تقاطعت مداخلات نواب المجلس الشعبي الوطني خلال مناقشتهم مخطط عمل الحكومة في العديد من النقاط، حيث جاءت أزمة البطالة التي يعاني منها الشباب إلى جانب تفشي المشاكل الاجتماعية في صدارة اهتمامات النواب الذين طالبوا الحكومة باستغلال الغلاف المالي المعتبر المخصص للخماسي المقبل من أجل إيجاد حلول عملية تعيد الاعتبار للمواطن بالدرجة الأولى. بارك عدد من نواب الغرفة السفلى للبرلمان في جلسة ثالث يوم من مناقشة مخطط عمل الحكومة، مسعى المصالحة الوطنية وشدّدوا على ضرورة توسيعه وتعميقه أكثر في المجتمع ، وقد ذهب أحدهم إلى وصفها بمثابة "أداة تلحيم" في أوساط المجتمع، داعيا إلى العمل أكثر "لتعميق هذا المسعى" من خلال تجنيد مختلف مؤسسات الدولة العاملة في الميدان الاجتماعي بهدف الوصول إلى اجتثاث دواعي آفة الإرهاب. وفي هذا الاتجاه اقترح نائب آخر إنشاء ما أسماه "مجلس أو هيئة وطنية علمية" مشكلة من علماء الاجتماع لمعالجة ظاهرة العنف التي أصبحت منتشرة في بلادنا والتي تعد مرتعا لتشجيع الإرهاب كظاهرة خطيرة، ودعا العديد من المتدخلين إلى ضرورة الإسراع في طرح قانوني البلدية والولاية من أجل "تعزيز سلطة المنتخبين المحليين وتوسيع صلاحياتهم وتمكينهم من أداء مهامهم في خدمة المواطنين" بالإضافة إلى وضع قانون أساسي خاص بالمنتخب المحلي مع إعادة النظر للتعويضات الممنوحة لهم خاصة رؤساء المجالس الشعبية البلدية والولائية. وتركزت مداخلات النواب في جلسة الخميس على مجالات الفلاحة والنقل والصيد البحري وضرورة ترقيتها كقطاعات تساعد في خلق الثروة الوطنية، مطالبين بتعميم مشاريع النقل واستفادة الولايات الكبرى من البرامج التنموية التي تضمنها المخطط الخماسي، كما شدّدوا على أهمية تسجيل مشاريع إضافية في قطاع النقل كما هو الحال بالنسبة لولاية الجزائر من خلال تسجيل مشاريع التراموي والميترو والنقل الحضري وكذا تعزيز بعض الولايات بشبكة للسكك الحديدية كأساس للتنمية المحلية. ولم تخرج الانشغالات التي أثارها النواب في جلسة ليلة الأربعاء عن هذا الإطار لأنهم طالبوا الحكومة بضرورة التكفل الفعلي بفئة الشباب واعتبارهم "أولوية وطنية" خاصة منهم الكفاءات الجامعية، حيث اعتبروا من الأولوية إيلاء العناية للكفاءات الجامعية واستغلالها من خلال إمدادها بالإمكانيات اللازمة وربط البحث العلمي باحتياجات التنمية الوطنية. وأشار النواب إلى أن الظرف جد ملائم لتجسيد هذا الهدف خاصة أن الجزائر تعيش حاليا راحة مالية ووضعا أمنيا مستقرا بفضل تزكية الشعب لميثاق السلم والمصالحة الوطنية، كما ثمّن عدد منهم الهياكل المنجزة خلال السنوات الأخيرة في قطاعات التربية الوطنية والتكوين المهني، مؤكدين ضرورة الاهتمام بالعنصر البشري في هذه القطاعات وتحسين ظروفه الاجتماعية بهدف رفع مستوى أدائه. واعتبر نواب آخرون أن القطاع الصناعي والاقتصاد المنتج للثروة بصفة عامة هو الأكثر قدرة على خلق مناصب شغل وامتصاص البطالة، داعين إلى منح قروض استثمار لفئة الشباب بدون فوائد، إلى جانب إبرازهم أهمية التقسيم الإداري المنتظر، مؤكدين أن تكثيف عدد الولايات والبلديات هو أحسن وسيلة لتوزيع ثروات البلاد. ومن المطالب التي رافع لصالحها النواب كذلك جاءت مسألة تعزيز إجراءات دعم القطاع الفلاحي خصوصا الزراعات الإستراتيجية مثل الحبوب لتحقيق الأمن الغذائي الذي يعد احد أهم أسس السيادة الوطنية، وأشار هؤلاء إلى وجوب منح تحفيزات إضافية وخاصة لفائدة هذه المحاصيل بغرض تقليص فاتورة الجزائر من الغذاء. ورغم تنويههم بالإجراءات المتخذة في هذا المجال والتي كانت آخرها القرارات المتخذة نهاية فيفري الماضي من قبل رئيس الجمهورية ومن أهمها إجراء مسح ديون الفلاحين إلا أن هؤلاء طالبوا بتعزيز هذه المكتسبات عن طريق تأمين قنوات تصريف المنتجات الفلاحية وتحقيق التكامل و الاندماج بين مختلف مناطق الوطن، كما تمت الدعوة بالمناسبة إلى تدعيم الفلاح بالأسمدة الكيماوية بأسعار معقولة والحفاظ على الطابع الفلاحي للأراضي وعدم تحويلها عن غايتها الأساسية وكذا متابعة الحكومة لسياسة دعم مربي الماشية باعتبارهم يمثلون قطاعا حساسا ترتكز عليه الفلاحة في الجزائر. جدير بالإشارة إلى أن أزيد من 250 نائب بالمجلس الشعبي الوطني مسجل للتدخل في جلسات مناقشة مخطط عمل الحكومة التي من المنتظر أن تستمر إلى غاية يوم غد الأحد وذلك قبل الاستماع إلى رد الوزير الأول احمد أويحيى المقرّر صبيحة بعد غد الاثنين.