مدينة رابيديوم ونظرا لموقعها الاستراتيجي الهام كانت نقطة التقاء كل طبقات المجتمع بالإضافة إلى أنها كانت تعد مدينة عسكرية، ما جعل المستعمرين الرومان من أهم مرتادي هذه المدينة• بنيت فيها العديد من القرى الفلاحية وسكنها البربر والرومان الذين عاشوا حكما عسكريا، وإلى جانب البربر والرومان الذين أقاموا في رابيديوم، نجد قبائل الكوهوز وصارادوم والراتركوم، وهو ما أكدته الكتابات التاريخية التي عثر عليها بذات المدينة• في العام167م أحاطها السكان وحكام المدينة بالحجارة الضخمة التي بلغ ارتفاعها أربعة أمتار• وللمدينة 3 أبواب أهمها الباب الشمالي الذي عثر به على الكتابة التي تحمل وتذكر اسم رابيديوم• تتكون المدينة من خمسة أحياء متصلة فيما بينها بأبواب صغيرة، يفصل بين كل حي والحي الآخر أسوار صغيرة، وشيّد على السور الذي يفصل القسم الشمالي على الجنوبي بروج رباعية الشكل• هذه المدينة الأثرية كانت تتزود بالمياه من منبع مائي يبعد عنها بمسافة 2 كم، تجلب بواسطة قناة مبنية بالحجارة ومغطاة حتى لا تكون عرضة للعوامل الطبيعية• وتوجد بالجهة الغربية للمدينة مقبرة تحتوي على بقايا من الشواهد الزخرفية وآثار كتابات خطت على الأضرحة والقبور• عمليات التنقيب والبحث التي جرت في رابيديوم أقيمت في أواخر القرن التاسع عشر عدة أبحاث وحفريات وصل عددها إلى 19 بحثا، أبرزها بحث شاريي ما بين 1908 و1917 وكذلك البحث الذي قام به سيفي فالفاليي ما بين 1925 و1931، بالإضافة إلى لوفالي بين سنتي 1949 و1953 والذي من خلاله توصل إلى تحديد أربعة أبواب وممر مركزي محاط ببرجين رباعيين المعلم رابيديوم يقاوم الاندثار والزوال أهمل موقع رابيديوم تماما على مر الزمن• ففي الحقبة الاستعمارية شيد مقلع للحجارة بجانب المعلم التاريخي، كما استخدمت الحجارة الموجودة داخل الموقع في تعبيد الطريق الرابط ما بين السوافي وسور الغزلان• أما بعد الاستقلال فاستمرت المدينة تقاوم الزوال، حيث أصبحت عرضة لاعتداءات السكان إذ اختفت الكثير من الآثار والأحجار الكبيرة النادرة، رغم أن تصنيف رابيديوم كمعلم تاريخي وطني يعود إلى العام 1968م• كما أدرج في قائمة التراث الوطني وبذلك أصبح تابع للوكالة الوطنية للآثار لكنه بقي دون اهتمام وحماية• وفي هذا الصدد وحرصا منها على المحافظة على المعالم التاريخية وإعادة الاعتبار لها قامت مديرية الثقافة لولاية المدية سنة 2004 بمباشرة أشغال ترميم المدينة وتسييجها وتعيين حارس يشرف عليها، فرابيديوم اليوم يعد قطبا سياحيا يدعو الزوار لاكتشافه• وبالرغم من الجهود التي بذلت من أجل الكشف عن أسرار هذه المدينة الرومانية إلا أنها تبقى تحتفظ بأسرار كثيرة، ويبقى على المختصين وعلماء الآثار البحث والتنقيب في هذا المعلم التاريخي لعلهم يفلحون فيما فشل فيه الآخرون•