وسط احتفالات شعبية ورسمية ضخمة وفيما اعتبر تحديا جديدا من شأنه أن يضاعف مخاوف الغرب بصفة عامة وإسرائيل بصفة خاصة ، بدأت إيران يوم السبت الموافق 21 أوت عمليات تشغيل محطة بوشهر النووية باستخدام وقود نووي روسي ووفقا لبيان أصدرته المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية فإن عملية نقل الوقود النووي إلى المفاعل أنجزت في 21 أوت بحضور علي أكبر صالحي، نائب الرئيس الإيراني وسيرجي كيريينكو، رئيس الوكالة النووية الروسية "روساتوم" التي أشرفت على بناء محطة بوشهر. وأضاف البيان أنه انطلقت الاحتفالات بتلك المناسبة في كافة أنحاء إيران، مشيرا إلى أن روسيا سوف تشرف على عمل المفاعل بدءا من تزويده بالوقود النووي وانتهاء بالتخلص من نفاياته النووية. ويفترض أن يستغرق تحميل 163 من قضبان الوقود النووي في قلب المفاعل بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية حوالي أسبوعين وينتهي في الخامس من سبتمبر ليبلغ المفاعل 50 بالمائة من طاقته، فيما يتوقع بدء المفاعل في توليد الطاقة الكهربائية في نهاية أكتوبر أو مطلع نوفمبر. ويجب الإشارة هنا إلى أن وقود اليورانيوم المستخدم في مفاعل بوشهر أقل مستوى بكثير مما يتطلبه التخصيب اللازم لصنع سلاح نووي، حيث يحتاج اليورانيوم المخصص للسلاح النووي إلى نسبة تخصيب تناهز 90 في المائة أما فيما يتعلق بتخصيب يورانيوم بوشهر فهو لايتجاوز 3.5 في المائة. ورغم ما سبق، فإن بدء شحن المفاعل بالوقود النووي يعني أن بوشهر أصبحت رسميا منشأة نووية وبذلك دخلت إيران نادي الدول المستخدمة للطاقة النووية، الأمر الذي يبعث بعدة رسائل للغرب وإسرائيل من أبرزها أنه لاجدوى من العقوبات والضغوط الدولية ، فإيران مصرة على مواصلة برنامجها النووي عبر عابئة بالتحديات. فحلم محطة بوشهر تحقق بعد ثلاثة عقود من طرح الفكرة في أواخر عهد الشاه وبعد تلكؤ روسيا لأكثر من 11 عاما في تنفيذ المشروع، هذا بجانب تعرض طهران لضغوط ستة قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي، أربعة منها تتضمن فرض عقوبات ضدها على خلفية برنامجها النووي. بل واللافت للانتباه أن بدء تشغيل المفاعل جاء في ذروة تقارير غربية عن اعتزام إسرائيل توجيه ضربة عسكرية له قبل افتتاحه رسميا ومع ذلك أصرت إيران على المضي قدما في الالتزام بالموعد المحدد سلفا لعملية شحنه بالوقود النووي، بل وخرج الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قبل افتتاحه بيومين ليؤكد على الملأ عبر تصريحات أدلى بها لقناة "الجزيرة" في 21 أوت أن إسرائيل أصغر من أن تضرب إيران وأن بلاده عازمة على بناء 50 محطة نووية جديدة على غرار بوشهر. أيضا فإن بدء تشغيل مفاعل بوشهر بعث برسالة أخرى للغرب مفادها أن إيران بلغت قمة التكنولوجيا النووية والمجال أصبح مفتوحا أمامها في هذا الصدد بالإضافة إلى زيادة رصيدها من الكوادر البشرية المدربة على تشغيل تلك المحطات بالاستفادة من الخبرة الروسية. ويبقى الأمر الأهم وهو أن بدء تشغيل المفاعل يعتبر حدثا تاريخيا لإيران ودليلا على إرادتها التي تتحدى الضغوط والعقبات، لذا لم يكن مستغربا أن تذكر هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن المسؤولين الإيرانيين حرصوا على إظهار الحدث بصفته انتصارا للجمهورية الإسلامية على أعدائها. بل وظهر رد الفعل الأمريكي كأنه رضوخ للأمر الواقع رغم أنه طالما انتقد قيام روسيا ببناء محطة بوشهر، ففي بيان أصدره بعد ساعات من بدء تشغيل المحطة، أعلن البيت الأبيض أنه ليس هناك خطر انتشار نووي جراء افتتاح بوشهر، كما أوضح أن المحطة لا تحمل في طياتها إمكانية استخدامها في أغراض عسكرية. والخلاصة أن محطة "بوشهر" باتت أمرا واقعا وهي تبعث برسالة واضحة للغرب مفادها أن العقوبات لم تمنع مضي إيران قدما في برنامجها النووي.