في الذكرى الواحدة والستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يقف الحقوقيون لتقييم الوضع في الجزائر وهم يعترفون بالإيجابيات والنقائص على حد سواء، ويطالبون السلطة ببرنامج خاص يساهم في ترقية الحقوق والحريات التي عززت على مستوى التشريع في الدستور والقوانين الأخرى، ولكن واقعيا مازالت تشوبها نقائص عدة• وقد تقاسم رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، مصطفى بوشاشي، ورئيس رابطة حقوق الإنسان، بوجمعة غشير، الرأي حول ضرورة التعجيل برفع حالة الطوارئ ، التي أقرت منذ 17 عاما لأسباب لم تعد قائمة، أو خفت درجة المخاطر التي دفعت إلى اعتمادها قبلا، من باب اعتبارها أكبر العوائق التي تقف في وجه ترقية حقوق الإنسان في الجزائر، في حين لم نتمكن من الاتصال برئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان، مصطفى فاروق قسنطيني• واعتبر مصطفى بوشاشي أن الحقوق والحريات في الجزائر ليست بخير لأن هناك مساسا بالحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية للمواطن، وقال أمس في اتصال مع ''الفجر'' إن الحقوق والحريات بحاجة إلى تثمين وذلك بالتزام القائمين على السلطة باحترام هذه الحقوق• وتأسف المتحدث على أن السلطة القضائية بصفتها الضامن لحقوق الإنسان لم تعد كذلك بسبب تبعيتها وخضوعها للسلطة التنفيذية، وهو ما انجر عنه المساس بالحقوق والحريات للمواطن الجزائري، واستدل المتحدث في السياق بتمسك السلطة بقرار منع اعتماد أحزاب وجمعيات، كما أن حالة الطوارئ استغلت فقط لتقييد نشاط المعارضة السياسية، وأصبح العمل السياسي مقتصرا على أحزاب الموالاة• وأضاف الأستاذ بوشاشي أن الحجة التي تتمسك بها السلطة في الإبقاء على حالة الطوارئ، وهي الحجة الأمنية، لم تعد قائمة، بما أن السلطة تعترف بانتهاء الإرهاب وعودة الاستقرار• ويرى بوشاشي أن المجتمع المدني مطالب بأن يهب من أجل رفع حالة الطوارئ والعودة إلى الوضع الطبيعي بما أن الدولة، حسبه، تتصرف خارج القانون بإقرارها حالة الطوارئ وتنظيم انتخابات عديدة ومختلفة، وهو ما يتعارض وما تنص عليه التشريعات في هذا الشأن• ولخص مصطفى بوشاشي قوله بأن الحريات والحقوق في الجزائر في تراجع مستمر، وأن الهوة كبيرة بين ما ينص عليه الدستور والتشريع في حماية الحقوق والحريات، وبين ما هو موجود على أرض الواقع• من جهته، اعتبر بوجمعة غشير أن حقوق الإنسان عرفت تقدما متواضعا في الجزائر، وأن ترقيتها تتطلب أولا رفع حالة الطوارئ، ثم وضع برنامج تنمية استعجالي يمكن المواطن من الحصول على حقه في العمل والسكن والرعاية الصحية، وهو ما ليس متوفرا للجميع حاليا• وأوضح المتحدث أمس في اتصال مع ''الفجر'' أن التقسيم غير العادل للثروات يمس بحقوق الجزائريين المضمونة دستوريا، واستدل غشير بوجود مواطنين يتقاضون 35 مليون سنتيم شهريا، وآخرون لا يحصلون سوى على الحد الأدنى من الأجر القاعدي المضمون• وعن الرعاية الصحية، قال غشير إنه لم تعد حقا لكل الجزائريين، بما أن هناك مستشفيات أخطر على صحة المواطن من المرض الذي يعاني منه بسبب افتقارها للوسائل المادية المطلوبة للتكفل بالمرضى، كما أن هناك أسرا اضطرت إلى حرمان أطفالها من التمدرس بسبب عجزها عن توفير الأدوات أو الألبسة ومصاريف النقل• أما عن الحقوق السياسية، فقد أكد بوجمعة غشير أنها تراجعت مقارنة مع بداية اعتماد التعددية السياسية والإعلامية بسبب العراقيل التي تضعها السلطة في وجه الأحزاب والصحافة، معتبرا أن أفضل ما يمكن فعله حاليا لإقامة دولة ديمقراطية هو ضبط برنامج تنمية وفتح المجال أمام المعارضة•