العائدات النفطية للبلاد.