التائب.. منكسر القلب، غزير الدمعة، حي الوجدان، قلق الأحشاء.. صادق العبارة، جم المشاعر، جياش الفؤاد، مشبوب الضمير.. خليّ من العجب، فقير من الكبر، مُقل من الدعاوي. التائب.. بين الرجاء والخوف، والسلامة والعطب، والنجاة والهلاك.. في قلبه حرقة، وفي وجدانه لوعة، وفي وجهه أسى، وفي دمعه أسرار. التائب يعرف الهجر والوصال، واللقاء والفراق، والإقبال والإعراض.. وله في كل واقعة عبرة. فالحَمَام إذا غرّد بكى، والطير إذا صاح ناح، والبلبل إذا شدا تذكر، والبرق إذا لمع اهتز، والتائب يجد للطاعة حلاوة، وللعبادة طلاوة، وللإيمان طعماً، وللإقبال لذة،.. يكتب من الدموع قصصاً، وينظم من الآهات أبياتاً، ويؤلّف من البكاء خطباً. التائب كالأم اختلست طفلها من يد الأعداء.. وكالغائص في البحر نجا من اللجّة إلى الشاطئ.. وكالعقيم بُشِّر بابن، وكالرجل البارز للإعدام عُفي عنه. التائب أعتق رقبته من أسر الهوى، وأطلق قلبه من سجن المعصية، وفك روحه من شباك الجريمة، وأخرج نفسه من كير الخطيئة. التائب كالطائر الجريح، لا يختال، وكالقمر الكاسف لا يتكلم، وكالنجم الغابر في الغيهب لا يصيح.