نظرة فابتسامة فكلام فموعد فلقاء خطوات رسمت طريق التعارف التقليدي بين الشباب والفتاة محطات في مشوار ربما ينتهي إلى بيت الزوجية الذي كانت النظرة والابتسامة مفتاحه فيما مضى وربما ينتهي مطافه بكارثة أخلاقية تدفع الفتاة شرفها ويدفع منها الشاب اضطراب نفسيته التي تدخل خانة الهوس أو الشذوذ نحو الجنس الآخر. لكل شيء في هذة الحياة له ايجابيات وسلبيات ،فمن أهم مميزات الانترنت، أنه أصبح أساسيا في حياة الشعوب ، فهو ليس تطور للتكنولوجيا الرقمية فقط ، بل هو تطور علمي وفكري واجتماعي والمسئول الأول عن القفزة الهائلة في العلم والمعرفة ، والعلاقات الاجتماعية وفي مجا ل الاتصالات ولقد ساعد على إنشاء علاقات بين الشباب وبعضهم من خلال مواقع الدردشة تجاوزت قاعدة الأصدقاء الفردية والمكان والزمان ، فساعدت على انتشار الثقافات المختلفة وانتشار اللغات واستطاع الشباب أن يستفيدوا من الانترنت في جميع المجالات و في كل ماهو جديد ومفيد لهم . الخاطبة الالكترونية تحل مكان العائلة أفرزت التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت في الجزائر في العقدين الأخيرين تحولاً جذرياً في تفكير الشاب الجزائري الذي أضحى يفكر بشكل مختلف تماماً عما كان عليه من قبل ، إلى درجة أنه أصبح يناقض بعض أفكاره وقناعاته التي كانت بمثابة مسلَّمات لديه ليعتنق غيرها تبعاً لهذه المتغيرات التي اجتاحت المجتمع الجزائري ، ومنها ما يتعلق باختيار شريكة الحياة؛ فبعد أن كان الجزائري يلحُّ على أمه أن تختار هي له شريكة حياته مع شرط أن تكون“المرأة ماكثة بالبيت” للاقتران بها، أصبح الآن يبحث عن المرأة العاملة بنفسه وذلك عبر الخاطبة الالكترونية . حيث بات تأخر سن الزواج أمرا واقعا فرضته الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة التي تعيشها أغلب المجتمعات العربية وتتجسد أغلب ملامحه في تفشي ظاهرة العنوسة بين الجنسين، وان اختلفت ملامح هذه الظاهرة من مجتمع لآخر لكنها تتفق في مجملها على أنها مشكلة عويصة تبحث عن حل. ومثلها مثل باقي الدول العربي تعاني الجزائر من تفاقم آفة بقاء ملايين الفتيات دون زواج وبخاصة اللواتي تجاوزن الثلاثين من العمر، الأمر الذي أدى بهم إلى اللجوء بتقديم إعلانات بالصحف الاجتماعية المتخصصة في عروض الزواج المنشورة ببعض الصحف المتخصصة قصد الظفر بزوج المستقبل ، أو عن طريق الانترانت والفايس بوك أو ما يعرف بالخاطبة الالكترونية . الخاطبة الالكترونية الخاطبة الالكترونية هو الاسم الذي يطلق على مواقع الزواج المنتشرة أخيرا بكثرة على شبكة الانترنت، فالخاطبة تعرّف آلاف الفتيات والشبان على بعضهم البعض فتنشط في تدبير اللقاءات بينهم بهدف جمع رأسين بالحلال. فيوجد عدة مواقع مهمتها تقديم خدماتها للشباب في أنحاء العالم كافة، لدفعهم لأخذ المبادرة بسهولة، لفتح نوافذ في حياتهم الغارقة في دوامة العمل، علّها توصلهم إلى أبواب التواصل مع شريك يؤنس وحدتهم، فيعاودوا اندماجهم بالحياة الاجتماعية فرغم حالة الرفض الاجتماعي الذي تلاقيه طرق الزواج غير التقليدية في مجتمع محافظ كالجزائر، إلا أن هناك إقبالا لافتا على ظاهرة الزواج عن طريق إعلانات الصحف، ويقول القائمون على إعداد صفحات "الزواج السعيد" أو "نادي الزواج" إن هاتف الخدمة لا يتوقف عن الرنين، بحيث يتم استقبال مئات المكالمات الهاتفية يوميا من الجنسين بحثا عن شريك العمر. الجزائريون يشكلون نسبة معتبرة في مواقع الزواج عبر الانترنت تعرف بعض المنتديات والمواقع الخاصة بالزواج إقبالا كبيرا من طرف الجزائريين والجزائريات الذين يعرضون بياناتهم الشخصية وحتى صورهم للظفر بالنصف الآخر، ولا تقل مشاركاتهم بتلك المواقع عن ألف مشارك لكلّ جنس. وعلى سبيل المثال ففي موقع "قران"، الذي يرفع شعار الزواج الإسلامي، هناك 5 آلاف جزائري و2340 جزائرية مسجلين فيه، وتحتل فيه الجزائر المرتبة الثانية في المغرب العربي بعد المغرب، ثم ليبيا وتونس بأربعة مشاركين، في حين أن أكبر مشاركة في الموقع ككل كانت من نصيب مصر، متبوعة بالمملكة العربية السعودية، ثم الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقد أحصى هذا الموقع المئات من حالات الزيجات التي تمت بين أفراد من 21 دولة، عرض البعض منها بالصور على النت، لكن لم يوضح فيما إذا كانت استمرت على نفس النحو الذي بدأت به، أو أنها تعرضت إلى مشاكل أنهت الميثاق الغليظ الذي جمع بين الزوجين. أما موقع "مودة" فهو يحصي 12499 طلب لجزائريين، و5580 لجزائريات بغية الزواج، مع عرض البيانات اللازمة، إذ تسمح لنظرائهم أن يأخذوا عنهم فكرة ويحسمون اختيارهم بخصوص تلك العروض. كما تضمّن موقع "نصيب كوم" السعودي 1523 طلب للذكور مقابل 784 طلب للإناث، تحتل فيه الجزائر المرتبة الخامسة بعد السعودية، العراق، مصر والمغرب، وتضمّن موقع "زواجنا كوم" 2370 طلب بين الرجال والنساء، حصة الأسد فيها عادت إلى الرجال. وفيما يخص الصفات التي تريدها الجزائريات في شريك حياتهن عبر طلباتهن في مواقع الزواج، يأتي التدين في أعلى القائمة، وكذا الأخلاق الحميدة والإخلاص، ويتبعها أيضا الجانب المادي. وبالنسبة للجنسيات اللاتي تطلب الجزائريات الارتباط بهن، فتتصدرها جنسيات الخليجيين، أما الجزائريون فيطلبون اللبنانيات، وهي أغلب الجنسيات التي يطلبها جلّ المتصفحين للمواقع التي دخلناها. ارتفاع نسبة العنوسة سبب انتشار ظاهرة الزواج الإلكتروني في هذا السياق وحسب إحصائيات قام بها اخصائييين اجتماعيين يقول الدكتور أوذايذية، المتخصص في علم الاجتماع والذي أشار إلى أسباب انتشار ظاهرة الزواج الالكتروني إلى ارتفاع نسبة العوانس في المجتمع الجزائري بين الرجال والنساء، إذ بلغت 47 بالمئة و53 بالمئة على التوالي، ويضيف الدكتور إن الظاهرة لها بعد إيجابي من حيث إلغاء الفواصل المكانية وتبسيط التكلفة، حيث تطوّر الاتصال بين الشعوب وصار من الممكن بناء علاقات زواج من خلال الاتصال الافتراضي، وهذا دليل على دخوله في صميم العلاقات الاجتماعية. وربط الباحث والمتخصص في علم الاجتماع، نجاح مثل هذه الزيجات بالتربية الأساسية التي تمنحها الأسرة للأبناء قائلا: "يجب أن تكون سليمة تبنى فيها العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة" وبعد ذلك لا نخشى على أبنائنا إن ارتبطوا مع أشخاص من مجتمعات مختلفة ودول أخرى. كما قال إنه أشرف على بحث بين طالبات وطلبة تم من خلاله زواج عن طريق التعارف الإلكتروني جزائري 100 بالمئة بين طالبة من بسكرة وطالب من بجاية، وكان مبنيا على تبادل الأفكار والآراء، ولقي هذا الزواج نجاحا على حد علمه. كما عرّج على التغيير الاجتماعي الذي فرض نفسه علينا، مشيرا إلى ارتفاع معدّل العنوسة في المجتمع الجزائري، التي بلغت حسب آخر الإحصائيات 53 بالمئة بالنسبة للنساء و47 بالمئة بالنسبة للرجال، وهذا ما يخلق اختلالا في العلاقة التعدادية للجنسين. فضلا عن المشاكل الاجتماعية وأزمة المستوى الثقافي. وحذر الدكتور من الظاهرة، إذ تستخدمها فئات منحرفة كأداة للإطاحة بفتيات يرغبن في الزواج ليغرروا بهن. وختم الخبير حديثه بالقول: "وراء انحراف كل امرأة رجل ووراء انحراف كل رجل امرأة، كما تثبته الوقائع الاجتماعية". الشباب الجزائري بين مؤيد ومعارض لفكرة الزواج الإلكتروني وفي جولتنا بالشارع قمنا بأخذ عينة من الشباب لطرح الموضوع وكانت آرائهم كالتالي : يقول كمال 29 عاماً والدتي متوفية رحمها الله وليس لي أخوة بنات وعماتي وخالاتي كل له مشاغله الخاصة ولا يوجد احد يساعدني بالبحث عن زوجة صالحة ، لذلك قمت بالتسجيل في مواقع الزواج رغم أنني لا أتوقع الكثير منها . أما أحمد 30 عاماً إن الزواج عن طريق الخاطبة الالكترونية غير واقعي وغير مأمون النتائج فلا يوجد ضمانات حقيقية من الطرفين وهو للناس التي تبغي التسلية، لذلك الزواج التقليدي أضمن لي. في حين ترى ليلى ن أنها لا تؤمن بالخطبة الإلكترونية ولا تظن بأنها في يوم من الأيام سترتبط بهذه الطريقة. وأضافت إنني أعتقد بضرورة لقاء الطرفين المقبلين على الزواج والتعارف رسمياً، حتى يتأكد كل طرف مناسبة الطرف الثاني له ويراه على الطبيعة ويتعرف على طريقته في التعاطي مع مختلف المواقف التي تمر به. فمع تطور أساليب الحياة باتت شاشة الكومبيوتر الوسيلة الأسهل للتعارف فبدلا من خطابات المحبين التقليدية تحولت المشاعر إلى مخاطبات البريد الالكتروني التي تعتمد على الصوت والصورة وإحدى ضحايا هذه التقنية التي يسميها البعض بالعصرنة الآنسة سمية التي بدأت قصتها مع عين النت التي عرفتها على دافيد ذو الجنسية الفرنسية حيث تقول في البداية دخلت موقع التعارف الأجنبي وكان دافيد أكثر شخص استلطفه من بين معظم من تبادلت معهم أطراف الحديث إلا أن العلاقة التي اتسمت بالصدفة تحولت بعد شهرين الى دردشة سمح بها موقع الخاطبة الذي غير مجرى العلاقة التي اتخذت شكلا غير أخلاقيا حيث بدأت تظهر سمية يوميا على صديقها الذي اعتقدت أنها سيصبح ارتباطها رسميا متناسية العديد من الأمور الذي يختلفون فيها كالدين وتضيف دخلت الفخ الالكتروني فقد قام هذا الشاب بتوظيف صورها ضمن احد المواقع التي استعملها هي الأخرى في الدردشة إلا أن صورها كانت محتشمة ولا تدعو للخجل وفي هذا السياق تنصح سمية كل الفتيات الجزائريات بعدم ولوج مواقع تسمح بالتواصل المباشر أو غير المباشر لأنه في الكثير من الحالات الشخصية تكون وهمية وأهدافها غير نبيلة في حين يوجد من استحسن هذه الفكرة وأيدها لأنها تساهم ولو بنسبة قليلة من التخلص من العنوسة التي اجتاحت المجتمع الجزائري كما تقول ليندة انه يوجد عدد معتبر من الجزائريين كانت لهم علاقة زواج بسبب الانترنيت ونجحوا في ذلك تضيف أن لها ابنة خالها من البليدة تزوجت من مهاجر جزائريي في فرنسا عبر الانترنيت وهم الآن يعيشون حيات سعيدة ولهم أطفال . رأي الشرع قال الشيخ يوسف إمام بالبليدة "العبرة بالمقاصد وليس بالوسائل، موضحا بالقول "إذا كان الغرض هو إقامة الزواج وفق علاقة نزيهة و شرعية فلا بأس به بشرط ألا يكون هناك غش ولا خيانة"، أما الشيخ شمس الدين بوروبي رئيس جمعية غير معتمدة لتزويج الشباب، فقد تحفظ على هذا النوع من الزواج، واصفا إياه بأنه "انقلاب في فكر المجتمع، حيث أصبح الرجل يبحث عن امرأة تستره مادام يشترط السكن عليها، في حين تحول الأمر عند المرأة إلى عملية اصطياد لزوج عبر الصحف".