رفضت العائلات المقيمة بالتعاونية العقارية “عبان رمضان” الواقعة بحي البرتقال ببلدية بوزريعة أن يوصف حيهم بالفوضوي، أو يتهمون بالتعدي على القطع الأرضية التي شيدوا عليها سكناتهم، مؤكدين دفعهم مبالغ مالية تراوحت مابين 25 و30 مليون سنتيم، مقابل حصولهم على قرارات الاستفادة منحت بعضها من طرف رئيس التعاونية السابق الذي وافته المنية سنة 2001، والبعض الآخر من منظمة المجاهدين لولاية الجزائر. أجمعت العائلات على ضوء زيارة “الفجر” للحي، أن رئيس التعاونية الحالي الذي انتخب بالإجماع سنة 2006، بصفته ممثلا عن العائلات، كان يبحث عن تسوية ملف التعاونية مع السلطات المحلية استنادا إلى قانون 08/15، الخاص بتسوية البناءات المنجزة بدون رخصة “لتفاجأ بفتح تحقيق قضائي، بناء على رسالة مجهولة، وبالتالي رفض السلطات المحلية البت في الموضوع إلى حين الفصل في قضيتنا المطروحة على محكمة حسين داي”. وأكدت العائلات أن إعادة تشكيل مكتب التعاونية بعد وفاة رئيسها الأول، وانتخاب الرئيس الحالي، كان بسبب بقاء أوضاع التعاونية عالقة وعدم تكملة الأشغال المتوقفة. مضيفين أنهم “تفاجأوا بزج رئيس التعاونية في الحبس على أساس أخذه منا أموالا”، غير أن الصحيح أن هذه الأموال التي جمعتها العائلات كانت لأجل مصلحة الحي، بمعنى أن رئيس التعاونية كان منظما فقط لعملية تهيئة الحي، وأن الأموال التي تم جمعها دفعت كمستحقات لإيصال السكنات بالغاز والمياه والكهرباء، بالإضافة إلى قنوات صرف المياه القذرة وتهيئة طرقات الحي والأرصفة. وهي التهيئة التي أضافت بخصوصها العائلات أنها كانت السبب في تخلص العائلات من مشاكل كثيرة كانت تواجه معيشتهم، حيث أشاروا في هذا الصدد إلى مثالين لايزال الجميع يتذكرهما تمثلا في وفاة شخص قاطن بالحي شتاء 2004 وقتها كانت طرقات الحي تغرق في الأوحال والأتربة، وهو ما لم يمكن الوافدين للحي من الولوج إليه قصد القيام بواجب التعزية، الأمر الذي اضطرهم للانتظار أمام مدخله إلى غاية إخراج النعش منه، والأكثر من ذلك، تضيف العائلات، أنهم لم يكونوا يغادرون منازلهم عند تساقط الأمطار، كما يتذكرون حادثة أخرى حدثت سنة 2006 تتعلق بحالة ولادة، حيث تمكنت عائلة من إسعاف ابنتها التي كانت على وشك الولادة بصعوبة كبيرة بسبب عدم قدرة السيارة في عز الشتاء على الوصول إلى مسكنها أين اضطر الزوج رفقة معاونيه لحملها عن طريق كرسي وإيصالها للسيارة التي كانت تنتظر بمدخل الحي، لتضع الأم مولودها الذي يبلغ اليوم خمس سنوات. “الفجر” دخلت سكنات العائلات، ووقفت على حقيقة الوضع الإجتماعي لساكنيه، عكس ما تم ترويجه أن القاطنين هم إطارات في الدولة استعملوا نفوذهم للتعدي على الملكية العقارية، غير أن الواقع بين حقيقة مرة يعيشها هؤلاء السكان، فأغلبيتهم الساحقة، إما أنهكهم إيجار السكنات، أو ضيق المنزل العائلي. ولاتزال حاليا هذه العائلات منذ العشرية الماضية تشيد سكناتها ولم تكمل إنجازها لحد الساعة بسبب وضعهم المزري. تقول السيدة يمينة، 60 سنة، ابنة شهيد، تقطن بالحي منذ 11 سنة، إنها لازالت لحد الساعة تبني منزلها، بعد أن تطوعت والدتها ودفعت ثمن القطعة الأرضية لرئيس التعاونية السابق “وطيلة تلك السنوات ولازلت لحد الساعة، أشيد منزلي الذي أقطن فيه رفقة سبعة أولاد أصغرهم يبلغ من العمر 24 سنة، وكلهم وصلوا سن الزواج ولا يمكنهم تكملة نصف الدين بسبب عدم قدرتنا على تكملة إنجاز المنزل”. وأكدت ذات السيدة أنها بالرغم من امتلاكها لقرار الاستفادة إلا أن الكوابيس تزعج يومياتها بخصوص إخراجها من منزلها بعد نزع ملكيتها، لكنها سرعان ما تؤكد أن ذلك لن يكون إلا على جثتها. ويضيف السيد ساعد، 46 سنة، أب لخمسة أطفال، أنه اشترى القطعة الأرضية سنة 1997 بمبلغ 25 مليون سنتيم، ومن وقتها وهو يبني منزل أسرته تدريجيا ولم يتمكن من الانتقال إليه إلى غاية سنة 2006 “وقتها ظننت أنني استقللت وأسرتي بمنزلنا، لأجد نفسي بعد مرور خمس سنوات متابعا قضائيا، وهو الأمر الذي لم أهضمه كوني اشتريت القطعة بمالي”. ويضيف ساكن آخر أنه كان يقطن في المنزل العائلي رفقة ستة من إخوته “وعندما حان الفرج، ضاقت بي الدنيا بعدما وجدت نفسي متهما رغم امتلاكي لقرار استفادة”. أما السيدة فتيحة، 52 سنة، أرملة وضحية إرهاب، أم لسبعة أطفال، فتؤكد أنها لم تملك في حياتها مسكنا خاصا “وإنما اضطررنا في كل مرة لكراء منزل إلى غاية شراء عقار المنزل سنة 1999 حيث لانزال لحد الساعة نشيد منزلنا الذي هو في طور الإنجاز، لكننا مضطرين للعيش فيه رغم عدم اكتماله”. وأكد السيد محمد، 68 سنة، شراءه القطعة الأرضية من عند رئيس التعاونية سنة 1994، بمبلغ 25 مليون سنتيم، حيث تمكن بشق الأنفس من تشييد منزله، بعدما عاش رفقة أسرته أزمة سكن خانقة بباب الوادي، حيث استطرد قائلا “لكم أن تتصوروا، كنا نقطن 11 فردا في شقة من غرفتين”. وبالنسبة للسيد مبارك، على أبواب العقد الثامن، فكشف أنه يقطن بالحي منذ 20 سنة، وهو مادفعه للتساؤل قائلا “أين كان هؤلاء الذين يريدون محاسبتنا اليوم طيلة السنوات التي مرت ولم يحركوا ساكنا، والآن يتهموننا بالفوضى؟”. مضيفا أنه كان يقطن في شقة من ثلاث غرف بباب الوادي، وأن العقار الذي اقتناه ب 25 مليون سنتيم مكنه من تشييد منزل لأفراد عائلته ولايزال في طور البناء، وهو ما يوافقه عليه السيد أحمد، 70 سنة، حيث قال إنه كان يقطن في الزغارة في شقة من ثلاث غرف رفقة عائلات أخويه، وأنه اشترى العقار بمبلغ 25 مليون سنتيم هربا من الضيق. وغداة مغادرتنا الحي الذي هو عبارة عن ورشة بناء كبيرة، استوقفنا منظر أطفال الحي يلعبون ويتقاذفون الكرة فيما بينهم، والابتسامة تطبع ملامحهم البريئة، غافلين عما ينتظر عائلاتهم المتابعين بالتعدي على الملكية العقارية والبناء بدون رخصة.