تحولت ليالي سكان عنابة، منذ إعلان نتائج البكالوريا، إلى فضاء رحب للرقص على أهازيج الطبول والزغاريد التي دوت عالية في سماء بونة الجميلة، وأصبحت الولاية لا تنام حتى الساعات الأولى من صباح كل يوم، لأن الإحتفالات بالبكالوريا بعنابة لها نكهة خاصة بعد أن أصبحت تزاحم الأعراس التي تطبعها عادة الزرنة والفقيرات و''ديسك جوكي''•• وتزينت مقامات ورأس الحمراء وسيدي منور، وزاوية سيدي ابراهيم بن تومي بالأنوار المتلألئة والأشكال الهندسية المستوحاة من الفتوحات الإسلامية بالأندلس، وذلك لإقامة الزردة أو الوزيعة، والزردة عند أهل بونة هي إقامة زردة العرش في حالة ما تحصل الأبناء على شهادة البكالوريا، وتتضمن الوعدة ذبح كبش وإعداد مأدبة كل على حسب مقدوره، ويكون الطبق الغالب هو الكسكسي، حيث أكدت لنا بعض النسوة أنهن تجتمعن لإعداد الكسكسي أما الرجال فمهمتهم ذبح الشاة، في حين يتكفل الأبناء الناجحون في البكالوريا لجمع الحطب للموقد•وخلال الرحلة التي قادتنا إلى عنابة المحروسة، وقفنا على مشاهد كثيرة لعائلات تحج كل سنة إلى مقامات رأس الحمراء التي تحتوي على 99 وليا صالحا، وتعود تسميتها حسب شيخ الزاوية على هجرة بني الأحمر من الساقية الحمراء ووادي الذهب إلى عنابة، حيث تشعل الشموع والبخور والعنبر وذبح ديك، تعبيرا عن فرحة الأبناء بالبكالوريا باعتبارها تأشيرة الدخول للجامعة• وهناك من الأولياء من يذهبون إلى مقام لالا رحيلة من أجل اشتعال شمعة قبل الإنطلاق في هذا الإمتحان المصيري من أجل الرحيل من مرحلة الثانوية إلى الجامعة• أما في بيت القايد توجد طحطاحة كبيرة تقام فيها الأعراس بالفقيرات مرفوقة بحفلات العيساوة، أوما يسمونها ساعات من التحلي والذكر والتقرب من الله يشكره على نعمه• أما نقطة التقاء الأعراس بالإحتفالات بالبكالوريا تكمن في التصديرة العنابية، حيث تتصدر الإبنة الناجحة بالألبسة التقلدية تشرف على تزيينها الماشطة حيث تتصدر''الشوشنة'' و''الولالة'' جهاز العرس الخاص بالبكالوريا، وينشط السهرات ''ديسك جوكي''، مرفوقة بالعصير وآيس كريم وأنواع أخرى للحلويات التقليدية مثل المقروض العنابي، عروس ''الصينية'' بعنابة، بالإضافة إلى طبق الرفيس واللبن والحليب الرائب• كل هذه اللواحق تزين مائدة أفراح البكالوريا، حيث تقدم الهدايا بمختلف أشكالها وأنواعها انطلاقا من الورود إلى ''البورتابل''•