يجبر المرشحون للإنتخابات الرئاسية على التصريح بممتلكاتهم عند إيداع ملفات الترشح لدى المجلس الدستوري، وذلك طبقا للمادة 73 من الدستور الجزائري، التي تنص على تصريح المعني بممتلكاته العقارية والمنقولة داخل الوطن وخارجه، وهي المادة التي استحدثت في تعديل الدستور سنة 1996، حيث نجد في الدساتير السابقة شروط الترشح فقط المتعلقة بالجنسية والسن وبالمشاركة في الثورة• كما نجد نفس المادة في القانون العضوي للانتخابات الذي يجبر المرشحين على التصريح بممتلكاتهم، ورغم ذلك فإن التصريح بالممتلكات لا يعدو أن يكون مجرد إجراء شكلي ووثيقة لم ولن تستعمل حتى للتأكد من صحتها من عدمه• وفي هذا السياق، أكد بوبترة علي، أستاذ جامعي في القانون الدستوري وعضو سابق بالمجلس الدستوري في الفترة 1998-2004 أن هذه الوثيقة التي من المفترض أن تستعمل للتأكد من عدم استغلال "الرئيس" عند انتهاء عهدته لمنصبه من أجل الحصول على ممتلكات أو الإثراء غير المشروع ماتزال مجرد "ورقة " توضع في ملف الترشح للانتخابات طبقا لما ينص عليه الدستور والقانون العضوي، المتعلق بتنظيم الانتخابات• وأضاف المتحدث، أمس في اتصال مع "الفجر"، أن استعمال وثيقة التصريح بالممتلكات للغرض المطلوب مرهون بدرجة الديمقراطية والجرأة السياسية المطلوب أن تتوفر في الهيئات التي لها صلاحية التحقيق في صحة التصريح بالممتلكات، موضحا أن الهيئات التي تمتلك هذه الصلاحية هي البرلمان ومجلس المحاسبة وليس المجلس الدستوري، فيما يقتصر تحقيق المحكمة العليا في الأمر على القضايا المعروضة أمام المحاكم• وفي ذات السياق، أكد المتحدث أنه لا وجود لقضايا من هذا النوع في الجزائر والمتعلقة بالتحقيق في الإثراء غير المشروع بعد انتهاء عهدة المسؤولين السامين، معتبرا أن الهيئات المخولة للتحقيق في هذا النوع من الملفات تفتقد للجرأة السياسية من أجل القيام بخطوة تظهر أساسا نسبة الديمقراطية والشفافية الموجودة في مؤسسات الدولة بأكملها• واعتبر الأستاذ بوبترة علي أن لجوء المرشحين إلى عدم التصريح بحقيقة ممتلكاتهم دليل على أن هذه الوثيقة دون أهمية رغم أنها مفروضة قانونا، واستدل بالتصريح بالممتلكات الذي نشره أغلب المرشحين للانتخابات الرئاسية القادمة على صفحات الجرائد، والذي لا يتعدى نصه امتلاك منزل وسيارة، رغم أن القانون يشترط التصريح بكل الممتلكات العقارية والمنقولة داخل الوطن وخارجه بما فيها الأموال المودعة في الحسابات البنكية• وأكد ذات المصدر أن التوصل الى الاستغلال الأمثل لوثيقة التصريح بالممتلكات يكون بفرض نشرها عند انتهاء العهدة أيضا من أجل التأكد من مصدر الثروة والإجابة عن سؤال "من أين لك هذا؟" وهو ما يعد دليلا حقا على وجود ديمقراطية ومكافحة مظاهر الرشوة والفساد، ودليلا أيضا على وجود رقابة سياسية تمارسها الهيئات المخولة لذلك• من جهة أخرى، أكد مصدر قانوني، أمس، في اتصال مع "الفجر"، أن المرشحين ليسوا ملزمين بنشر نص بممتلكاتهم في الصحافة الوطنية مثلما يقومون به حاليا، وهي الوثيقة المطلوبة فقط في ملف الترشح الذي يتم إيداعه لدى المجلس الدستوري، وهو الأمر الذي يعد "إبداعا" فقط من طرفهم، مشيرا إلى أن هذه الوثيقة لن تستغل لا في تحقيقات ولا في أي أمر آخر وهو ما يطرح تساؤلا إن كان الإلتزام بالتصريح الشرفي للممتلكات هدفه الإعلام فقط• وفي السياق ذاته، قال ذات المصدر، إن بعض المرشحين قد يكذبون في "تصريحاتهم الشرفية" المتعلقة بالممتلكات العقارية والمنقولة داخل الوطن وخارجه، جهلا منهم أو فهما خاطئا، ورأى المصدر أنه من الأصوب الالتزام بالكشف عن حقيقة كل الممتلكات بشكل "لا يتهم" المرشح الذي قد يفوز بمنصب رئيس الدولة باستغلال النفوذ والإثراء غير المشروع في حال تقرر التحقيق في ممتلكاته بعد انتهاء عهدته الرئاسية، وهو ما قد يعرضه لعقوبة السجن بتهمة التصريح الكاذب ولكن فقط إذا تغيرت الأمور•