تبدي الكثير من العائلات رغبتها في الإحتفال باختتان أبنائها في شهر رمضان الكريم، وغالبا ما تكون ليلة السابع العشرين منه موعدا للأفراح في البيوت الجزائرية، فيما تفضل بعض العائلات الأخرى تأجيل أفراحها إلى ما بعد رمضان، لاسيما منها أعراس الزفاف، لضيق فترة الصيف الذي يعد موسم الأفراح الأول بدون منازع في مجتمعنا.. فرمضان غيًر في السنوات القليلة الماضية العديد من التقاليد، سواء تعلق الأمر، بعلم أم بجهل، أن الصحابة الكرام كانوا يستحبون الزواج في شهر شوال.. فقد تحول هذا الشهر فعلا في زماننا إلى موعد لأعراس الجزائريين. أصبح الزواج عند الفتيات وأسرهن في شوال يعني المزيد من التحضير الذي يتزامن مع شهر رمضان، وكثيرا ما يكون هذا على حساب روحانيات الشهر الكريم وعلى مائدة الإفطار أيضا التي تتحول إلى مائدة شبه عادية.. فبين نهار يخصص للأسواق و شراء آخر المستلزمات - التي لا تنتهي - وليل للتفكير و التشاور بين أفراد العائلة في كيفية التحضير للعرس الذي بات على الأبواب، تضيع صلاة التراويح على الجميع وتكثر متطلبات العائلة من ولي الأمر بها والذي يبقى عليه تلبية كل تلك المتطلبات، وإلا صُنف في خانة المغضوب عليهم من قبل الزوجة والبنت العروس التي ترغب في كل شيء في الأيام الأواخر مما تبقى لها في بيت العائلة.. وتأتي هذه المتطلبات لتضاف إلى خانة مصاريف الشهر، فيجد الأب نفسه يصرف دون بخل لكنه لا يرى المقابل على مائدة الإفطار فلا الأم و لا البنت والأخوات مهتمات بتحضير الأكلات المتنوعة كما تجري العادة لأنهن مشغولات بما هو أعظم، و لا سبيل لأي معارضة داخل أسوار المنزل، خاصة أن ارتياد الأسواق أصبح مرادفا لبذل مجهود إضافي في رمضان. ولا تكاد إحدى المتسوقات تدخل البيت إلا لترتاح من عناء يوم طويل و حرارة منهكة، يضاف إليها جهد التدافع الذي يميز كل نقاط البيع في بلادنا ولو كان محلا عاديا، فما بالك بمحلات العرائس وكلهن مقبلات على الزواج بعد العيد. أما إذا كان الأب ذا شخصية قوية فتراه يضرب بيد من حديد من أجل ضمان مائدة إفطار محترمة، تتحايل النسوة في جعلها جاهزة في الميعاد بالرغم من كل مشاغل تحضير العرس، وقد تمر الأمور بردا و سلاما على الجميع إذا وجد من البنات أو من “العرايس” من ترضى بالمكوث في البيت لتحضير الفطور. أما الفتاة العروس فتبذل جهدها كي لا تفقد الكثير من وزنها في هذا الشهر لتظهر بمظهر حسن يوم زفافها، ولا يسمح لها بولوج المطبخ لكي لا تفقد نظارتها، علما أن فترة التربص لإتقان فنون الطبخ تكون قد مرت، فلا يعقل أن تتكل الفتاة على هذه الفترة القصيرة لتطوير مهاراتها المنزلية. من جهة أخرى، تبقى عائلة الشاب المقبل على الزواج في شهر شوال، سواء في أوله أو في أيامه الأخيرة، أكثر حظوة من عائلة العروس، لأن قرار تحديد موعد الزفاف يكون بيدها، كما أن تحضيرات الشاب تبقى محصورة على أشياء معينة فيكفيه أن يكون مستعدا ماليا لمواجهة كل مشترياته، وغالبا ما يترك لذويه فترة صيام ستة أيام من شوال قبل أن تأخذ الأمور مأخذ الجد.