الضجة الغربية الخاطئة المتصاعدة حول السياسة المالية الصينية، ليست بشير خير للانتعاش العالمي الهش. وإذا كان المجتمع الدولي بصدد إيجاد وسيلة موثوقة للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، الأسوأ خلال أكثر من نصف قرن، فإنه يتعين على صانعي السياسات الاقتصادية الكبرى في العالم، الوقوف بحزم ضد أي مغالطة تدافع عن سياسة العملة بوصفها إصلاحاً سهلًا. فبعد أن مرّ عامان على انهيار بنك الاستثمار الأمريكي "ليمان براذرز"، ونشوب الأزمة العالمية، يبدو أمراً مخيباً للآمال إنكار بعض الدول الغنية المثقلة بالديون، للواقع القائل إن هناك حاجة ماسة إلى إجراء إصلاح أساسي لنظمها الاقتصادية والمالية. والأسوأ من ذلك، هو محاولة هذه الدول تصوير ويلاتها المحلية باعتبارها بصورة أساسية، من سياسات العملة في بلدان أخرى، حتى إن بعض السياسيين في هذه الدول المتقدمة يروّجون ل"حروب عملة"، يمكن أن تؤدي بالاقتصاد العالمي، إن لم يكن إلى حالة العجز، فإلى البعد عن التعافي المستدام. وبوصف الصين أكبر اقتصاد في العالم النامي، فقد بذلت قصارى جهدها لكي تقود الانتعاش العالمي، من خلال العودة سريعاً إلى مسار النمو السريع. ومع ذلك، ورغم المساهمة البارزة والمتزايدة للصين في الاقتصاد العالمي كمحرك رئيسي للنمو، يوجه بعض الساسة الغربيون، على نحو غير مسؤول، اللوم إلى السياسة المالية الصينية، التي تعتبر عامل الاستقرار الرئيسي في النمو المحلي. فضلاً عن الانتعاش العالمي، وعلى سبيل المثال، أقر مجلس النواب الأمريكي أخيراً، مشروع قانون قد يمهد الطريق لفرض عقوبات على الصين، بسبب سياستها المالية. وقام "وين جيا باو" رئيس الوزراء الصيني أخيراً، بالرد على الضغط الأوروبي من أجل التعجيل بإعادة تقييم العملة الصينية. ومثل هذه الانتقادات الدولية، يكشف الافتقار المذهل في تقدير جهود الصين الرامية إلى الحد من التقلبات المدمرة في النظم المالية العالمية، والتي كانت ستخفض كثيراً من الأنشطة الاقتصادية، من خلال الحفاظ على معدل مستقر لأسعار الصرف بين اليوان والدولار الأمريكي، الذي يعتبر العملة التجارية والاحتياطية الرئيسية في العالم، فقد عملت الصين بصورة جيدة كعامل استقرار رئيسي، لدعم التجارة العالمية والنظم المالية في مواجهة الأزمة. ومن أجل مواجهة انهيار الاقتصاد العالمي، فمن المؤكد أن التحرك العاجل بات أمراً ضرورياً، ولكن هذا ليس عذراً لارتكاب حماقة، مثل تفكيك تلك الركائز التي لاتزال على تماسكها. وعلاوة على ذلك، لايزال بعض السياسيين في الغرب يروجون للمغالطة بأن دولهم يمكنها شق طريقها للخروج من الأزمة، من خلال إجبار البلدان الأخرى على إعادة تقييم عملاتها. وهذا يشير إلى أنهم أبعد ما يكونون عن استيعاب نطاق المشكلة، ناهيك عن إصلاحها. ورغم أن المجتمع الدولي قد نجح حتى الآن في تجنب حدوث ركود عالمي، من خلال برامج حوافز منسقة وغير مسبوقة، فإن عملية استعادة التوازن العالمي لاتزال بعيدة عن الاكتمال. ربما تكون الاقتصادات المتقدمة بحاجة إلى مسكن في الوقت الراهن، يتمثل في انتهاج سياسات مالية ونقدية فضفاضة، ولكنها ليست بديلاً عن خطة إعادة الهيكلة الداخلية المؤلمة، التي ستقرر في نهاية المطاف القدرة على الصمود الاقتصادي في بلد ما، فضلاً عن قيمة عملته. لا شك أنه لا يمكن لأي دولة أن تبني نجاحها على المدى الطويل، على خفض قيمة العملة.