أعلن وزير الداخلية والجماعات المحلية، يزيد زرهوني، أمس، أن نسبة المشاركة في رئاسيات أول أمس فاقت التوقعات التي راهنت عليها عدة أطراف، بعدما بلغت أكثر من 74 بالمائة، وأن عدد الناخبين وصل إلى ما يفوق 15 مليون ناخب، من مجمع هيئة ناخبة تقدر بحوالي 20 مليون ونصف المليون• عرفت رئاسيات 09 أفريل 2009 حراكا سياسيا خاصا لدى فئة معينة من الطبقة السياسية الوطنية، أطلق عليها دعاة المقاطعة، التي عملت منذ تعديل الدستور في نوفمبر 2008 على إيصال رسالتها المعارضة لعودة الرئيس بوتفليقة، ولفتح العهدات الرئاسية، ومن ثمة دون استشارة شعبية وعبر استفتاء برلماني يمثله نواب غير شرعيين بعد الانتخابات التشريعية التي أربكت السلطة، بعد أن بلغت نسبة مشاركة المواطنين فيها أدنى مستوياتها، والتي فتحت أبواب الطعن في شرعية ومصداقية المؤسسات الدستورية للمعارضة على اختلاف توجهاتها، مخلفة فوضى في تفسير وإقناع الرأي العام الوطني والدولي بما جرى من قبل السلطة، معتبرة ذلك أمرا عاديا يحدث في الدول الغربية الديمقراطية، مستدلة بنسب انتخابات جرت بها كفرنسا• وهو ما استغلته المعارضة، التي ازدادت حدة في دعوتها لمقاطعة رئاسيات أول أمس، مباشرة بعد الإعلان عن تنظيمها، معتبرة الفئة الصامتة والعازفة عن التصويت ملكا لها، ما جعل السلطة تتفطن بعد الارتباك وتدخل الحلبة لقطع الطريق أمام من أسمتهم بالمناوئين والمتلاعبين والمحتقرين للشعب الجزائري، معتمدة عدة حلول وطرق لبلوغ الهدف، المتمثل في رفع نسبة المشاركة ليوم 09 أفريل، وإعطاء مصداقية لمنصب رئيس الجمهورية، القاضي الأول في البلاد، قبل الحديث عن اسم الفائز، فضلا عن اقتحام منطقة القبائل وكسر انعزاليتها، لعدة اعتبارات داخلية وخارجية ومستقبلية، حسبما ذكرته مصادر سياسية وطنية مهتمة بالوضع• واعتبرت ذات المصادر أن رئاسيات 09 أفريل تبقى نتائجها عالقة في أذهان الأطراف التي دعت إلى المقاطعة، بعد الفشل الذريع الذي عرفته حملتهم في تعبئة من سار في طريقهم من جهة، وإسقاط ما كانت تروج له من أن الفئة الصامتة محسوبة لصالحهم، على اعتبار أن المراقبين الدوليين، على اختلاف التنظيمات التي يمثلونها والصحافة الأجنبية المكتوبة والمرئية التي حضرت الحدث الوطني، سارت كلها في تقاريرها وتحاليلها في فلك السير الحسن لعملية الاقتراع، وأن النتائج المعلنة أمس من قبل وزير الداخلية والجماعات المحلية معقولة وعادية، حسبما ذكر الجميع• وأضاف يزيد زرهوني أن ولاية تيزي وزو بلغت بها نسبة المشاركة حوالي 30 بالمائة، وولاية بجاية 29 بالمائة، ولاية البويرة 66 بالمائة، ولاية بومرداس57 بالمائة، وهي نسب مخيبة لآمال دعاة المقاطعة في معاقل يدّعون احتكارهم لها• وذكر متابعون للساحة السياسية الوطنية أن دعاة المقاطعة جنّ جنونهم مع نهاية الحملة الانتخابية لهذه الرئاسيات، بعد الانتصار المحقق من طرف كل المرشحين الذين نظموا مهرجانات وتجمعات بمنطقة القبائل، التي راهنوا عليها لإضعاف نسبة المشاركة والتأثير على مصداقية القاضي الأول في البلاد• وما التصرفات التي قام بها حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، بعد أن أعلن عن تجميد نشاطه في وقت سابق، واستبدل الراية الوطنية على مقراته بقطعة قماش سوداء عند نهاية الحملة الانتخابية، ما دفع الجميع إلى استنكار التصرف واعتبره الجزائريون مساسا برموز الوطن، وخلقت تصادما بينه وبين غريمه جبهة القوى الاشتراكية، من شدة الارتباك الذي أصاب دعاة المقاطعة، بعد فشلهم في دعوتهم• وأفرزت نتائج انتخابات 09 أفريل 2009 انهزام الإسلاميين على اختلافهم، كطرف كان يراهن كذلك على قواعده الخلفية المزعومة، بعد الفشل الذريع للمرشح جهيد يونسي، الذي راهن على الدور الثاني وإحداث المفاجأة• واعتبرت مصادر ذات صلة بملف ممارسة الإسلاميين للسياسة أن المرشح جهيد يونسي عكس الحالة التي أصبح يعانيها التيار الإسلامي بعد الاختلالات والتصدعات التي عرفتها مختلف تنظيماته وحركاته والتصدع الذي ساده من قبل، ومن المنتظر أن تزداد تأزما بعد الرئاسيات، تركت حرجا كبيرا ونفورا عند الإسلاميين دفع إلى تغيير نظرتهم نحو عدة وجهات، معتبرين ما تقوم به حركة مجتمع السلم في ممارستها السياسية أفضل من غيرها من الإسلاميين، خاصة بعد نزول عدد كبير من المسلحين من الجبال واستعداد بعض الباقين لاتباع نفس النهج، في واحد من التغييرات الذي أصبح يطبع عقلية وفكر فئة الإسلاميين• وأضافت ذات المصادر أن التيار الآخر الذي نادى بالمقاطعة في هذه الرئاسيات المكون من القياديين السابقين للحزب المحظور الذي نادى بالمقاطعة عبر مختلف الوسائل المتاحة، من الجزائر ومن الخارج، لم تلق آذانا صاغية داخل الجزائر، ومن الجهة الأخرى الإرهابيين قائدهم دروكدال، الذي يدعي تزعمه لتنظيم ما يسمى ''القاعدة في المغرب الإسلامي''، الذي دعا الجزائريين لمقاطعة الانتخابات الرئاسية عبر بيانات على شبكة الإنترنت، ورغم ذلك فلا وجود لدعوته في الميدان، حيث عرفت هذه الفئة بشقيها انحطاطا لا مثيل له في حساباتها واستراتيجيتها• نتائج رئاسيات أول أمس أثبتت أن هذا الشعب لا يجر من الأذن في كل وقت، وسقطت كل حسابات دعاة المقاطعة السلبية دون تقديم بدائل حقيقية ومعقولة ومعروفة البداية والنهاية للمواطن، الذي سئم من الانتقاد الذي لا يقدم ولا يؤخر في شيء، لدرجة أن بعض الشخصيات استعملت القنوات الفضائية الخارجية للطعن في بعضهم البعض، وهو ما اعتبرته عدة شخصيات وطنية وإسلامية أن هذه الانتخابات خلقت طبقة سياسية جديدة منحطة تستخدم اللفظ البذيء تخدش في الأمور الشخصية، وتعبر بشكل وآخر عما وصلت إليه الممارسة الديمقراطية الجزائرية، وطبقة سياسية رفضت التحدث والمشاركة في هذه الفترة معتزلة السياسة لعدة اعتبارات وأسباب موضوعية• وأجمعت عدة مصادر أن رئاسيات 09 أفريل 2009 سيكون لها وقع على أطراف حاولت الرهان على حساب الشعب والوطن، ونتائجها تعتبر للذين يتلاعبون بمصير الأمة ودعاة المقاطعة، صفعة قد تسقط عدة وجوه وتغير عدة معطيات، بما فيها الواجهة السياسية، وأن الظروف الداخلية والخارجية التي تمر بها الجزائر تساهم بشكل كبير في التوجه نحو تغيير نادت به عدة أطراف•