ترتسم موجة من التشاؤم على وجوه سكان ولاية الطارف كلما قصدوا الأسواق الشعبية، بسبب الغلاء الذي تعرفه مختلف المواد الغذائية وأسعار الخضر والفواكه·· أمر دفع بالعديد من هؤلاء للتنبؤ بسنة جديدة من نار والتساؤل في نفس الوقت عن جدوى الزيادة في الحد الأدنى للأجر المضمون الذي استفادوا منه منذ أسابيع والذي لن يغيّر في واقع المواطن الطارفي مادامت الزيادة في الأجر ترافقها دائما زيادة في أسعار المواد الواسعة الاستهلاك، خاصة أن الحكومة لم تتمكن منذ فترة طويلة من التحكم في أسعار السوق يرى المواطن البسيط أن الزيادة في الأجر القاعدي المضمون التي أقرتها الحكومة منذ مدة قصيرة لن تكون اللمسة السحرية التي ستساهم في تحسين مستوى القدرة الشرائية لديهم التي باتت في الحضيض، في الوقت الذي لا يزال شبح السوق يطاردهم، فكلما ارتفع أجر المواطنين الذين أثقلت كاهلهم المسؤوليات الكثيرة اصطدموا بواقع أمر بات يهدد استقرارهم ويحسبون له ألف حساب، والمتمثل في الارتفاع الكبير الذي تعرفه أسعار مختلف المواد الغذائية من حبوب جافة وكذا أسعار الخضر والفواكه التهاب جنوني في أسعار الخضر والمواد الإستهلاكية بالطارف تشهد أغلب الأسواق، ومن ذلك أسواق ولاية الطارف، التهابا مذهلا في أسعار الخضر والفواكه هذه الأيام، حيث ارتفعت أسعار الخضر إلى أعلى مستوى لها· ووقفنا خلال زيارة إلى أكبر الأسواق الشعبية بالذرعان وبوثلجة أن سعر الفلفل الأخضر بلغ 110 دينار، وسعر الكيلو غرام من الطماطم قدر ب 140 ديناراً، بينما بلغ سعر الكلغ الواحد من الجزر 60 ديناراً، وهذا ما يؤكد أن الخضر لم تعد في متناول العائلات المحدودة الدخل، رغم أن ولاية الطارف تعرف بشساعة المساحة المزروعة· من جهتها وصلت أسعار الفواكه إلى أعلى مستوى لها من ذلك الذي كانت عليه، فقد وصل سعر الكيلوغرام من البرتقال 130 دينار، والتفاح 180 دينار، والموز 120 دينار··· وفي هذا الإطار عبّر بعض التجار الذين استفسرنا منهم عن سبب هذه الزيادة عن أسفهم من التهم التي تنسب دائما إليهم، مرجعين أسباب ذلك إلى عدة عوامل، حيث أكد أحدهم أن تهاطل الأمطار خلال هذه الفترة من الشهر والشهر الماضي حال دون جني أي محصول بسبب استحالة دخول الفلاحين لمزارعهم· من جهة أخرى حمّل آخرون تجار التجزئة مسؤولية الارتفاع الكبير للأسعار، على أساس أن أسعار بعض المواد تكون معقولة لكن في أسواق التجزئة تباع بأضعاف مضاعفة، بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من الوسطاء الذين يقومون بشراء تلك المواد وإعادة بيعها، الأمر الذي يؤدي إلى حتمية ارتفاع أسعارها في أسواق التجزئة التي يحاول الباعة تحقيق هامش ربح فيها· فيما راح بائع آخر يقول إن غياب الرقابة على مستوى أسواق الجملة كان له دور كبير في التهاب أسعار مختلف المواد، حيث يتمتع التاجر بحرية كبيرة في تحديد الأسعار التي يبيع بها سلعته، وهو الأمر الذي جعل من السوق يقع في فوضى كبيرة، مشددا على ضرورة تنظيم هذه الأسواق· موائد الأسر البسيطة تحنّ إلى العدس واللوبيا من جهتهم عبّر العديد من المواطنين الطارفيين الذين تحدثنا إليهم عن استيائهم من هذه الزيادة التي لم ترحم قدرتهم الشرائية، حيث لم يعد بإمكان هؤلاء دخول الأسواق دون أن يرتفع ضغطهم أو يصابون بخيبة أمل كبيرة· وعلقت إحدى السيدات التي صادفناها في سوق بن مهيدي عن هذا الغلاء، قائلة إن الفقير في بلدنا مهدد بالإصابة بأمراض عديدة بسبب سوء التغذية، فلم يعد بإمكانه استهلاك أبسط الخضروات· أما الفواكه واللحوم فلا نجرؤ أن نتحدث عنها لأنها أصبحت من المحظورات· فيما اعتبر مواطن آخر الحديث عن هذا الأمر مضيعة للوقت، قائلا إنه لن يتغير في الأمر شيء مادامت الجهات المسؤولة ساكتة تجاه أولئك المتسببين في هذه الزيادة، التي أرهقت كاهل العائلات ولم تجد فيهم نداءات الإستغاثة التي تطلقها بين الحين والآخر· معاناة المواطنين مع سيناريو الزيادة لم يعد مقتصرا على الخضر والفواكه، بل حتى الحبوب الجافة أصبحت ضمن قائمة المنتجات المغضوب عليها، بعد أن مستها الزيادة هي الأخرى·· فبينما كانت في السابق تشكل الطبق الرئيسي على مائدة العائلات الجزائرية الطارفية، خاصة خلال فصل الشتاء، أصبحت صعبة المنال نظرا لارتفاع أسعارها هي الأخرى إلى درجة لا يصدقها عقل العاقل· ''العدس كان المنقذ في ظل غلاء الخضر واليوم قاطع هو الآخر مائدتنا ولا نأكله إلا نادرا''·· بهذه العبارة تحسّرت إحدى السيدات على الوضع الاجتماعي الذي تتخبط فيه الأسر الجزائرية، فسعر العدس بلغ 160 دج واللوبيا 120 دج، وبينما كان ذخيرة العائلات في فصل البرد أصبح اقتناؤه بكميات صغيرة، على حد قول أحد المواطنين الذي طلب من البائع أن يزن له نصف كيلوغرام من هذا المنتوج· وفي هذا السياق، كشف أحد المواطنين بالطارف أن مثل هذه التصرفات أصبح من الواجب مقاطعتها من طرف المستهلكين للوقوف في وجه تلك الممارسات التي ضاعفت من معاناته، مضيفا أن العائلات تكاد تتخلى عن جميع المناسبات سواء كانت الدينية أو غيرها بسبب عدم القدرة على توفير تلك المصاريف التي تحدث خللا في ميزانية العائلة·