تشهد الساحة السياسية الوطنية حراكا لم تعرفه الجزائر من قبل يتعلق بمصير العملية الانتخابية في حد ذاتها، ومصداقية النتائج المنبثقة عنها، رغم أن النصوص المنظمة لا تحدد نسبة أو سقفا معينا لنسبة المشاركة، حيث أصبحت المشاركة الشعبية في هذا الاستحقاق الوطني انشغال الطبقة السياسية، المقاطعة منها والمشاركة، وذلك بعد العزوف الكبير الذي عرفته الانتخابات التشريعية الماضية والتي دفعت الجميع إلى فتح نقاش واسع لدراسة الظاهرة من مختلف جوانبها، مع إعادة النظر في سياستها قبل بداية الحملة الانتخابية الرسمية، وأصبح المشاركون يسعون إلى تعبئة المواطنين وتحضيرهم للمشاركة بقوة يوم الاقتراع، في حين أخذ المقاطعون الاتجاه المعاكس، رغم قلة المنادين منهم للمقاطعة الشعبية، ما خلق حملة انتخابية جديدة تهتم بالمشاركة الشعبية في ظاهرة هي الأولى من نوعها في الجزائر• وأكد الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي، ميلود شرفي، أن الجهود المبذولة حاليا تصب في اتجاه التعبئة الشعبية من خلال العمل الجواري بمشاركة جميع فعاليات المجتمع المدني، لرفع نسبة المشاركة• وقال، في اتصال مع "الفجر"، إن "الذي يحدث يعتبر شبه حملة تدخل في إطار تحسيس المواطنين بأهمية المشاركة في الاقتراع"• وأضاف ميلود شرفي أنه استنادا للتقارير التي تصل من مختلف جهات الوطن عن هذه الحملة التحسيسية، فإن نسبة المشاركة ستفاجئ عدة أطراف• ورد على المقاطعين للانتخابات قائلا "هؤلاء المقاطعون فشلوا على مستوى قواعدهم، وسوف يقاطعهم الشعب يوم الاقتراع"• وأوضح من جهته المكلف بالإعلام بحزب جبهة التحرير الوطني، السعيد بوحجة، أن "المشاركة الشعبية القوية في الرئاسيات المقبلة تعطي مصداقية كبيرة لهذه الانتخابات في الداخل والخارج، رغم أن المشرع الجزائري لا يحدد نسبة معينة لقبول أو رفض الانتخابات"• وأبرز المتحدث في رده على سؤال "الفجر" حول التخوف الملاحظ على الطبقة السياسية والسلطة من ضعف المشاركة، أن نسبة المشاركة تقاس على أساس الأصوات المعبر عنها، موضحا أن العمل الجواري يعتبر أحسن وسيلة لتعبئة المواطنين للانتخابات، وهو ما تعتمده الأحزاب السياسية المشاركة في هذا الاستحقاق الوطني• أما مسؤول التنظيم بحركة الإصلاح الوطني، جمال بن عبد السلام، المشارك في الرئاسيات بالمرشح جهيد يونسي، فقد اعتبر أن ما يدور في مسألة التعبئة الشعبية أمر عادي، يحدث عبر مختلف الدول الديمقراطية المتقدمة، وأنه من واجب الجميع العمل على ذلك• وعن سؤال حول مرد هذا الاهتمام الكبير الذي توليه السلطة والمرشحون، أوضح في حديثه ل "الفجر"، أن ذلك مرتبط بشكل كبير بمستقبل الجزائر، وأنه رغم عدم تحديد المشرع الجزائري لنسبة معينة لقبول أو رفض النتائج الانتخابية، إلا أنها تعتبر من أهم الركائز التي تعطي مصداقية للرئيس المقبل• وقال "إن ارتفاع نسبة المشاركة الشعبية في الرئاسيات المقبلة يعطي شرعية للرئيس القادم في الداخل قبل الخارج، بغض النظر عن اسم الفائز وانخفاضها يطعن في شرعيته"• وأضاف المتحدث أن "منصب رئيس الجمهورية يمثل الدولة الجزائرية في الخارج، لذا فمن الواجب على الطبقة السياسية العمل على إعطاء الشرعية والمصداقية اللازمة لفرض الاحترام لهذه الدولة أمام العالم كله، وقال "أصبح المقاطعون يستعملون هذه الورقة للضغط على السلطة لقضاء مصالح حزبية ضيقة على حساب الوطن ومصالحه العليا، وكانت المشاركة بتقديم البدائل أولى بدلا من الدعوة للمقاطعة التي لم يجن منها الشعب الجزائري إلا المآسي"•