المفكر تنبأ ب “حرب العملات” وتوقع نمو الصين لإيمانها بالقوة الداخلية مرّ على رحيل المفكر الجزائري الكبير، مالك بن نبي، 37 سنة، عن عمر ناهز 68 سنة كرسها في خدمة الإقتصاد الإسلامي، الذي ينادي إلى تطبيقه اليوم، قادة الدول ال 20 الأهم في العالم، بعد أن نشبت “حرب العملات ومزاعم السيادة” بين هذه الدول، تدفع في مقابلها الدول الناشئة، منها الجزائر، الثمن غاليا، رغم توفر الدلائل منذ منتصف القرن الماضي، حسبما خلفه المفكر مالك بن نبي في صفحات كتبه. يقدم اليوم بالعاصمة، مركز أمل الأمة للدراسات الإستراتيجية، قراءة في الأزمة المالية العالمية من خلال فكر مالك بن نبي، مع تسليط الضوء على الجزائر، التي أنتجت هذا المفكر لكنها لم تطبق فكره، ما كلفها غاليا من الناحية الإقتصادية، لاسيما بعد ولوجها عالم الرأسمالية ولعبها على أوراق الدولار، بما أن الصادرات تمر عبر قطاع النفط والمحروقات، والدولار أساس هذا النشاط إلى وقت قريب، حيث دخلت عملة الأورو أيضا معترك التجارة الخارجية لبلدنا، وحصدت الجزائر من الرأسمالية خسائر بالملايير جراء التلاعب بالأرباح وتهريب العملة الصعبة إلى الخارج، إلى جانب تخريب الإقتصاد المحلي، وعدم التمكن من تحقيق مؤشرات نمو إيجابية في ظل فقدان التوازن خارج المحروقات. ويؤكد الخبراء أن عدد نقاط احتياطي الصرف - المقدر ب 150 مليار دولار - تتراجع بتراجع الدولار، وهي الأزمة غير المباشرة التي تضرب الجزائر، بالنظر إلى تعاملاتها النفطية فقط. ويعتمد المفكر مالك بن نبي على “الفكرة” لإنجاز أي مشروع أو تطبيق أية خطة استراتيجية، مع دراسة جوانب التعامل مع الأجانب والحذر من التلاعب بمستقبل أي استثمار أجنبي بأرض الوطن، وهو ما يحصل محليا لغياب “جوهر الفكرة” واعتماد الاستشارات الدولية لبناء الاقتصاد الوطني، رغم أن بن نبي أشار منذ القرن الماضي إلى ضرورة بعث “القوة الداخلية”، مثلما يحدث في الصين، التي تنبأ بتحقيقها لنمو اقتصادي عال، وتوقع أن يحدث شرخ بين الدول الصناعية الكبرى لنشوب “حرب العملات”، إذ تهدد الصين والهند حاليا كل الدول الصناعية، ببناء قاعدة “متفوقة” وفق تسيير “ذكي عبر النت” بإمكانه إسقاط النظام الرأسمالي، والذي يعيش بدوره آخر أيامه، بما أن اجتماع الدول ال 20 في قمة سيول بكوريا الجنوبية يوم ال 10 و11 من الشهر الجاري، أسفر على ضرورة تبني نظام مصرفي واقتصادي مغاير، وهناك تلميح إلى تطبيق النظام الإسلامي، لكن بصيغ أوروبية وأمريكية، يُهيمن على الدول الناشئة، منها الجزائر، وتدفع لقاء تطبيقه الثمن غاليا، لأنها لم تصدره وتستقبل التفكير من الخارج. ولا يؤمن بن نبي إلا ب”الفكرة” التي تصنعها الدولة ذاتها، ويقول الخبراء إن الجزائر فقدت مفكرا وفقدت معه تفكيرا اقتصاديا كان سيستقر بالجزائر في بر الأمان ضمن السوق الدولة وتغيراتها. “إسرائيل عرضت المرض الذي نخاف منه” فهم الدكتور العربي، خالص جلبي، وهو يقرأ للمفكر مالك بن نبي أن “إسرائيل عرضت المرض على العرب والعالم، وليست هي المرض الذي نخاف منه”، مؤكدا أن ما توصل إليه هذا المفكر من الناحية الإقتصادية قد حضر تطبيقه الآن، رغم صدروه منذ حوالي 50 سنة مضت، وأوضح أن الأزمة العالمية ومخلفات التلاعبات الصهيونية ظهرت جليا وانعكست سلبا على الدول الإسلامية، التي تحولت إلى سوق “تعويض” بالنسبة للدول الصناعية، وساهمت الأزمة في استذكار ما قاله مالك بن نبي أن إسرائيل نفثت المرض في الإقتصاد الدولي وتبيع الدواء عن طريق “وصفات” الإستشارات الدولية، والجزائر أحد المصابين وتقتني الدواء عند هؤلاء. ويقول جلبي إن العرب قبلوا المرض الإسرائيلي وعملوا بتوصياتها بشكل غير مباشر، ولهم أن يدفعوا الثمن بعد تفشي المرض.