رغم تطور المجتمع الشرقي في حياته الاجتماعية، وبالرغم من احتكاك الشباب بالمجتمع الغربي عن طريق انفتاحه على العالم الخارجي، إلا أن مفهوم الزواج عند البعض ما يزال مقرونا بالعادات الموروثة للمجتمع الجزائري، ويتجلى ذلك في عودة دور الخاطبات في اختيار فتاة تكون شريكة حياة الشاب الراغب في إكمال نصف دينه، بناء على طلب منه عن طريق أمه التي توكل مهام انتقاء العروس المناسبة إلى ''الدلاّلة''· خالتي عويشة امرأة متقدمة في السن أمضت حياتها في خدمة أبنائها بعد وفاة زوجها، ولم يعد هناك ما يشغل وقت فراغها، خاصة بعد تزويجها لبناتها، فقررت أن تستغل العلاقات الحميميّة الواسعة التي تربطها بعدد كبير من الأهل والأصدقاء للمساعدة في التوفيق بين الراغبين في الزواج من كلا الجنسين· تقول خالتي عويشة إنها تقوم بهذه المهمة دون أجر تتقاضاه، لملء وقت فراغها في جمع اثنين بالحلال في بيت الزوجية، خاصة وأن الشباب أعادوا إحياء دور الخاطبات بتفضيلهم هاته الوسيطات أو ''الدلاّلات'' باللّغة العاميّة لاختيار شريكة العمر· سمير شاب من العاصمة يقول إنه تزوج عن طريق الدلاّلة، حيث طلب من إحداهن أن تبحث له عن فتاة ''بنت فاميليا'' على حد تعبيره، خاصة بعد الحريّة التي أصبحت الفتاة تستغللها في غير محلها ''ما جعلني لا أثق في الفتيات اللاّتي أتعرف إليهن''، وأضاف ذات المتحدث أنه ينعم اليوم بحياة سعيدة رفقة زوجته وطفلهما· من جهة أخرى، قالت حنان بأنها تزوجت عن طريق الدلاّلة بزوج لا تعرفه غير أن زواجهما انتهى بالطلاق، نظرا للخلافات التي تنشب بينها وبين زوجها، خاصة وأن هذا الأخير يكبرها ب 20 سنة· انتقلنا إلى أحد الحمّامات بولاية تيبازة، وهو المكان الذي تقصده النسوة ليس للاستحمام فقط، بل هناك من يتخذنه مكانا للالتقاء بفتيات بهدف خطبتهن، وذكّرتنا هذه طريقة بأيام زمان· حدثتنا خالتي عائشة وهي خادمة بأحد الحمامات أنه في وقت مضى كان الحمام مكانا تلتقي فيه العائلات، وكل امرأة تصطحب معها بناتها البالغات سن الزواج لتقع في اختيار امرأة تكون بصدد البحث عن عروس لابنها· كما أن اختيار الفتاة آنذاك يكون وفق شروط معينة ينبغي أن تتوفر في المرأة، مثلا أن تكون أصغر سنا وتتمتع بقوة بدنية جيدة، مشيرة إلى أن هذه العادة عادت للظهور منذ سنوات قليلة وتلقى استحسانا من قبل الفتيات·