أعطى رئيس نقابة القضاة، جمال عيدوني، نبذة عن المسار التاريخي لحرية التعبير في الجزائر وارتباطها بالظروف السياسية بعد سنة 1989 وبروز التعددية الإعلامية المتزامنة مع اتساع نطاق الحقوق الإنسانية إلى حرية الرأي المكفولة بالقوانين والمعاهدات الدولية، حيث صرح بأن هذه الفترة أفرزت كما هائلا من العناوين الصحفية المتنافسة على الريادة، ما أدى إلى بروز تجاوزات الصحافة بشكل غير مسبوق، وساهم في تشابك العلاقة بين العدالة والصحافة لغياب المهنية عن بعض الصحفيين واندفاعهم بالشهرة وتصفية الحسابات الشخصية التي لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال من أسباب العمل الصحفي النزيه. وأضاف عيدوني في ندوة نقاش حول موضوع الصحافة بين الواجب المهني والمسؤولية القضائية، في إطار الملتقى الوطني الأول المنظم أمس من قبل الفيدرالية الوطنية للصحفيين الجزائريين، أن التشريعات الواردة في هذا الشأن تلزم القاضي بتطبيق القانون الذي تتساوى عنده كل فئات الشعب وإلا عُدَّ منكرا للعدالة، كما رأى أنه من الواجب مواصلة الاعتناء بحرية الصحافة، من خلال قانون وطني للإعلام وتكريس منطق القانون. وأشار الدكتور لعقاب إلى أن الدور الطبيعي للصحفي هو الرقابة الاجتماعية وليس المدح والدعاية لفائدة جهة معينة وإلا حاد عن واجبه المهني، وهذه المهمة كثيرا ما تضع الصحفيين وجها لوجه أمام المتابعة القضائية، حيث عرفت السنوات الأخيرة 500 قضية قذف رفعت ضد إعلاميين من قبل جهات متعددة، ولا يمكن تبرئة الصحفي كلية من هذه القضايا لأسباب متعددة، منها نقص الثقافة الإعلامية للصحفيين وجهلهم بأنواع الخبر، إضافة إلى الثقة المفرطة في مصدر الخبر وعدم التنويع فيه، وقال إنه “يمكن أن تفهم ذلك إذا علمنا أن الصحافة في الجزائر تعيش على تسرب المعلومات غير الدقيقة المصدر، والتي عادة ما تكون إشاعات وراءها رغبة في الإضرار بشخص أو هيئة معينة، لذا فإنه من الواجب التأكد من مصدر الخبر حتى وإن أدى به ذلك إلى التضحية بالسبق الصحفي”، وأن يكون ذلك محكوما بقانون كالقانون الأمريكي الذي يجبر الصحفي على امتلاك تسجيلات للتصريحات التي ينشرها، واستطرد المتدخل أن حقوق الصحفيين تبقى مهضومة لجهلهم هم شخصيا بها في إطار ما يقره القانون.