وأضاف مسعود بلعمبري أن سوق الدواء في الجزائر عرف تذبذبا كبيرا على جميع المستويات، رغم التدابير التي اتخذتها الحكومة، ممثلة في الوزارة المعنية من أجل تنظيم هذا القطاع الحيوي والهام بإصدارها ترسانة من القوانين والأوامر تشجع في مجملها الإنتاج المحلي للدواء لتقليص فاتورة الاستيراد من جهة وتحسين الخدمات الصحية للمواطن من جهة أخرى، لكن ذلك يبقى غير كاف حسب المتحدث، ما أدى إلى تسجيل ندرة في بعض الأدوية الحساسة لدى مختلف الصيدليات في المدة الأخيرة وخلفت قلقا شديدا لدى المرضى، الذين يعانون من الأمراض المزمنة بصفة خاصة التي يتطلب توفرها على مدار السنة، رغم أن وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات كانت اتخذت تدابير لتخفيف ندرة الأدوية من خلال توقيعها على 40 ترخيصا لاستيراد حوالي 30 نوعا من الأدوية الخاصة بأمراض السرطان والتنفس والشرايين• وذكر وزير الصحة وإصلاح المستشفيات، سعيد بركات، خلال توليه رئاسة قطاع الصحة أن "السياسة المنتهجة ستضع حدا للحالة التي يعرفها سوق الدواء" وتبعها بقرار رفع الحظر عن استيراد بعض الأدوية الأساسية، بعد أن تم فرضها فيما سبق، بالرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة لتشجيع الاستثمار المحلي للأدوية الذي لا يلبي سوى 35 في المائة من احتياجات السوق، لقلة المصانع التي تقارب الخمسين وذلك من أجل تخفيف فاتورة الاستيراد التي بلغت حوالي 1•3 مليون أورو سنويا• وأرجع بعض المعنيين بقطاع الدواء في الجزائر وأصحاب الصيدليات سبب الندرة التي يشهدها السوق، إلى "القرارات المتسرعة التي أصبحت تتخذها الوزارة من جهة، واستغناء الدولة عن الصيدليات العمومية• هذه الأسباب جعلت، يضيف، بعض الصيادلة استنجاد الدولة بالمستوردين الذين أثقلوا كاهل الخزينة العمومية واحتكروا سوق الدواء"• واتهم مسعود بلعمبري في اتصال هاتفي مع "الفجر" في رده على سؤال حول المتسببين في ندرة الأدوية التي أقلقت المرضى، بعض المستوردين الذين يحتكرون السوق من خلال الرخص الممنوحة لهم، موضحا في السياق ذاته أن الوزارة الوصية تمنح رخصة لمستورد واحد لعدة أنواع من الأدوية، ما يجعله يحتكر السوق وحده، وهو ما جعل الصيادلة يعبرون عن رفضهم القاطع لهذه القرارات، داعين في الوقت ذاته إلى تنويع المستوردين لخلق تنافس في الأسعار من جهة، ووفرة الدواء على مدار السنة من جهة أخرى• واقترح ممثل الصيادلة الخواص خلال حديثه ل "الفجر" على السلطات المعنية إجراءات يراها المهتمون مخرجا لأزمة الندرة التي أصبح يعاني منها المرضى في كل مرة، وذلك بتشجيع الاستثمار المحلي بطريقة منظمة ومؤطرة مع التشهير بها وتقريبها من المواطن وإشراك الفاعلين في الميدان باستشارتهم والتنسيق معهم وفتح نقاش عام حول مستقبل الصناعة الصيدلانية لإيجاد الحلول المناسبة التي تحفظها من الانفتاح والمنافسة الأجنبية الذي تعرفه هذه السوق• وأوضح مسؤول نقابة الصيادلة أن الصناعة الصيدلانية المحلية لازالت محدودة لانعدام الإمكانيات، رغم القوانين التي أصدرتها وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات في المدة الأخيرة، مشيرا إلى أن قلة الأدوية المنتجة محليا وغياب المخزون لدى بعضهم ساهم في الندرة، التي أصبحت تظهر من حين لآخر، داعيا إلى تمكين المتعاملين المحليين من خلال تقديم تسهيلات وامتيازات مشجعة لدفع الإنتاج المحلي للمنافسة الأجنبية وتخفيض فاتورة الاستيراد• من جهة أخرى، دعا الأمين العام للنقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، الدكتور الياس مرابط، إلى تنظيم أكبر لسوق الأدوية، قائلا "إنه قطاع حساس مربوط بمنظومة صحية وطنية وليس سوق قطع غيار"• وأوضح في اتصال هاتفي مع "الفجر" أن الندرة التي أصبح يعاني منها المرضى في كل مرة ترجع إلى غياب استراتيجية واضحة، تجعل هذه السوق في مأمن من الهزات وذلك من خلال فرض القيود على المستوردين بتوفير الأدوية بصفة دائمة وكذلك بالنسبة للمنتجين المحليين، وأن المستوردين - يضيف المتحدث - أصبحوا يحتكرون سوق الدواء في الجزائر من خلال إحداث هذه الندرة من حين لآخر لتفريغ مخازنهم من المنتوج وذلك بتواطؤ مع بعض المنتجين المحليين•