فيلم بوشارب الذي موّلته فرنسا وعرض في كان لم يأخذ جائزة.. ليس لكونه فيلما غير جيد الصنعة من وجهة نظر الصنعة السينمائية.. بل لأنه من الأفلام الخارجة عن القانون.. قانون تمجيد الاستعمار.. أي أنه من الأفلام "الفلاڤة"! وقد يستحق الحكم بالاعدام من طرف الفرنسيين! لهذا رفض ساركوزي رؤيته! وحكم عليه بأذنيه لا بعينيه! فرنسا فعلا دولة لا تسمح بتمويل فلم سينمائي لايحكي وجه نظر فرنسا في موضوع الاستعمار! حتى ولو أن المخرج بوشارب صور في فيلمه بعض المشاهد التي تحكي عن ثوار جزائريين من المطاردين بأحكام الحق العام! أي أن ثورة الجزائر قام بها "الهُزِّية" وليس الثوار الذين تربوا في مدرسة الوطنية لحزب الشعب وجمعية العلماء! كل ذلك لم يشفع لهذا الفيلم لكي يأخذ جائزة في كان حتى ولو من خشب.. وليس فضةً أو برونزًا! في سنة 1972 أنجز السينمائي الجزائري لخضر حامينة فيلمه "سنوات الجمر" بأموال جزائرية صرفة.. وحشرت مصالح المخابرات الفرنسية أنفها في هذا الفيلم لأنه "حُمِّض" في فرنسا.. فجاء موضوع الفيلم يصور "الڤياد" الجزائريين يعذبون الجزائريين وينتزعون منهم الأراضي.. كما صور ضباط فرنسا يتعاطفون مع المساجين الجزائريين من المجاهدين المعتقلين! وأذكر وقتها أن أول عرض لفيلم حامينة "سنوات الجمر" كان في قاعة سينما الجزائرية.. وحضره الراحل هواري بومدين.. وعند انتهاء العرض قال للمخرج حامينة في غضب: "إنك لم تزد على صورة أن الجزائريين هم الذين يعذبون الجزائريين والاستعمار بريء من دم الجزائريين"! ولعل هذا هو السبب الذي جعل المخابرات الفرنسية تتدخل في كان لإعطاء السعفة الذهبية للفيلم وتكون أيضا قد تدخلت هذه المرة لحرمان فيلم بوشارب من الجائزة. أقول هذا لأن مصالح الاستعلامات الفرنسية سبق لها وأن عملت على إتلاف فيلم للجنرال جباب أنجزته التلفزة الجزائرية ويتحدث فيه جباب عن هزيمة فرنسا في معركة ديان بيان فو!