من انقلاب إلى آخر تعيش القارة الإفريقية حالة من اللااستقرار السياسي توالت في الأشهر الأخيرة بشكل لافت من انقلاب في موريتانيا وقبضة حديدية في مدغشقر وانقلاب وحمام دم في غينيا بيساو مرورا بحرب أهلية في السودان. أقدم عسكريون في جيش غينيا بيساو أمس على اغتيال الرئيس جواو بيرناردو فييرا بالعاصمة بيساو ساعات بعد اغتيال قائد هيئة أركان جيش هذا البلد الجنرال باتيستا تاغمي نا وايي. وتضاربت الأخبار حول حقيقة ما جرى في هذا البلد المحاذي لدولتي السينغال وغينيا، فبينما أكدت كل التقارير الإعلامية أن الأمر يتعلق بانقلاب عسكري نفذه ضباط سامون ضد رئيسهم، خرج الناطق باسم الجيش ليؤكد أن الأمر لا يعتبر انقلابا. وقال النقيب خوسي زامورا اندوتا الناطق باسم اللجنة العسكرية التي تم تنصيبها بعد الأحداث الدامية التي عرفتها العاصمة بيساو ليلة الأحد إلى الاثنين انه لا يريد أن يؤول الناس الأمر على انه انقلاب عسكري. وأكد اندوتا بعد اجتماع لقيادات هيئة الأركان أن الرئيس قتل من طرف مجموعة مسلحة تجهل هوية عناصرها. وكان هذا الضابط أول من سرب خبر اغتيال الرئيس برناردو دي فييرا بدعوى أن مسلحين أطلقوا عليه النار بعد أن اتهموه باغتيال قائد هيئة الأركان الجنرال تاغمي. ودخل هذا البلد منذ خريف العام الماضي في أزمة سياسية مفتوحة أرغم على أثرها الرئيس دي فييرا على تعيين منافسه السياسي غوميس جينيور في منصب وزير أول في محاولة لتهدئة الأوضاع وتفادي الدخول في حرب أهلية. وطمأن المسؤول العسكري أن الجيش أعطى ضمانات لهذا الأخير بعدم تدخل الجيش في العملية الديمقراطية واحترامه لدستور البلاد. وأكدت مصادر الجيش أن قوات الأمن تسيطر على الوضع ولا شيء ينذر بانفلات الأوضاع ودعت السكان إلى الهدوء. يذكر أن الرئيس المغتال كان أول من نفذ انقلابا عسكريا في هذا البلد سنة 1980 قبل أن تتم الإطاحة به سنة 1999 ولكنه تمكن من العودة إلى السلطة سنة 2005 في انتخابات رئاسية عادية. وتدرج في السلم العسكري إلى أن أصبح جنرال فرقة عسكرية وقد كان من الوجوه الثورية في غينيا بيساو التي حاربت الاحتلال البرتغالي لأكثر من 11 سنة رفقة الزعيم الثوري اميلكار كابرال الذي أسس تسع سنوات قبل ذلك الحزب الإفريقي من اجل تحرير غينيا بيساو والرأس الأخضر إلى غاية سنة 1974 حيث حصلت على استقلالها. ورغم المسيرة الثورية لسكان هذا البلد في غرب افريقيا إلا نه لم يعرف الاستقرار في خضم عمليات انقلابية وقلاقل سياسية متتالية زادت من معاناة شعب هذا البلد الذي يعد من أكثر دول إفريقيا والعالم فقرا. وتقع غينيا بيساو على المحيط الأطلسي على حدود دولتي السينغال وغينيا بمساحة لا تتعدى 37 ألف كلم مربع ويقطنها حوالي 1.3 مليون نسمة يتكلمون اللغة البرتغالية مقسمين بين الوثنيين بنسبة 55 بالمئة والمسلمين بنسبة 35 بالمئة والنسبة الباقية من المسيحيين ويعيش أكثر من 85 بالمئة منهم بعائد لا يتعدى دولارا واحدا في اليوم.