لا تزال ظاهرة حمل السلاح دون ترخيص منتشرة على نطاق واسع في ولاية أم البواقي، وهذا ما نلاحظه عن قرب نتيجة لغياب الرقابة الأمنية وتماطل الجهات الأمنية المعنية في الحد من حمل السلاح غير المرخص حجز أزيد من ربع مليون خنجر، 10 قتلى و789 قضية في المحاكم في أم البواقي ولأن الجميع قد اكتوى بسعير الظاهرة، حيث إنها أثرت على الوضع الأمني الذي هو أصلًا هشّ وما نشهده اليوم من إحصائيات وتقارير للعديد من الجهات الرسمية وغير الرسمية عن نسبة حاملي قطع السلاح غير المرخص في ولاية أم البواقي، وكذا تفاقم جرائم القتل الناجمة عن السلاح يندى لها الجبين ويشعر المرء أنه يعيش في قلق دائم لا يطيب له قرار. في الآونة الأخيرة طفت إلى السطح ظاهرة جديدة لانتشار أكثر للجريمة عمّت بدورها أسواق ولاية أم البواقي، لا سيما والجهات المعنية والأمنية تركز انتباهها وجهودها على مكافحة السلاح الناري غير المرخص، إنه بالطبع نوع من السلاح الأبيض. وبالمناسبة لست أدري لماذا سمي بالأبيض، وهو مثله مثل أي سلاح آخر قاتل وفتّاك.. إنها “الخناجر أو السكاكين”، فإذا كان من الصعب امتلاك المواطن لمسدس ناري أو كلاشينكوف أو حتى بندقية صيد بسبب غلاء ثمنها والصعوبات الإدارية والأمنية التي تصاحبها، فإنه من السهل جدًا أن تشتري خنجرًا كبيرًا أو صغيرًا بثمن جد معقول، ودون أي إجراءات إدارية أو أمنية. فقد انتشر هذا السلاح الأبيض في شوارع جل دوائر وبلديات وقرى ومداشر ولاية أم البواقي، لا سيما في الأسواق الشعبية والأسبوعية والمحلات التجارية والأكشاك، أماكن بيعها، بصورة مذهلة ومدهشة، وهي ذات أحجام وأشكال متنوعة وبالطبع ليست أقل فتكاً من أخيها غير الشقيق السلاح الناري!! وأخطر ما فيها، أي الخناجر والسكاكين، أنه يوجد نوع منها “ذات السنون” فالجسد حين يطعن به يكون مكان الجرح “الطعن” غير قابل للتدخل الجراحي والخياطة!! ما يؤدي إلى استمرار النزيف ومن ثمّ الوفاة المؤكدة! ناهيك عن خناجر أخرى مطلية بمادة زيتية، وهذه المادة هي أحد أنواع السموم القاتلة حين تلامس الدم لتنتشر في الجسد بسرعة البرق! وقد كشف مصدر أمني محلي مطلع ل “الفجر” أنه تم بمدينة عين الفكرون حجز حوالي 200 ألف خنجر من النوع الكبير والمسنّن، وحوالي 20 ألف خنجر من الحجم الصغير يحتوي على مادة سامة قدرت قيمتها المالية 06 مليارات سنتيم جزائري استوردت خصيصًا من الصين لإغراق السوق الوطنية وذلك عشية عيد الأضحى الماضي. كما ذكرت مصادر أمنية محلية متطابقة ل”الفجر” أنه تم خلال سنة 2009 حجز أزيد من ربع مليون خنجر من مختلف الأحجام والأشكال بقيمة مالية إجمالية قدرها 10 مليارات سنتيم جزائري، كانت موجهة للسوق المحلية. قضائيًا، تم إحصاء حوالي 789 قضية اعتداء جسدي استعمل فيها المعتدون الأسلحة البيضاء وذلك على مستوى مجلس قضاء أم البواقي، حسب ما أشارت إليه مصادر قضائية محلية موثوقة، كما تم تسجيل 10 قتلى خلال العام المنقضي راح أصحابها ضحايا للأسلحة البيضاء. أسلحة فتّاكة... بأسعار زهيدة..!! الفارق الرئيسي بين ذلك السلاح الأبيض والناري، أن الأول يباع بمبالغ زهيدة جدًا وطبعاً يستطيع حمله الصغار قبل الكبار...!! إذاً.. في حال غض الأنظار عن أولئك الباعة أصحاب المحلات التجارية والأكشاك المتواجدين في مختلف الشوارع لكثرتهم، والذين يعتبرون المركز الأساسي لبيع الخناجر وبأنواعها المختلفة، سوف يظل معدل الجريمة، العمد والخطأ، في ارتفاع دائم!! والجريمة، في كل الأحوال، تحتاج إلى سلاح قاتل بغض النظر عن نوعه وحجمه.. والسلاح الأبيض هو الأقرب إلى اليد، لسهولة استعماله ورخص سعره وخفته، ولأنه الأداة شبه الوحيدة التي لا تصدر ضجيجاً عند استعمالها لممارسة الجريمة بكل سهولة ويسر!! خنجر أو سكين أو حتى سيف وتخلو الشوارع من أولئك المدججين بالبنادق والرشاشات والذخيرة الحيّة وبعد برهة من الزمن تجد كل المواطنين مدّججين بالخناجر والسكاكين لدواعي أمنية محضّة، و لا تسألوا عن الأسباب، لأنها معروفة مسبقًا؟! وحتى لو فكّرت السلطات الأمنية والمسؤولة في مصادرة الخناجر والسكاكين أو تقنين استعمالها وحيازتها.. فستندلع ثورة النساء، لأن الخنجر أو السكين من حقوق المرأة المطبخية، وحتمًا ستظهر أسلحة جديدة طالما النفس البشرية لا تزال تتنازعها قوى الشر والخير. سوف نصحو على ولاية خالية من السلاح الناري... لكنها مملوءة بالخناجر والسكاكين والسيوف والهراوات والصولجان والقضبان الحديدية كسلاح للدفاع عن النفس وممارسة قتل النفس.. ولعل جولة واحدة في شارع واحد وسوق واحد وبلدية واحدة تستوعب خلالها الانتشار السريع للخناجر والسكاكين والهراوات، ومنها سوف نحتاج لرفع شعار آخر معنون ب “مكافحة حمل الخناجر والسكاكين والهراوات”!! وهكذا دواليك في كل ظاهرة جديدة لا يتم حسمها سريعاً!!. من هذا المنطلق وتحت شعار “منع حمل السلاح أي سلاح أبيض كان أو أسود لا يهم” لا بد من الإسراع في تنظيف الولاية، من كافة الأسلحة البيضاء والحزم والصرامة في ذلك، بحيث يمنع التجار من استيراده من البلدان المصنعة وتسليط العقوبة التأديبية والردعية بحق كل من يثبت أنه يبيع تلك الخناجر القاتلة دون الحديث عن الخناجر المستعملة في المطبخ وشتان بين الاثنين. وبهذا الإجراء الصارم سوف يخلو قاموس هذه الولاية المسالمة من مفردات السلاح والجريمة.