سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
“النوبة الجنونية” لقاتل علي تونسي تدفع إلى البحث عن إجراءات وقائية للاحتماء من “المنهارين عصبيا” اللجوء إلى اختبارات دورية للصحة النفسية والعقلية بات ضرورة
حديث بيان وزارة الداخلية والجماعات المحلية عن “النوبة الجنونية” التي أصابت أحد إطارات الشرطة، وقيامه بقتل المدير العام للأمن الوطني، علي تونسي خلال جلسة عمل داخل مقر المديرية العامة للأمن الوطني، يثير الاستفهام عن قيمة الاختبارات النفسية في صفوف مسؤولي وأعوان الأمن، خاصة مع تداعيات وتراكمات سنوات الإرهاب، وضغوط الأوضاع الاجتماعية والمهنية. وأمام مثل هذه الحادثة المؤلمة وإحصاء العشرات قبلها، تمثلت في حوادث قتل وانتحار وقتل مواطنين، فإن التساؤل حول ما إذا كان أمر متابعات الصحة النفسية الجارية تتعلق فقط باختبارات التوظيف في السلك التي أقرها الراحل علي تونسي، وما إن كانت صحة حديث الداخلية عن “النوبة الجنونية” يبين الحاجة الملحة إلى إخضاع كل المنتسبين لسلك الأمن الوطني، سواء أصحاب الخبرة المهنية أم الموظفين حديثا، مسؤولون أو أعوان، إلى اختبارات للصحة العقلية والنفسية تكون بشكل دوري يسمح بالوقوف على المؤهلات الحقيقية لكل واحد منهم في الاستمرار في ذات المنصب، وحجم تأثره بالمشاكل المهنية والاجتماعية، وما إن كان قادرا فعليا على مواصلة مهامه على الوجه الصحيح إلى غاية التقاعد، أم أن شدة المشاكل الاجتماعية والضغط المهني يتطلب تحريره بقسط من الراحة، سواء بالتحويل إلى منصب آخر أقل ضغطا ومسؤولية، أو التكفل بمشاكله المهنية حتى لا يصبح خطرا على نفسه أو غيره. فقد سجلت السنوات الأخيرة حوادث عديدة لإصابة شرطة بانهيارات عصبية دفعت بهم إلى الانتحار أو الإقدام على قتل آخرين من زملاء العمل أو أفراد الأسرة، وبرز الحديث عن الآثار السلبية لضغوط العمل ومخلفات سنوات الإرهاب التي عاش خلالها أعوان الأمن بالأخص على أعصابهم وتعرضهم لصدمات نفسية تبرز الحاجة إلى تكفل وعلاج سريع وإعادة النظر في إستراتيجية التكفل المادي والمعنوي بأعوان الأمن، باعتبارهم ركيزة للحفاظ على الاستقرار والأمن لم يكن من السهل تحقيقه بعد أن عصف الإرهاب بالدولة لسنوات طويلة، سواء التكفل المادي من خلال ملف الأجور والسكن والقروض، وهي كلها صيغ تمكن من تخفيف حدة المشاكل الاجتماعية على أعوان الأمن، أو التكفل المعنوي من خلال نظام العطل والراحة. وإن كانت حادثة اغتيال المدير العام للأمن الوطني علي تونسي فعلا معزولا و”نوبة جنونية”، فإنه لا يمكن التستر على حوادث كثيرة لانتحار شرطيين أو ارتكابهم جرائم قتل في حق زملائهم أو أفراد من عائلاتهم في انهيارات عصبية سجلت مؤخرا وتتطلب مراجعة الأمر بشكل أكثر صرامة وجدية، وكان آخرها قتل مواطنين بجسر قسنطينة كانا على متن سيارة ليلا.