تقدم مواطنون في ولاية أم البواقي بشكاوى إلى الجهة المختصة تتعلق بهواجس حول أمن قاروات غاز البوتان، حيث تصبح القارورة مصدر خطر إذا كان هناك تسرّب منها لسبب أو لآخر، الأمر الذي يُنذر بحدوث كوارث لا تُحمد عُقباها، خاصة أن تقريرا رسميّا صدر عن إحدى الهيئات المسؤولة 20 قتيلا و120 جريح وخسائر مادية ب10 ملايير منذ 2008 أكد أن ما يقارب 20 ألف قارورة غاز البوتان بولاية أم البواقي تالفة وغير صالحة للإستخدام فيما تحصي مصادر على اطلاع حوالي 800 ألف قرورة غاز تالفة على المستوى الوطني. الفجر” نزلت ميدانيًا، وقامت بتقصي حقائق تلك المشاكل وما يترتب عنها من خسائر مادية وبشرية، من خلال الوقوف على المعاناة عن كثب مع عدد من المواطنين وأصحاب محلات بيع قارورات الغاز والمسؤولين المعنيين بالأمر. وأفادت تقارير رسمية أنه تم إحصاء 20 قتيلا و120 جريحا وخسائر ماديّة بأكثر من 10 ملايير سنتيم على مستوى ولاية أم البواقي منذ 2008 بسبب تسرّب الغاز من القارورات التالفة، كما أن هذه الأخيرة كانت السبب وراء اندلاع 322 ما بين حريق وانفجار. وذكرت ذات التّقارير أنه تم إحصاء حوالي 20 ألف قارورة غاز تالفة وغير صالحة للإستخدام، تم سحب 10 آلاف من السّوق المحلية حتى شهر فيفري الفارط، فيما سيتمّ سحب الكمية المتبقية قبل نهاية العام الجاري. وكشفت مصادر محلية مطلعة ل“الفجر” أن العدد الإجمالي لقارورات غاز البوتان التالفة والمنتهية الصلاحية بولاية أم البواقي أكثر من العدد المُعلن عنه بكثير، وقدّرته مصادرنا بحوالي 50 ألف قارورة غاز تالفة، مشيرة إلى أن الكمية المتلفة متضمنة في محضر رسمي بمركز نفطال. فيما قالت مصادر أخرى إنه في الوقت الذي يعاني مواطنو ولاية أم البواقي من قارورات الغاز التالفة وندرة غاز البوتان وارتفاع أسعاره، فإنّ المركز الرئيسي لنفطال المتواجد بعين البيضاء قام، بداية من العام الحالي، بتصدير كميات معتبرة من قارورات غاز البوتان إلى تونس وبأسعار زهيدة. قارورة الغاز غالية الثمن وغير آمنة يشتكي المواطنون بالمناطق الريفية، وحتى الحضرية التي لا تزال تعاني من انعدام غاز المدينة، من ظاهرة المضاربة في قارورات الغاز، التي تجاوز سعرها في بعض الأحيان ال500 دينار جزائري، خاصة خلال فصل الشتاء وما يتخلله من برودة في الطقس، رغم أن سعرها الرسمي تم تسقيفه ب200 دينار لا غير، إضافة إلى بيعها في نقاط ومحلات تجارية غير معتمدة أو مرخصة من شركة نفطال. وحتّى محلاّت بيع المواد الغذائية وبيع الخضر والفواكه ومستودعات مواد البناء يمارس أصحابها إعادة توزيع وبيع قارورات غاز البوتان.. لترتفع أسعارها وتثقل كاهل المواطنين وجيوبهم. والملاحظ أن قارورات الغاز المعروضة للبيع في بعض المحلات بولاية أم البواقي، يندهش للحالة المزرية التي تتواجد عليها، حيث تعرضت أغلبها لصدمات غيّرت شكلها وتسببت في تخريب أقفالها، مما يهدد حياة مستعمليها. وكانت “الفجر” شاهد عيان لحادث انفجار إحدى قارورات غاز البوتان في بلدية بوغرارة السعودي، عندما أقدمت إحدى النساء على إلقاء قارورة الغاز الفارغة من الطابق الرابع من إحدى العمارات لابنها قصد شراء قارورة غاز مملوءة. وبمجرد أن اصطدمت بالأرض أحدثت انفجارًا قويًا دويه يصم الآذان.. ولحسن الحظ أن هذا الحادث الخطير لم يتسبب في خسائر بشرية أو مادية، واقتصر على إحداث حفرة بعمق متر واحد. وبعد تدخل مصالح الحماية المدنية علمنا أن القارورة الملقاة كانت نصف مملوءة، وأن عمرها الإستعمالي قد انتهى منذ مدة، حسب أحد أعوان شركة نفطال. غالبية قارورات الغاز المتداولة في السوق قديمة و تالفة..! يقول (رشيد.ح) صاحب محل لبيع قارورات الغاز بمسكيانة: “بالنسبة للمشكلة فهي موجودة منذ فترة طويلة، وأغلب قارورات الغاز المتوفرة حاليًا أصبحت غير صالحة، أي أنها تسرب الغاز، وكان جدير بشركة نفطال المعنية استبدال القارورات التالفة حتى لا تحدث الكارثة”. وأضاف محدثنا: “دائماً نعاني من هذه المشكلة وتشكّل علينا خطرا، وقد تقدمنا ببلاغات وشكاوي القائمين على شركة نفطال وكل الجهات المعنية وقدموا لنا وعوداً لإيجاد الحلول المناسبة وإنهاء المشكلة، لكن إلى غاية يومنا هذا لم تعالج المشكلة”. وأشار إلى أن هناك قارورات غاز قديمة الصنع وانقضى عمرها الإفتراضي منذ مدة. وأوضح أن هذه النوعية منتشرة على نطاق معتبر في السوق المحلية، وهي نوعية رديئة للغاية وبعضها تالف وغير صالح. كما طالب محدثنا الجهات المعنية بتبديل تلك القارورات أو إعادة صيانتها بحيث تكون آمنة ولا تشكل أي خطر على أرواح وأملاك المواطنين. ليس في كل مرة تسلم الجرّة..! أما عمي الزوبير من عين مليلة، فقال: “نعاني من هذه المشكلة، وهي ليست بسيطة ولا يجب التساهل تجاهها أو التهاون معها، وكثير من الحالات تصادفنا بشكل متكرر، خاصة عندما نقوم بشراء قارورات الغاز من البائعين غير المختصين وغير المرخص لهم، ولولا عناية الله لكان الكثير من الناس في عداد الموتى وضحايا تسرب الغاز من القارورات الغير الصالحة للإستعمال”. وقال إنه أحيانًا يحدث تسرب بسيط ولا ينتبه إليه أحد فيتفاجأ باشتعال النار في رأس القارورة، وبعدها يقوم بإغلاق المحكم “القفل” قبل وقوع انفجار أو حريق.. ولكن ليس في كل مرة تسلم الجرة. وأضاف أن الكثير من المنازل حدثت فيها حرائق وانفجارات بسبب هذه المشكلة وتم تداول ذلك إعلاميًا، إلا أنهم لم يروا حتى اللحظة أي حلول، وكأن الجهة المختصة لا تعلم عن ذلك شيئاً، أو أنها تنتظر كارثة كبرى تأتي على الأخضر واليابس حتى تتدخل. وتساءل المتحدث عن سبب ذلك قائلا: “هل المسؤولون في شركة نفطال لا يقرؤون الصحف أم أنهم يتجاهلون والمسألة لا تعنيهم؟ نرجو منهم التجاوب مع شكاوى المواطنين قبل أن نقدّم قوافل أخرى من الضحايا”. بدوره، أكد اليامين غماري، عامل بأحد المطاعم بقصر الصبيحي، إنه يحصل أحياناً تسرب للغاز من المقفل ويقومون بإرجاعها، أي القارورات التالفة، إلى صاحبها وتبديلها.. وهذه حالات نادرة. وأضاف أن هناك شيئاً آخر لا ينتبه الناس إليه، هو أن الجهاز الموصل بين المقفل والأنبوب البلاستيكي، المعروف محليًا ب”التاندور”، يكون غير صالح أحيانا، وذلك يؤدي إلى تسرب الغاز.. وهنا يجب تغيير تلك الأداة. وأضاف: “نرجو من مصالح الحماية المدنية تنظيم دورات توعوية للمواطنين الذين يستخدمون قارورات الغاز في حياتهم اليومية، قبل حدوث كارثة، وهو دور وقائي لا بد منه”. المطالبة باستبدال قارورات الغاز التالفة خالتي ربيحة، هي ربة بيت، قالت إن المعاناة زادت، وأصبحت قارورات غاز البوتان التي تسرب الغاز منتشرة ومتداولة بشكل واسع ومخيف، وأنهم صادفوا ذلك مراراً، فيقومون باستبدالها أو إرجاعها إلى المحل. وأشارت محدثتنا إلى أنه في بعض الأحيان يكون صاحب المحل على علم بأن القارورة تسرب الغاز، ومع هذا يبيعها بهدف الربح ولا يهمه ما قد يحدث، “وهذا ما حصل لي عندما اشتريت قارورة غاز من صاحب محل مخصص لبيع قارورات الغاز فوجدتها تسرب الغاز، فعدت إليه وأخذت قارورة أخرى، وهي أيضاً صارت تسرب فعدت إليه مرة ثانية فأخبرها أنه كل القارورات متشابهة.. وما عليها سوى القبول أو استرجاع أموالها!”. وأضافت أنها مشكلة خطيرة ولا يمكن السكوت عنها.. كأننا نصرخ في واد يلاحظ عبد العزيز صندل، صاحب مقهى بسوق نعمان، أن قارورات الغاز التي تسرب الغاز متداولة ولكن ليست بكثرة “وبالنسبة لي أفتح مقفل القارورة عند صاحب الغاز، فإذا سرّبت أخذ غيرها، ولكن هذا لا ينفي أن المشكلة ليست بخطيرة، والكل يعرف ذلك ولكن لا حياة لمن تنادي، فأصحاب الشأن ليس لديهم آذان يسمعون بها.. وهو أمر يطرح تساؤلات عديدة”. وأضاف: “نقول للمسؤولين أدوا الأمانة الملقاة على عاتقكم فالمسؤولية تكليف وخدمة المواطنين وليست هبة أو تشريف، فهذه أرواح وممتلكات أصبحت مهددة بين الحين والآخر بسبب خلل بسيط يمكن صيانته بشكل صحيح أو سحب قارورات الغاز التالفة أو المنتهية الصلاحية من السوق إذا دعت الضرورة إلى ذلك، فالإمكانيات لا شك أنها متوفرة وما عليهم إلا أن ينطلقوا من ضمائر حية حرصاً على سلامة الجميع”. إلى متى يتهرب بعض المسؤولين من الصحافة؟ زرنا شركة نفطال ونقلنا استفسارات عديدة تتعلق بجملة من المشاكل والمعاناة التي ذاق مرارتها المواطن جراء قارورات الغاز التالفة إلى أحد مسؤولي الشركة، لكن هذا الأخير امتنع عن الإدلاء بأي تصريحات صحفية لأسباب خارجة عن إرادته - حسب قوله - وحاولنا التواصل مع المكلف بالإعلام والاتصال بشركة نفطال عبر الهاتف عدة مرات، إلا أنه لم يرد علينا أحد ووجدنا الأبواب مغلقة في وجوهنا.. فإلى متى يتهرب بعض المسؤولين من الصحافة؟ سؤال لم نجد له إجابة.. عمّار قردود نفطال تتلف القارورات الفاسدة كل 5 سنوات حظيرة قارورات غاز البوتان الوطنية تقدر ب 22 مليون قارورة كشف مسؤول الإعلام بمؤسسة نفطال، السيد شردود، ل”الفجر”، أن حظيرة قارورات الغاز الوطنية تقدر بنحو 22 مليون قارورة يتم استبدالها بشكل دوري. وأضاف نفس المسؤول أن فترة صلاحية قارورة الغاز ليست مرتبطة بمدة معينة بل بمدى توفرها على شروط الأمان، حيث تعمل نفطال على تنظيم دورات مراقبة كل خمس سنوات لهذه الحظيرة للتأكد من صلاحيتها، وبالتالي الاطمئنان على سلامة مستعمليها، مع إتلاف القارورات التي ثبت وجود عيوب بها، مشيرا إلى أن مراقبة قارورات الغاز كل 5 سنوات يعد إنجازا.. كون دول الاتحاد الأوروبي وتونس تقوم بهذه العملية كل 10 سنوات، ما يؤكد حرص نفطال على سلامة المواطنين، والدليل هو تنظيم حملة تحسيسية مؤخرا عبر قنوات الإذاعة الوطنية الأربع لتقديم الشروحات اللازمة للمستمعين حول كيفية استعمال قارورة غاز البوتان، والشروط التي يتطلب توفرها للوقاية من أخطار الانفجارات، خاصة أن كوارث الغاز يكون سببها الرئيسي الاستعمال السيء في ظل نقص ثقافة استخدامها. راضية.ت مصالح الحماية المدنية تؤكد أن مدن الهضاب العليا الأكثر تضررا قارورات الغاز تتسبب في وفاة 15 شخصا كشف المكلف بالإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية، الملازم نسيم برناوي، عن تسجيل 48 تدخلا في إطار الإجلاء الصحي لأشخاص تعرضوا للإختناق بغاز البوتان أو انفجاره منذ الفاتح جانفي 2009 إلى غاية اليوم، بينها 12 تدخلا خلال جانفي وفيفري من السنة الجارية سجلت فيها حالتا وفاة، بينما تم تسجيل 36 تدخلا و13حالة وفاة بسبب غاز البوتان على المستوى الوطني خلال 2009. وأضاف ذات المتحدث أنه قد تم إسعاف 14شخصا في شهري جانفي وفيفري من نفس السنة، في حين فارق الحياة شخصان جراء اختناق أو تسمم بالغاز.أما فيما يخص عدد الأشخاص الذين تم إسعافهم خلال سنة 2009، فقد أحصت مصالح الحماية 52 شخصا تم إنقاذه ونقله إلى المستشفى. وأرجع الملازم نسيم برناوي سبب الاختناقات إلى أوكسيد الكربون المنبعث من المدفآت وأجهزة التسخين. كما تحصي آلاف التدخلات أشخاصا آخرين يتم إسعافهم في المستشفيات، الأمر الذي جعل من الحصيلة في بداية فصل الشتاء تكون حوادث مأساوية لحالات الوفاة الناجمة عن الاختناق بالغاز الطبيعي، نتيجة التسربات وعدم اتخاذ احتياطات الأمن والسلامة في تشغيل الآلات. وحسب مصدرنا دائما، فإن المدن الداخلية ومدن الهضاب العليا وسكان المداشر والقرى، هم الأكثر تضررا جراء استعمال تجهيزات التسخين، وعلى الخصوص المدفآت التي تعمل بالقارورة. من جهته شدد الملازم برناوي على ضرورة الالتزام بالنصائح التي ينبغي أن يتبعها كل شخص في منزله لتفادي الوقوع في كوارث، وذلك بالتأكد من توصيلات الغاز، مراقبة وسائل التدفئة والفرن.