وقالت تومي، في سياق حديثها، إن وزارة الثقافة اقترحت على وزارة المالية مشروعا تمهيديا لتخفيض ضرائب الخواص الذين يستثمرون في قطاع الثقافة، بما في ذلك الاستثمار في النشاط السينمائي الذي يشمل أيضا تطوير وإعادة الاعتبار لقاعات السينما المنتشرة عبر تراب الوطن.. القانون الجديد سيعيد يد الدولة التي رفعت عن القطاع في بداية التسعينيات، ونتج عن كل ذلك تخلٍّ واضح عن القاعات السينمائية التي استولى عليها الخواص، وتحولت بعضها إلى قاعات لعروض الفيديو من الدرجة الدنيا، فيما تم تعيين مديرين من طرف البلديات لإدارة ما تبقّى من قاعات سينما. كما ذهبت بعض البلديات إلى إنشاء دواوين مستقلّة تشرف على تسيير القاعات. وفي هذا السياق تشير مصادر متابعة، إلى أن لجنة الجرد والإحصاء التي نصّبتها سابقا الوزارة من أجل ضبط قائمة دور السينما وإعادة ضمّها إلى وصاية الوزارة، تواجه بعض المشاكل الميدانية في بعض بلديات الوطن؛ خصوصا في العاصمة التي تحتوي وحدها - حسب إحصاءات غير رسمية - على ما يقارب ال 20 قاعة عرض، من بينها 4 قاعات ناشطة. كما أن إصرار بعض المنتخبين المحليين على التمسّك بحق إدارة دور السينما التي أعيد تهيئتها من ميزانيات البلديات، حال دون التسريع في عملية الجرد التي أطلقتها وزارة الثقافة وحددت منتصف السنة الجارية كآخر أجل لتسليم تقريرها. ويعتبر هذا القانون الذي كشفت تومي عنه ل"الفجر"، تجسيدا فعليا لمسودة أولية لقانون جديد للسينما، كُشف عنه قبل ثلاث سنوات واعتُبر حينها أول قانون جزائري يعترف بالنشاط الاستثماري السينمائي الخاص، كما أنه يؤطر عملية تأميم انتقائي لبعض القاعات ذات الصبغة التاريخية ممن استولى عليها، ويضع مرسوما لتصنيف القاعات السينمائية وفق المقاييس العالمية، ويحفظ للأفلام الجديدة تنافسيتها من خلال تحديد تواريخ السماح بالعرض التلفزيوني لأي عمل جديد. للتذكير، فإن القانون السابق للسينما، الذي أقامته الدولة سنة 1968، كان قد أمم الحياة السينمائية إنتاجا وتوزيعا، وفي مقابل تقييده لحريتها وأدلجتها، جاء بمؤسسات وضعت بين يدي المخرجين، حينذاك، إمكانات هائلة، من مخابر تحميض ووسائل إنتاج سينمائي ضخمة.. هذا "التأميم السينمائي الإشتراكي" أنتج وقتها عدة أفلام ناجحة إقليميا ودوليا مثل "وقائع سنين الجمر" للخضر حامينة صاحب السعفة الذهبية، والسلسلة البوليسية "المفتش الطاهر"، بالإضافة إلى عدة أفلام تاريخية كان آخرها فيلم "بوعمامة". إلا أن التشريعات السينمائية الجزائرية راحت تثبت قصورا يعجز عن ملاحقة الواقع المتغيّر، هكذا فقد استُحدِثت ثلاث مؤسسات إنتاجية وتوزيعية كصيغة مؤقتة لضمان انتقال المجموع السينمائي إلى عصر الاقتصاد الحر. وكانت الخاتمة أن حُلت هذه المؤسّسات الانتقالية وأعلنت الدولة استقالتها نهائيا من هذا المجال، فيما وزعت تركة المؤسسات الضخمة من مخابر وكاميرات تصوير حديثة للغاية على عدة جهات، بينها جمعيات أهلية أسسها سينمائيون سابقون.