في البداية، نود سيدتي، لو تعطي لنا نبذة عن مشوارك الأدبي والسياسي؟ أنا امرأة كونغولية إفريقية، حاولت أولا، التخلص من القيود التي تكبّل المرأة ومن ثمّة الإنسان الإفريقي• ولدت في ''التسوية'' وكنت من النساء القلائل اللائي كان لهن الحظ في مزاولة الدراسة سنوات الخمسينيات•• تقلّدت عدة مناصب في الكونغو، لعل أهمها حملي لحقيبة وزارة الثقافة لمدة تزيد عن 5 سنوات•• وعن مشواري الأدبي الذي لازم نضالي السياسي فقد كتبت ''وزن القبيلة'' الذي كان محاولة تعريف الكونغو للعالم الخارجي وهذا من خلال الكتابة الخالدة لعضو اتحاد الطلبة ''ماتسو كوتا لازار مع إفريقيا السوداء• الأدب الإفريقي، أدب حامل لكثير من التميز أسلوبا وطرحا، ما هي أسباب ذلك في رأيك؟ إفريقيا متميزة بوجودها الحضاري وبتاريخها، فعلى أرضها شيّدت أهم حضارات العالم ولا داعي لذكرها لأن ما يهمنا الآن هو وجود إفريقيا الحالي سياسيا، اقتصاديا وثقافيا، فالأدب الإفريقي وعلى حداثته باعتبار ظهوره كان في بداية القرن العشرين، خطى فعلا خطوات كبيرة ولعل الأسماء الإفريقية التي زيّنت سماء الأدب العالمي والتي تحصّلت على أهم الجوائز الأدبية في العالم لأحسن دليل على المستوى الكبير الذي وصل إليه الأفارقة في كتاباته شعرا ونثرا، وصحيح أن الأدب الإفريقي فيه الكثير من التميز سواء في الطرح كون الواقع الإفريقي مختلف عن الواقع الأوروبي، الأمريكي والآسيوي وهذا ما جعل من الأدب الإفريقي اكتشاف جديد في العالم وأصبح شيئا فشيئا يجد له مكانته المستحقة في الأدب العالمي وفيما يخص الموضوعات المطروحة عموما في الأدب الإفريقي فإنه لا يختلف عن المواضيع التي تطرح في سائر الآداب لكن له خصوصية الأسلوب كون الكتابة الإفريقية كتابة ذات قطبين، قطب الثقافة النابعة من الواقع الإفريقي وقطب اللغة المستخدمة وهي لغة المستعمر سواء البرتغالية، الفرنسية أو الإنجليزية وفي حالات نادرة يلجأ الكتّاب الأفارقة إلى استعمال اللهجات المحلية في رواياتهم، ولكن بأحرف لاتينية• ما هي أهم العوائق التي تكبّل ازدهار الأدب الإفريقي؟ المشكلة الأساسية التي تعاني منها البلدان الإفريقية خاصة منها جمهورية الكونغو الديمقراطية هي المكانة المعطاة لقطاع الثقافة وبالتالي للإبداع والأدب• وكوني وزيرة للثقافة في بلدي لمدة قاربت الخمس سنوات من 1997 إلى 2002 فقد كان الغلاف المالي المخصص للوزارة من بين أضعف الأغلفة في كل القطاعات الأخرى، ما يعني أن حكّامنا لم يتفطّنوا بعد إلى أن المشكل في الأساس هو مشكل ثقافي وليس سياسي ولا اقتصادي• ومتى استطعنا إعطاء الثقافة مكانتها المستحقة استطعنا لحد كبير التخلص من مشاكلنا• وما هو رأيك في وضع قطاع الثقافة في الجزائر؟ تحدثت مع وزيرة الثقافة ببلدكم، خليدة تومي، وأخبرتها أن لها فعلا حظ كبير، لأنها في بلد أعطى للقطاع الذي تشرف عليه الإمكانيات المادية الكبيرة وهذا ما يجب استغلاله بالشكل المثمر الذي يعود بالقطاع ومن ثمّة صورة الجزائر بالأحسن في الخارج، وهذا ما لاحظته جليا خلال زيارتي هذه إلى الجزائر، خاصة وأنها الزيارة الثانية بعد 1969 حين كانت مؤسسات الدولة الجزائرية آنذاك فتية؛ فجزائر اليوم فعلا مختلفة عن جزائر ,1969 لكن تبقى هنالك تحديات أخرى أمام هذا القطاع الحسّاس في الجزائر• في رأيكم، هل توجد رقابة على الأدب في إفريقيا، وإن وجدت هل استطاعت أن تحدّ من انتشاره ؟ لا أعتقد أن مشكل الرقابة مطروح بشكل كبير في إفريقيا، لسببين أساسيين، أولا لأن معظم الكتّاب الأفارقة يلجأون إلى دور النشر الأجنبية لنشر إبداعاتهم كون معظم الدول الإفريقية لا تحتوي على دور نشر محترمة باستثناء بعض الدول، وأعتقد أن الجزائر في صدارة الدول الإفريقية التي تحتوي على دور نشر عديدة ما يفتح آفاق أوسع للكاتب لنشر إبداعاته، وهذا الشيء مفقود بشكل كبير في الكونغو؛ حيث لا تحتوي الكونغو إلا على دور نشر معدودة على أصابع اليد وهي تابعة للحكومة أي أن الأديب الكونغولي ليس له إلا خيار النشر في الخارج• والعامل الثاني الذي يجعل من مشكل الرقابة غير وارد هو أن جميع الكتّاب الأفارقة المعارضين للسلطة والذين يخافون من الرقابة يتخذون من الخارج منفى لهم للتحرر من جبروت وديكتاتورية الحاكم• هل يمكن أن نقول إن الحركة النقدية في إفريقيا حركة نشيطة وعامل في تطويرها؟ حال الحركة النقدية الإفريقية حال الحركة الأدبية نفسها، فلا وجود لمتابعة جدّية من طرف أقلام أدبية يمكن التعويل عليها لمعرفة ماهية الأدب الإفريقي ويكون مرآة عاكسة، وإضافة إلى مشكل المتابعة، هناك مشكل كفاءة الناقد في حد ذاته، فالكاتب عموما يتقبّل النقد عندما يكون من ناقد له كفاءته وباعه، مع ذلك فإن النقد عامل كبير في تطوير الحركة الأدبية ولو بشكل متفاوت بين البلدان الإفريقية فبين مصر مثلا والكونغو هوة تشبه بعد السماء والأرض فمصر فعلا تعتبر رائدة في النقد الأدبي حيث تحس بأن هنالك حركة أدبية ونقدية كبيرة وهذا ما جعل الكتابة المصرية تمتاز بالكم والنوع• أخيرا هل يمكن للأدب الإفريقي اعتلاء المنصة العالمية؟ الأدب الإفريقي موجة قوية ومتميزة، ولعل الكتّاب الأفارقة الذين سطع نجمهم دليل على قدوم هذه الموجة إلى شاطئ الأدب العالمي بكل ثقة•