ظهر ذلك جليا بعد دخول الفيلم أول أمس، منافسة الأهفار الذهبي، بمهرجان الفيلم العربي، بعد مد وجزر، كاد أن يتسبب في منع عرضه في مسابقة المهرجان، وكان مخرج الفيلم أحمد راشدي قد صرّح ل"الفجر"، قبل أيام، حول إمكانية تعرض الفيلم إلى إعادة نظر سياسية، قائلا: "رئيس الجمهورية شخصيا قال لي إن فيلم مصطفى بن بولعيد، صحيح سياسيا''• مضيفا أن "الفيلم لم يتعرض لأية تصحيحات سياسية"• وعلى عكس ما صرّح به راشدي، خرج فيلمه على جمهور المهرجان مبتورا من بعض المشاهد الحساسة التي كانت مدرجة في النسخة الأصلية للفيلم، والتي حضر عرضها الأول في قاعة الموفار، قبل أشهر، رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفيلقة، ثم عرضت بعدها في مهرجان دبي السينمائي وحوالي أربع ولايات جزائرية منها باتنة ووهران•• ومن أهم المشاهد المبتورة في نسخة أول أمس، مشهدٌ مع نهاية الفيلم، يصور انسحاب أحد رفقاء الشهيد، من منطقة مكان تواجد بن بولعيد، ثوان فقط، قبل وقوع انفجار كبير تسبب في مقتل بن بولعيد ومن معه، وقبل أن ينسحب الرجل تحجج لرفقائه بأنه متوجه لقضاء بعض الحاجات•• هذا المشهد المبتور الذي كان واردا في النسخة السابقة، والذي وقّع به راشدي إشارة ضمنية لفرضية المؤامرة، يكون قد أثار حفيظة الجهات الرسمية، التي تؤكّد دائما على تثبيت فرضية اغتيال بن بولعيد من طرف الجيش الفرنسي بعد تلغيم جهاز إرسال عسكري، وإيصاله بطريقة غير مباشرة إلى مكان تواجد بن بولعيد ورفقائه في بيت جبلي بعيد• في السياق ذاته، كان راشدي قد صرح في حوار له مع "الفجر" أيضا، أن فيلمه الذي تقرر في آخر لحظة إدخاله في مسابقة المهرجان، سيعرض دون تغييرات كثيرة، باستثناء بعض المقاطع الطويلة التي تصوّر أحداث هروب بن بولعيد ورفاقه من سجن ''الكدية''، لكن هذه التغييرات التي تحدّث عنها راشدي لم تحدث أصلا فبقي مشهد الهروب طويلا ومملا، لم تتخلله أية مشاهد خارجية أخرى، وهو الأمر الذي ترك انطباعا سيئا عند أغلب النقاد والمختصين في السينما الذين شاهدوا الفيلم لأول مرة في وهران• أحمد راشدي أضاف مع نهاية الفيلم مشهدا جديدا لم يكن في النسخة الأصلية يصوّر فرحة أطفال مدرسة حاملين لأعلام وطنية، وهاتفين بأغاني للشهداء• في سياق آخر تباينت ردود فعل بعض من شاهدوا فيلم مصطفى بن بولعيد في ثوبه "شبه الجديد"، فمنهم من اعتبره تأريخا سينمائيا لبطل من أبطال الجزائر، يستحق التنويه ومنهم - وهم كثيرون - من أكّدوا على أن أحمد راشدي سقط في مطبّ أكبر مشروع سينمائي في تاريخ السينما الجزائرية، وأن فيلمه المذكور لم يكن بمستوى ما حظي به من تمويل رسمي من طرف خزينة الدولة الجزائرية•