يمثل يوم حقوق الإنسان إيذاناً ببداية احتفال يمتد عاماً كاملاً بالذكرى السنوية الستين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والفكرة الرئيسية لعام 2008 هي ''الكرامة والعدل لنا جميعا''، مما يعزز رؤية الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كالتزام بالكرامة والعدل للجميع. فهو ليس ترفاً أو قائمة أمنيات، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقيمه الأساسية، وهي كرامة الإنسان المتأصلة، وعدم التمييز، والمساواة، والعدل، وشمول الجميع، تنطبق على كل شخص أينما كان ودائماً. والإعلان عالمي ودائم ومفعم بالحيوية، وهو يتعلق بنا جميعاً. ولقد كان الإعلان منذ اعتماده عام 1948 ومازال مصدراً لإلهام الجهود الوطنية والدولية الرامية إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية ويتمثل عنصر أساسي في حماية حقوق الإنسان في معرفة وفهم الناس على نطاق واسع لحقوقهم وكيفية الدفاع عنها. والإعلان متاح الآن بأكثر من 360 لغة وهو أكثر وثيقة تُرجمت في العالم، مما يمثل شاهداً على طابعه ومداه العالميين. في الذكرى الستين للإعلان العالمي ... يوم حقوق الإنسان، الكرامة والعدالة للجميع جاء احتفال العالم بذكرى مرور ستون عاما على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لتختتم الأممالمتحدة حملتها التي امتدت على مدار عام تحت شعار ''الكرامة والعدالة لنا جميعا''، وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعلن بدء حملة تمتد عاماً كاملاً يشارك فيها جميع أعضاء أسرة الأممالمتحدة وصولاً إلى الذكرى السنوية الستين لميلاد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهي يوم حقوق الإنسان لعام 2008 ، ويحتفل المجتمع الدولي بالإعلان العالمي الصادر عام ,1948 كل عام في العاشر من شهر ديسمبر، وقد بدأ الاحتفال به رسمياً اعتباراً من عام 1950 بعد أن اعتمدت الجمعية العامة القرار الذي دعت فيه جميع الدول والمنظمات المهتمة بالأمر إلى اعتماد هذا اليوم من كل عام بوصفه يوم حقوق الإنسان، و يرسي الإعلان العالمي مجموعة واسعة النطاق من الحقوق والحريات البشرية الأساسية، ويشكل أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان، وفي ظل الاحتفال بالذكرى الستين للاعلان العالمي لحقوق الانسان، يدعو خبراء حقوق الإنسان محليون إلى إعادة تأسيس لمفاهيم ولحركة حقوق الإنسان على المستوى العالمي بحيث تستوعب مستجدات العصر الحديث، وعنوانها الأبرز العولمة بمختلف جوانبها وميادينها. ودعوا إلى ترسيخ ثقافة وتعليم حقوق الإنسان، عبر المناهج التعليمية المدرسية والجامعية والبرامج الثقافية، وتعزيز دور وزارة الثقافة في هذا الجانب من خلال إدخال ثقافة حقوق الإنسان ضمن نشاطاتها وبرامجها، وتوجيهها نحو تعميم حقوق الإنسان لدى فئات المجتمع وتوعيتهم بها، ليكون الجميع محامي دفاع عنها. وأعربوا عن أملهم أن نصل إلى الاحتفال بالذكرى بالعام القادم ونكون قد حققنا رؤية جلالة الملك بقوانين وطنية تترجم المبادئ الحقوقية الدولية. ووجه الخبراء تساؤلا إلى المجتمع الدولي فيما إذا تمكنوا من تطبيق الشعار الذي رفع من بداية العام الحالي ولغاية العاشر من الشهر الجاري، بعنوان ''الكرامة والعدالة لنا جميعا''، ويرون أنه في ذكرى صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ابتعدت الإنسانية أكثر فأكثر عن حقوق الإنسان كما أرادها واضعوا الإعلان عام .1948 الاعلان العالمي لحقوق الانسان .. الجذع الذي تولدت عنه عشرات المواثيق والإعلانات الدولية احتفلت حركة حقوق الإنسان العالمية هذه السنة بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي سنته الجمعية العامة في العاشر من ديسمبر ,1948 لنذكر أن هذا النص، الذي لا يتجاوز صفحتين بديباجته ومواده الثلاثين الضامنة للحقوق الفردية والسياسية والاقتصادية الاجتماعية، هو أول وفاق عالمي قاطع للثقافات والعقائد والأنظمة السياسية حول الحقوق الدنيا التي يجب أن يتمتع بها كل آدمي يعيش على سطح هذه الأرض، وهو الجذع الذي تولدت عنه عشرات المواثيق والإعلانات منها العهدان الدوليان للحقوق السياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية عام 1967 والمعاهدة الدولية ضد التعذيب عام ,1984 ثم إعلان حقوق الطفل عام ,1991 حتى النصوص الإقليمية مثل الميثاق الأفريقي أو الإسلامي أو الأوروبي لحقوق الإنسان ليست إلا زيادة أو نقصانا تدور في فلك الوثيقة المؤسسة، وهو مرجعية وكالات الأممالمتحدة التي تعنى بمتابعة إعمال هذه الحقوق من طرف الدول الأعضاء، ناهيك عن منظمات المجتمع المدني على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي والتي جعلت منه الرابط الفكري، الذي يجمع بين نشطاء منظمة العفو الدولية ، والأهم من هذا كله أننا أمام نص يطمح ليكون أول مشروع مشترك للبشرية. ذلك ما يتضح من الديباجةالتي جاء فيها : ''بأن الجمعية العامة تنشر على الملأ هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بوصفه المثل الأعلى المشترك الذي يجب أن تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم، ليسعى جميع أفراد المجتمع وهيئاتهم، واضعين هذا الإعلان نصب أعينهم على الدوام ومن خلال التعليم والتربية، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات، ويكفلون بالتدابير المطردة الوطنية والدولية الاعتراف العالمي بها ومراعاتها الفعلية''، هذا ما يمكننا من القول إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو المشروع العالمي لتحقيق الإنسان. ما الذي تحقق لحد الآن من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ؟ يقول الخبراء انه من الصعب جدا تقييم مشروع الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، حيث يتسم بتعدد المستويات (الأخلاقي والتشريعي والسياسي)، وحجم المعني بالأمر الإنسانية جمعاء، وتنوع الوسائط (دول من كل صنف، مجتمعات فقيرة وغنية، مجتمعات مدنية حرة وأخرى مكبلة). ويقول الخبراء أيضا أننا لا نستطيع وضع مؤشرات مرقمة لقياس ما تحقق من الحقوق التي بشر بها الإعلان، لكننا نستطيع تخيل الفراغ الرهيب لو لم يوجد النص، ما يمكن قوله أيضا بصفة مؤكدة إن وجوده هذا، وبناء المؤسسات الأممية والجمعيات المدنية والحراك العالمي لنشره والدعوة لقيمه، هو في حد ذاته قفزة جبارة إلى الأمام، هذا لا يجب أن يخفي عنا مناطق الظل كما أظهرتها تجربة العقود الستة الأخيرة، إذا اكتفينا بمتابعة مؤشر واحد هو التعذيب فإننا نستطيع الجزم بأن العمل الحقوقي ساهم في تقليصه ولو بنسبة غير معروفة، لكن ما أبعدنا عن الهدف. وقالت منظمة العفو الدولية في بيان اصدرته بمناسبة الذكرى ال(60) لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ''أن الحقيقة المحزنة تظل قائمة بأن انتهاكات حقوق الإنسان لا تعرف حدود''، وأشارت إلى أنه استناداً إلى أبحاث تضمنت شهادات من آلاف الأفراد وشملت العديد من الزيارات فقد رصد تقريرها لعام 2008 تجاوزات التعذيب وسوء المعاملة فيما لا يقل عن (81) بلداً، اضافة للمحاكمات الجائرة في (54) بلداً والحملات القمعية ضد حرية التعبير فيما لا يقل عن (77) بلداً آخر، كما بين التقرير الآثار المترتبة عن التخاذل العالمي عن الدور الذي يكفل صحة البشر الذي ادى ليتم مليون طفل في ملاوي وحدها جراء وفاة الاباء والامهات بسبب اصابتهم بمرض نقص المناعة المكتسبة (الايدز). حدث ولا تسأل عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي. ففي عالم اليوم يجاهد للبقاء 250 مليون طفل يعملون في حالة قريبة من السخرة منهم عشرات الملايين من أطفال الشوارع وهم قرابة المليونين في مصر وحدها. وفيه أيضا يموت جوعا سنويا قرابة الثلاثة ملايين بينما يعيش ثمانمائة مليون على الكفاف المطلق، يصبح السؤال: حتى وإن كانت حركة حقوق الإنسان بمنظومتها الفكرية والأخلاقية ومؤسساتها الأممية وحراك تنظيماتها المدنية، مجرّد عنصر من بين عناصر التحضر الإنساني، كيف يمكن رفع فعاليتها علّنا نتقدم بخطى أكثر سرعة على الطريق الطويلنحو التنمية والحقوق البشرية . الأممالمتحدة تقر... وثيقة حقوق الإنسان تظل ''بوصلة أخلاقية'' أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار يجدد الدعم للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الذكرى الستين له، واصفة إياه بأنه ''بوصلة أخلاقية'' توجه عالم اليوم، وقال مشروع القرار فى الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان :''في عالم متغير دائما، يظل الإعلان العالمى لحقوق الإنسان بوصلة أخلاقية مناسبة ترشدنا فى معالجة التحديات التى نواجهها اليوم''، وأضاف نص مشروع القرار أن الأممالمتحدة تأسف لحقيقة أن حقوق الإنسان والحريات الأساسية لم يتم إنجازها ولم تحترم حتى الآن عالميا، وأضاف أيضا أنه لا توجد دولة تستطيع أن تزعم أنها تحترم حقوق الإنسان بشكل تام ''فى كل الأوقات على الإطلاق''، وأوضح أن ''البشر يواصلون المعاناة من الإهمال وانتهاك حقوقهم الإنسانية وحرياتهم الأساسية''. وحث مشروع القرار الدول الأعضاء فى الأممالمتحدة على المضي قدما فى جهود تعزيز وحماية حقوق الإنسان ووقف الانتهاكات ''لأن الإعلان العالمى يقر ويحترم الكرامة والحرية والمساواة بين جميع البشر''، وكرمت الجمعية العامة للأمم المتحدة التى تضم فى عضويتها 192 دولة ستة أشخاص، من بينهم اثنان بعد وفاتهما، بمنحهم جائزتها فى مجال حقوق الإنسان لعام 2008 . وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون عندما افتتح جلسة الأربعاء الماضي : ''لقد قطعنا شوطا طويلا ولكن الحقيقة إننا لم نحقق رؤية الإعلان أو على الأقل لم نحققها بعد''، وأضاف بان كى مون أنه منذ توليه منصبه قبل عامين وهو يرى أن حقوق الإنسان تنتهك وغير محمية بشكل مناسب، فتهريب البشر واستغلال الأطفال ومجموعة من المشاكل تضرب الملايين من البشر فى أنحاء العالم. وقد أضافت الأزمة المالية العالمية تحديات جديدة لبرامج الأممالمتحدة للقضاء على الفقر والجوع. وقال: ''لا نستطيع أن نغض الطرف عن الفقر والتعصب الأعمى والقهر..إننا نتحمل مسؤولية جماعية لرفض اللامبالاة، فحقوق الإنسان يجب أن تحقق التضامن للعالم أجمع''، وقامت جماعات التأييد بالضغط على الأممالمتحدة لمطالبة الحكومات بالوفاء ببنود الإعلان العالمي، واستغل اتحاد الحريات المدنية الأمريكى الفرصة لمطالبة الإدارة الأمريكية القادمة للرئيس المنتخب باراك أوباما بإلزام الولاياتالمتحدة بدور رائد فى مجال حقوق الإنسان، وانتقد جميل داكوار مدير اتحاد الحريات المدنية إدارة بوش بسبب ''سياستها الكارثية'' فى الوفاء بحقوق الإنسان الخاصة بالشعوب حول العالم، وقال داكوار: ''لقد حان الوقت لإصلاح الضرر الذى وقع واستعادة التزام أمتنا بتحقيق وحماية حقوق الإنسان''. رغم مرور ستة عقود على صدوره.. انتهاكات حقوق الإنسان تتزايد اشارت منظمات عاملة بمجال مراقبة حقوق الانسان لتزايد حالات انتهاكات حقوق الإنسان رغم مرور ست عقود على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وذكر خبراء بحقوق الإنسان بالأممالمتحدة إن المدافعين عن حقوق الإنسان ما زالوا يدفعون ثمنا باهظا بعد 10 سنوات من اعتماد الجمعية العامة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مطالبين الحكومات بضمان سلامتهم. ودعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إسرائيل إلى اتخاذ مائة إجراء لتحسين سجلها في حقوق الإنسان، بدءا من رفع الحصار عن غزة إلى الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين والعرب المحتجزين في سجونها. وناقش المجلس -الذي يضم في عضويته 47 دولة- على مدى يومين سجل حقوق الإنسان في إسرائيل، التي من المقرر أن ترد عليه في مارس المقبل بشأن خططها لمتابعة التوصيات، وتخضع سجلات كل الدول الاعضاء بالاممالمتحدة بموجب آلية جديدة تعرف باسم المراجعة الدورية العالمية، لتدقيق كل أربع سنوات، وعقد المجلس منذ إنشائه عام 2006 ثلاث جلسات خاصة للنظر في معاملة إسرائيل للفلسطينيين. وقال خمسة خبراء في حقوق الإنسان بالأممالمتحدة إن المدافعين عن حقوق الإنسان ما زالوا يدفعون ثمنا باهظا، بما في ذلك الموت والاختفاء والتعذيب، وذلك بعد 10 سنوات من اعتماد الجمعية العامة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مطالبين الحكومات بضمان سلامتهم. وذكر كل من (المقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان في المفوضية الأفريقية، مفوض حقوق الإنسان بمجلس أوروبا، مدير منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، الأمين العام التنفيذي لمفوضية البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان ومدير مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان) في بيان مشترك اصدروه عشية الاحتفال بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ''توجد حصانة للانتهاكات التي ترتكب بحق المدافعين عن حقوق الإنسان وهي سياسة سائدة في العديد من الدول في أنحاء العالم''، وقال البيان ''في كل بقاع الأرض يتعرض المدافعون وأقرباؤهم للتهديد والقتل والاختفاء والتعذيب والاعتقال التعسفي والمراقبة والمضايقة الإدارية والقضائية وغيرها من قبل سلطات الدولة''. وأشار البيان إلى ان هناك بعض الانجازات مثل الآليات الإقليمية في أفريقيا وأوروبا والأمريكتين لمراقبة الاوضاع التي تسهم في تطبيق حقوق الانسان بالمناطق المذكورة والتوعية بعمل المدافعين الذين لا يزالون يواجهون قيودا في حرية التعبير والرأي والحصول على المعلومات والتمويل وحرية التجمع والحركة. وذكروا: ''إن هؤلاء المدافعون بحاجة إلى حماية معززة بالإضافة إلى تنسيق الجهود الرامية لتحسين مناخ العمل ليكون أكثر أمنا وعمل المدافعون أكثر قبولا''، ودعوا الحكومات إلى الاعتراف بأنشطة المدافعين عن حقوق الإنسان كأنشطة شرعية وضمان إزالة كل العقبات واتخاذ التدابير اللازمة لدعم عملهم. وطالب المقرر الخاص المعني بوضع حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة ريتشارد فالك باتخاذ خطوات للحد من الكارثة الإنسانية في غزة فوراً ودعا الاممالمتحدة لتحويل الكلمات لافعال، مشيراً إلى أن كل من الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون ورئيس الجمعية العامة ميغيل دسكوتو والمفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي، قد أعربوا عن قلقهم إزاء محنة سكان غزة. وقال فالك ''إن إسرائيل ما زالت تحاصر غرة ولا تسمح إلا بمرور القليل من الطعام والوقود لدرء خطر المجاعة والأمراض''، واصفا الأزمة بأنها عقاب جماعي، مضيفاً أنه حان الوقت لاتخاذ فعل ما، مشيراً إلى أن الأممالمتحدة، على أقل تقدير، يجب أن تبذل الجهود الكافية لتطبيق مبدأ ''مسؤولية الحماية''.