عرفت المرحوم اللواء مصطفى بن لوصيف سنة 1974 في أدغال إفريقيا! وبالتحديد في غابة تسمى ''مدينة بويه'' في غينيا بيساو! كانت غينيا بيساو وجزر الرأس الأخضر إلى جانب أنغولا وموزمبيق آخر المستعمرات التي وُقّع استقلالها عن الاستعمار البرتغالي في مدينة الجزائر·· وبالتحديد في فيلا علي شريف بأعالي العاصمة! كانت المستعمرات البرتغالية حديثة الاستقلال وتبحث عن خبرة الجزائر في تنظيم مرحلة ما بعد رحيل الاستعمار·· فطلب رفاق الراحل أميلكار كابرال من المرحوم بومدين تزويده بخبراء جزائريين في تنظيم مرحلة ما بعد رحيل الاستعمار في قطاعات الدفاع والأمن والإدارة والمؤسسات السياسية·· فاختار بومدين آنذاك الرائد مصطفى بن لوصيف مدير الأفراد (الموظفين) بوزارة الدفاع ليقوم بتنظيم الجيش البيساوي·· واستقبله بومدين قبل السفر وقال له: هؤلاء وقعت شهادة ميلاد دولتهم على أرضنا وعلينا مساعدتهم في بناء دولتهم بأقصى ما يمكن، وقد اخترتك لهذه المهمة وأنت أهل لها! واختار بومدين المجاهد عبد المجيد بوزبيد مدير الإدارة العامة بالأمن الوطني لتنظيم قطاع الشرطة·· كما اختار المجاهد جلول ملائكة من الحزب لتنظيم الجانب السياسي·· واختار المرحوم حسن الطيبي الأمين العام لوزارة الداخلية في عهد المرحوم مدغري كرئيس للوفد، إلى جانب السيد حزفي مدير البلديات والولايات بوزارة الداخلية! وتشاء الصدف أن أكون ممثلا للإعلام الوطني ضمن هذا الوفد، إلى جانب زميل آخر من الثورة الإفريقية انتقل إلى رحمة اللّه وهو في مهمة وطنية في شرق آسيا بعد ذلك! حضرت اجتماعات الوفد الجزائري مع الرئيس أرستيد بيريرا، ومع رئيس الحكومة لويس كابرال شقيق الراحل أميلكار كابرال ومع وزير الدفاع نينو ومساعده الرائد بيترو بيراز الذي قاد مفاوضات الاستقلال في الجزائر مع البرتغال! لقد كان الرائد مصطفى بن لوصيف من أكثر أعضاء الوفد دقة في معالجة المشاكل التي طرحها البيساويون في تنظيم مرحلة الاستقلال عن البرتغال·· وقد حرص رحمه اللّه على أن يشرح لي كل الأمور التي لم أفهمها آنذاك في تلك الاجتماعات ذات الطابع التقني في مجال تنظيم الجيش والأمن والإدارة والحزب! كنا في جبال أدغال ''مدينة بويه'' نتداول على موسى الحلاقة الواحدة ونمسح بفوطة واحدة·· فقال لي رحمه اللّه: هكذا كنا نحن في غارديماو وجبال بني صالح في سنة 1962! كنا نتناول بعض الطعام فوق طاولات صنعها البيساويون من ورق الأشجار·· كانت النسور الجارحة تنافسنا على بعض اللحوم فتخطفها من على الطاولة قبل أن تصل إليها أيدينا!؟ هكذا كان مصطفى المناضل ورفاقه في أدغال إفريقيا يبثون إشعاع الجزائر الحرة على إفريقيا·· وهو الإشعاع الذي ما يزال اليوم أمثاله ينجزونه في الصحراء الغربية·· رحمك اللّه يا سي مصطفى وألهمنا وذويك الصبر والسلوان·