بين الجزائروبكين مسافة هائلة من الكيلومترات، لكنها لم تكن عائقا أو حاجزا أمام جمهورية الصين الشعبية لتكون أول بلد يعترف بالحكومة المؤقتة الجزائرية بعد يوم من إعلانها في سبتمبر من العام 1958 وهو الشيء الذي قابلته الجزائر بالإسهام في عودة بلد القائد موتسي تونغ و شوان لاي إلى الأممالمتحدة حيث صارت عضوا دائم العضوية ويملك حق الفيتو رفقة الأربعة الكبار. ومع دخول القرن ال 21 طوت الصين الشعبية صفحة العملاق النائم، ذلك الاسم الذي تعودنا على إلصاقه في مراحل الدراسة الثانوية والجامعية ببلد كونفوشيوس وبلد القائد العسكري والاستراتيجي الفذ سان تسو الذي كتب اسمه بأحرف من ذهب في فن الحروب و قواميس الإستراتيجية، ففي هذا الإطار يقول جيم روجرز وهو أحد الغربيين المستثمرين في الصين ''إذا كان القرن التاسع عشر هو ملك لبريطانيا والقرن العشرون ملك لأمريكا، فإن القرن الحادي والعشرين سيكون صينيا بلا منازع لاسيما مع قوة نمو الاقتصاد الذي فاق ال8 بالمائة وقوة اليد العاملة في بلد له 1 مليار و300 مليون نسمة . من هذا وذاك، ومع ارتفاع حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي وصل مع نهاية 2009 إلى 5,13 مليار دولار بعد أن كان لا يتجاوز 280 مليون دولار في سنة ،2001 زيادة على الاستثمارات الصينية بالجزائر وولوج بكين السوق الجزائرية ونجاحها في إنجاز مشروع القرن- الطريق السيار شرق- غرب - الذي يربط شرق الجزائر بغربها بتكلفة تتجاوز ال 11 مليار دولار، ونجاح المؤسسات الصينية في مشاريع بناء السكن الاجتماعي والقضاء على مشكل تصاعد المياه الملوثة في الجنوب، إضافة إلى نقل مياه عين صالح إلى تمنراست في الجنوب الكبير، واهتمام الصين بإنشاء قاعدة صناعية كبرى في الجزائر ونقل التكنولوجيا بدون مساومة وفرض الشروط التي تتعدى المسائل الاقتصادية لأخرى تتعلق بالسيادة... في خضم هذه المعطيات أجرت ''الحوار'' مقابلة مع سعادة سفير الصين الشعبية بالجزائر السيد ليو يوهي، الذي طاف مع ''الحوار'' على مجمل علاقات التعاون السياسي، الدبلوماسي والحزبي بين الجزائر والصين الشعبية التي تمتد لأيام الكفاح المسلح بين جبهة التحرير الوطني والحزب الشيوعي الصيني. ومن السياسة إلى عالم المال والأعمال، حين يكشف المتحدث على أن حجم التبادل التجاري بين البلدين يقارب من الوصول إلى عتبة ال 6 مليارات دولار-5,13-، ويبرز الرجل جديد الاستثمار في مجالات السكن والتنقيب عن البترول واهتمام بلاده بتطوير الفلاحة، كما يبدي اهتمامه بالتعاون العسكري مع الجزائر، ويؤكد اهتمام بلاده بإقامة السياج الإلكتروني على الحدود الجزائرية للقضاء على التهريب بكل أشكاله. وفيما يخص الحراك في العلاقات السياسية الدولية يطلق الرجل نيرانه على الدول الغربية التي تحاول إيقاد نار الفتنة في الصين باستعمال ورقة المسلمين الذين يتجاوز عددهم ال 20 مليونا في الصين، حيث يؤكد أن الدستور الصيني يكفل حرية الاعتقاد أو ال ''لا'' اعتقاد لأي موطن صيني من جهة، ومن أخرى يوجه سهامه ضد الدلاي لاما قائد الانفصال في التبت الذي يؤكد أنه يريد العودة بالمنطقة لأيام العبودية والاستعباد بعد نجاح ثورة 1949 في القضاء على كل أشكالها في الصين. كما يتعرض للصفقة العسكرية بين واشنطن وتايوان التي يعتبرها دوما أرضا صينية، ويقول إن ذلك خطأ فادح من طرف واشنطن نظرا لأن مصالح بلاده مع الولاياتالمتحدة كبيرة بدليل أن التبادل التجاري تخطى من العام 1979 ال 5.2 مليار دولار ليصل اليوم إلى 334 مليار دولار مع دخول 2 مليون صيني وأمريكي للبلدين في السنة، داعيا الرئيس باراك أوباما لتطبيق خطبه التي ما تزال أقوالا فقط. وحول الصراع في الصحراء الغربية، يشدد الرجل على موقف بلاده العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي على ضرورة إيجاد حل عاجل بالطرق الدبلوماسية من أجل الشروع في الشراكة في منطقة المغرب العربي، ويقول إن بلاده ساهمت في القوة الدولية على خطوط النار في المنطقة، وأكد أن بلاده تمنح مساعدات للاجئين الصحراويين في إطار البرنامج الأممي للتغذية. وفيما يخص الملف النووي الإيراني يعلن السفير الصيني بالجزائر دعم بلاده لاستفادة طهران من البرنامج النووي الموجه للأغراض السلمية، مؤكدا أن المفاوضات وحدها من ستحل المعضلة بين طهران والغرب. كما يدعو إسرائيل للالتزام بخطة خارطة الطريق المتفق عليها وحل الدولتين الذي سينهي معاناة الشعب الفلسطيني. وحول ملف حقوق الإنسان يدعو الرجل الآخرين للاهتمام بما اقترفوه في السنوات الأخيرة أمام الكاميرات، موضحا أن بلاده اهتمت بتوفير شروط العيش الكريم أولا للمواطن الصيني وتحقيق الرفاهية والسكن. وفيما يخص الحراك الثقافي يكشف الرجل على بناء دار للأوبرا في الجزائر ستمنحها الحكومة الصينية للجزائر، ويعلن عن إنشاء معهد لتعليم اللغة الصينية بالجزائر، ويشدد على أن الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم - يدعو العالم الإسلامي لطلب العلم ولوفي الصين. ''فلسفتنا في السياسة الخارجية مبنية على أنه لا يجب أن تفعل للآخرين ما لا تود أن يفعله بك الآخرون'' سعادة السفير السيد ليو يوهي.. الجزائر والصين الشعبية، نضال من أجل الاستقلال والانعتاق من الاستعمار، وعلاقات تاريخية كنتم فيها أول بلد غير عربي يعترف بعدالة القضية والجمهورية الجزائرية -الحكومة المؤقتة 1958- بعد 52 سنة إلى أين تتجه العلاقات السياسية بين الجزائروبكين اليوم؟ السفير السيد ليو يوهي: العلاقات الجزائرية الصينية هي علاقات مبنية على تاريخ طويل كما تفضلتم يتجاوز حتى 52 سنة، وأول إشارة في هذا الباب أن أؤكد على وصفها بالممتازة في كل المجالات لاسيما السياسة، لأن الشعب الجزائري وقيادته هم إخوة وأصدقاء للشعب والحكومة الصينية، ووزيرنا الأول السابق أثنى كثيرا على هذه العلاقات التي خصها بالتحية في كل المجالات، وكما تفضلتم فقد قدمت الصين الشعبية دعمها ومنذ الساعات الأولى لانطلاقة ثورة التحرير الجزائرية، وكذلك في الجهة المقابلة نجد أن الجزائر ساندت الصين في العديد من المسائل لاسيما عودة الصين كعضو في هيئة الأممالمتحدة، ولهذا نقول دائما في الفلسفة الصينية ''أنه لا يجب أن تنسى أفعال الخير التي قدمها لك الآخرون''، وأصدقاؤنا الجزائريون يؤكدون دوما أن لديهم نفس الفلسفة وعلى هذه القاعدة فإن علاقات الصداقة تتجذر يوما بعد يوم لاسيما وأن مظاهرها تجلت في الشراكة بين بلدينا وشعبينا. وأعتقد أن الشراكة قد توسعت عبر ال 52 سنة الماضية في الكثير من الميادين، وقد دخلنا لمرحلة تعد من أقصى مراحل التعاون البيني بين بلدينا ونحن منذ العام 2004 و2006 وهما التاريخان المصادفان لزيارة رئيس الدولة الصيني للجزائر وزيارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للصين نلاحظ أن الأهداف الطويلة المدى قد تم تسطيرها وهذا من خلال إنشاء شراكة استراتيجية بين بكينوالجزائر. وهناك استشراف إيجابي لمستقبل التعاون وهو ما نطمح إليه لاسيما مع توفر الكثير من الفرص والتحديات التي نتطلع إلى تجاوزها وهذا ما يصب في مصلحة الأمتين الصينية والجزائرية، بالإضافة إلى العمل سويا من أجل الأمن والتعاون والسلم الدوليين. حزب جبهة التحرير الوطني والحزب الشيوعي الصيني، علاقات تعود إلى أكثر من 55 سنة، نتذكر بموجبها زعماء كفرحات عباس، ماوتسي تونغ، أحمد بن بلة، هواري بومدين، شوان لاي وغيرهم، ما جديد التعاون بين حزبين حكما وما يزلان يسيران دواليب الدولة في البلدين إلى اليوم؟ الحقيقة أن العلاقات الجيدة بين بلدينا اتسمت بها كل المجالات، وباعتقادي أن علاقات الحزب الشيوعي وحزب جبهة التحرير الوطني ''الأفلان'' هي سمة وميزة من ميزات هذه العلاقات الطيبة بين رفاق الأمس، اليوم وغدا الذين جاهدوا سويا من أجل نصرة وسيادة هذا البلد، إن التضامن مع الحزب الشيوعي وحزب الأفلان وطيدة وهي تتطور دوما، لا سيما مع تبادل الزيارات بين مسؤولي الحزبين هنا وهناك ومن خلال تبادل الخبرات. إن قيادة الحزبين هنا وهناك تريد أن تبقى الأجيال وفية للمبادئ التي مات من أجلها ماوتسي تونغ وهواري بومدين وغيرهم، وكأحزاب تحكم بلدانها يجب توطيد العلاقات، والحزب الشيوعي يعمل كما الأفلان على توطيد العلاقات الدبلوماسية، حيث أقام حزبنا علاقات مع أكثر من 500 حزب في أكثر من 160 بلد ومع الأفلان لدينا علاقات وطيدة ووثيقة وخاصة جدا نتمنى أن تستمر دوما هكذا. خطت العلاقات الاقتصادية بين الجزائر والصين الشعبية سقف ال 5,4 مليار دولار سنة 2002 برأيكم كيف أمكن تحقيق هذا الرقم، وما هي المشاريع التي تنوون مباشرتها قريبا في الجزائر؟ اسمح لي بمنحكم آخر الإحصائيات الخاصة بحجم التبادل التجاري بين الجزائر والصين الشعبية بحكم أننا نعيش الشهر الثاني من مطلع العام 2010 فقد بلغ الحجم الكلي للتبادل التجاري بين بلدينا 5,13 مليار دولار في نهاية العام ،2009 وهذا بارتفاع يبلغ 4,11% مقارنة بالعام 2008 في نفس الفترة، وتذكرون أن حجم التبادل التجاري في سنة 2001 لم يكن يتجاوز إلا 280 مليون دولار فقط، وبهذا يمكن لكم الحكم ويمكن أن أقول أن هذا مؤشر واضح على تطور العلاقات التجارية بين البلدين، وهذا يوضح ويدل على المحاولات الكبيرة بين الطرفين، وفي هذا الصدد يمكن التذكير بزيارة الوفد الذي أتى من أجل الاحتفاء بالطبعة ال 107 لمعرض كانتون في الصين الشعبية والذي وصل إلى الجزائر من أجل تفعيل المشاركة الجزائرية في شهر أفريل، ونحن نرى أن تواجد المئات من المؤسسات الجزائرية هو دلالة على تزايد اهتمام الاقتصاديين الجزائريين بالتعاون والتبادل مع الصين الشعبية ومن ثمة لاحظنا أن هذه الرغبة وصلت إلى تحقيق كل تلك الأرقام، هذا بالرغم من تداعيات الأزمة الاقتصادية، فقد حققنا منحى للنمو يعتبر نوعيا ويجب التنويه به، وأعتقد أن تبادل الزيارات والعمل من أجل تحقيق التعارف هو مسألة في غاية الأهمية من أجل رفع التعاون أكثر فأكثر. وكما تعلم فالسفارة الجزائرية في بكين تصدر قرابة ال 20 ألف تأشيرة للمواطنين الصينيين على اختلاف مراكزهم الاجتماعية، وهذا يظهر مدى ارتفاع مستوى العلاقات الجزائرية - الصينية، أضف إليه ما حمله أو ما ساعد فيه فتح الخطين الجويين بين بكينوالجزائر - والجزائروبكين في الأسبوع الواحد وهذا ما انعكس على ارتفاع وتيرة زيارات المسؤولين الصينيين إلى الجزائر والعكس صحيح. وبالتأكيد فنحن نتطلع إلى زيادة التعاون الاقتصادي والتجاري بين بلدينا، لاسيما مع ما جرى التأكيد عليه من طرف وزير الخارجية الصيني للجزائر أيام 10 و11 من الشهر الماضي، حيث شدد في لقائه مع السيد مدلسي على ضرورة رفع التبادل التجاري وزيارة الوفود الاقتصادية بين بلدينا لتقوية وتوسيعها في مجالات عدة خصوصا في الميدان الفلاحي الذي تعطيه الصين جانبا مهما والطاقات المتجددة التي يمكن أن نغزو من خلالها مناطق الصحراء القاحلة والهضاب العليا وأيضا مجالات التكوين، ولهذا فالحكومة الصينية تشجع ميدان الاستثمار المباشر في الجزائر من أجل تنمية شاملة، ومن جانبها تمنح السفارة الصينية بالجزائر 15. ألف تأشيرة للمواطنين الجزائريين دافعتم في آخر ندوة صحفية جمعتنا بكم عن المؤسسات الصينية بعد نشر بعض الصحف حالات من الفساد والرشوة، هل يزعجكم الحديث عن هذا الموضوع؟ لا بالعكس نحن نتعامل بشفافية في هذا الإطار، نحن نعتقد أن كل دولة مطالبة بمحاربة الرشوة التي نجدها في كل بلد، حتى وإن تفاوتت نسبتها وانتشارها، وباعتقادي فإن الرشوة مثلها مثل الفيروس الذي يصيب جسم الإنسان فإذا لم نولي له الاهتمام فهو سيفتك بحياتنا، وأنا أحيي موقف الحكومة الجزائرية في فتح هذا الملف وتقديم هؤلاء إلى العدالة ليكونوا عبرة لغيرهم، نحن وفي كل سنة نقوم بجرد تام ومتابعة لحالات مثل هذه لكي لا تستشري في البلد. ففي الصين أو في خارجها نحن نلزم المؤسسات الصينية بالتعامل بشفافية وبضرورة تقديم البيانات وكشوف الحسابات التي يجرى التدقيق في كل صغيرة وكبيرة حولها، وأعتقد أن هذه سياستنا الواضحة. في هذا الصدد، برأيكم ما هي المعوقات التي ترونها ما تزال تحول دون تطوير التبادل التجاري والاستثمار الصيني في الجزائر؟ في الواقع الكل يلاحظ المجهودات والإرادة التي تتحلى بها الحكومة الجزائرية لجلب واستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، والصين من جانبها تتفهم كل الإجراءات التي تتخذها الجزائر، فقد سبق وأن مررنا بظروف أصعب مما تتواجه وواجهته الجزائر في مسألة الانفتاح الاقتصادي، فنحن لم يكن لدينا لا عملة صعبة، ولا تكنولوجيا ولا يد عاملة مؤهلة كما نمتكله اليوم، ولجلب الاستثمار أعتقد أنه يجب امتلاك الوسائل التقنية وتكوين إطارات في الميدان، وأعتقد بأن الجزائر لها إمكانيات كبيرة، ومع العولمة أعتقد أنه بات من الضروري أن تتشارك مع غيرك لتقاسم الخبرات ونقل التجارب والتكنولوجيا، والجزائر لها موارد طبيعية كثيرة كالغاز والبترول ولكنها تمتلك قاعدة صناعية ضعيفة، ونحن نعتقد أن لدينا إمكانيات لملإ هذه النقائص ولتطوير الشراكة بين البلدين، وأعتقد أنه من الضروري تبادل المعلومات لترقية صورة الجزائر والصين في الجهتين، فالكثير من المؤسسات الصينية التي لا تعلم الكثير عن المنظومة الاقتصادية أو السياسة الجزائرية، ما هم الحوافز؟ وما هي القوانين التي تحكم الاستثمار؟ إضافة إلى عامل بعد المسافة بين البلدين، فالكثير منا لا يعرف اللغتين العربية والفرنسية وهذا يصعب لنا المأمورية. وقد التقيت بممثلين عن الغرفة الجزائرية للتجارة ووكالة ترقية الاستثمار، وأعتقد أن المستقبل واعد لربط وبناء قواعد للاتصال بين المتعاملين، ويمكن إيجاد الفرص لتعميق الشراكة. وكما سبق أن ذكرته أن الطرف الجزائري يعمل الآن لحل مشكل التأشيرات الممنوحة للعمال ورجال الأعمال الصينيين لتسهيل وصولهم إلى الجزائر، وهو الأمر الذي وعدت بتسهيله الخارجية الجزائرية عبر رفع عناصرها في سفارة الجزائر في بكين. تبقى الجزائر مهتمة كثيرا بحل مشكل السكن، إنشاء مصانع للسيارات وتوفير الماء الشروب وبناء البنى القاعدية، والوصول إلى الاكتفاء الذاتي في المجال الفلاحي، هل بمقدرة الصين مساعدة الجزائر في هذه القطاعات قبل انتهاء العقد القادم؟ لقد لاحظنا أن الجزائر ستباشر انطلاقا من هذا العام 2010 مسار إنجاح المخطط الخماسي القادم للتنمية، ورغم الظروف الاقتصادية العالمية، فقد نجحت الجزائر في الوصول إلى نتائج فيما يخص النمو واستطاعت أيضا تطبيق برنامج جديد للتمنية وهذه الأعمال التي نشهدها اليوم والورشات الكبرى التي فتحتها الجزائر في مجال تشييد البنى التحتية، ستعطي قاعدة مهمة لتنمية الجزائر مستقبلا وربما الكثير لا يشعر بهذا اليوم، لا سيما مع مشاريع فيها آمال كبيرة ونحن نحيي هذه النظرة الإستراتيجية لرئيس الجمهورية الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وهذا ما يصب في صالح ترقية المواطن والشعب الجزائري برمته. إذا هذا التطور الحاصل هو الطريق الصحيح الذي سنقاسم فيه الجزائر خبرتنا على قاعدة ''ربحية - ربحية وكما أسلفت فللجزائر إمكانيات هامة رغم أنها تظل تصدر فقط المحروقات وفي سنوات قادمة أعتقد بأن الجزائر ستصدر الكثير من الأشياء للخارج ونحن نلاحظ أن الجزائر التي تستورد الكثير من المواد الغذائية يمكنها أن تعود لمكانتها قبل 100 سنة كأحد مصدري الخضر والفواكه والحبوب وأعتقد أن يمكننا فعل الكثير في هذا الإطار. لقد سألتم عن مشاريع تخص السكن ومصانع للسيارات ونحن نقول إن الصين نجحت في تحقيق الكثير من أحلام الجزائريين في بناء المساكن وعندكم الأرقام في هذا المجال، أما فيما يخص بناء مصنع للسيارات فالمفاوضات بدأت فعلا بين الأطراف الصينية والجزائرية، للتوصل إلى شيء ملموس، وأعتقد أن الشروط فيما سبق لصناعة سيارة في الجزائر لم تكن مشجعة نظرا لقيمة الإتاوات المطبقة على قطع الغيار تجعل من قيمة السيارة باهضة جدا وهو ما يفرض استيرادها وتصديرها نحو الجزائر أحسن - رغم أني لم أقرأ نص القانون لكن جرى إيضاح لي هذه المسألة- وقد تحصلت على إفادة هذه الأيام بأن السلطات الجزائرية قد قررت إعادة النظر في هذه المسألة من جديد وربما ستتخذ إجراءات عملية قريبا وهذا لتشجيع الشراكة وجلب المستثمرين. وأعود لجانب العقار والبناء وهو أمر مهم للغاية لتطور أي بلد فنحن نقول في ''الصين'' لكي تعمل جيدا يجب أن توفر سكنا لائقا بك، أعتقد أن ثمة العديد من المؤسسات تعمل وعملت في إنجاز آلاف المساكن في الجزائر وقد حققت نتائج باهرة وهناك مشاريع أخرى سترى النور مستقبلا. الصين الشعبية هي بلد أكبر محلل عسكري واستراتيجي عرفته البشرية القائد سان تسو، وهي التي تمتلك واحدا من أكبر جيوش العالم، ما هي المجالات التي يمكن أن تساعدوا بها الجزائر في ظل رفض بعض البلدان التعاون والمساعدة عندما كانت الجزائر تعاني من ويلات الإرهاب؟ الصين بلد كبير بمساحة 9600000 متر مربع ولها 22 ألف كيلومتر من الحدود البرية و18 ألف كيلومتر من الحدود البحرية، وللدفاع عن أمن الصين نحن نعمل على تقوية عناصر الجيش الصيني، واستراتيجينا الجديدة هي الثقة والكفاءة والتعاون الدولي مع الجيران وباقي دول العالم. فمع الجيران تولي الصين اهتمام بالغا لهذا التعاون وعلى ضوء هذا استطاعت الصين حل مشاكلها مع روسيا التي لها حدود تبلغ 4600 كلم، واليوم الحدود آمنة وهناك تعاون وثيق بيننا وكذلك الشأن مع دول ASIAN حيث دخلت الصين مع هذه الدول في فضاء حر للتبادل، وهذه المنطقة أصبحت المنطقة الثالثة الكبرى للتبادل الحر في العالم واليوم يستفيد 1,900مليار نسمة من هذه المنطقة من بينها 1,300 مليار نسمة هم عدد سكان الصين الشعبية وهذه الإستراتيجية يمكن أن تقوى الشراكة والأمن بين دول المنطقة. وقد تحدثتم على مسألة الإرهاب وأعتقد أن هذا تحدي لكافة شعوب المعمورة، لأن الإرهاب ليس له حدود ففي عز الأزمة التي عانت منها الجزائر، الصين كانت دوما إلى جانب الجزائر وكان هناك دوما ثمة تشاور بين القيادتين هنا وهناك. هناك رغبة جزائرية لبناء حاجز إلكتروني على الحدود للحد من تهريب السلع والمخدرات وحتى تحد من حركة المجموعات الإرهابية وعصابات بيع السلاح وتهريب المهاجرين غير الشرعيين، هل بلادكم مهتمة بمثل هذه المشاريع علما أن حرس حدودكم يسهر على أمن الحدود مع 14 دولة محاذية لكم؟ في الحقيقة نحن نضع كل خبراتنا تحت تصرف الجزائر، في كل الميادين بما فيها الميدان العسكري والأمن على مستوى الحدود، فنحن مستعدون لتوسيع العلاقات في هذا الجانب الذي تحكمت فيه الصين كثيرا. نمر إلى الشأن الدولي لو سمحتم، ما هي طموحات الصين الشعبية في إطار إعادة هيكلة العلاقات الدولية وفناء نظرية القطبين؟ عقب انتهاء مرحلة الحرب الباردة، انخرط العالم في مرحلة جديدة في مواجهة هذا الواقع الدولي الجديد، وسلكت الحكومة الصينية بمقتضى هذا مرحلة جديدة كان عمادها دمقرطة التعاملات إزاء القضايا الدولية، لأنه وفيما سبق كان العالم مبني على توازن القوى بين الاتحاد السوفيتي والولاياتالمتحدةالأمريكية، واليوم القضايا الإقليمية والدولية محكومة من جانب واحد، ولكن سعي الصين كبير لاستعادة التوازن، وهذا بإشراك كل الفاعلين على المستوى الدولي عن طريق تفعيل التعاون مع الدول النامية والمحورية لا سيما في المجالات الاقتصادية. وفي هذا الإطار الحكومة الصينية تعمل دوما على مساندة إحلال السلم والأمن الدوليين في كل مناطق العالم، ونقف دوما ضد استعمال القوة واحتلال بلدان الغير، حيث نشجع التعاون الدولي، فبلدنا عضو دائم في مجلس الأمن الدولي ويشجع دوما على حل الصراعات بالطرق السلمية ويناهض استعمال القوة إلا في إطار ووجوبها واتفاق كافة المجموعة الدولية عليها. فتاريخ الصين أثبت أن إستراتيجية بلدنا كانت تهدف إلى الأمن والسلم الدوليين، فالصين ورغم قوتها وقدراتها الضخمة لم تتبنى سياسة استعمارية أو سخرت إمكانيتها للاعتداء على الآخرين، بل بالعكس كنا في الكثير من المرات ضحايا لتلك السياسة الاستعمارية التي أثرت على الصين في مرحلة من المراحل عبر حملات القوى الغربية لاسيما في 1840 بعد حرب العفيون. لكن يجب الإدراك أن فلسفة الصين في هذا الجانب تأخذ كثيرا وتستمد خطاها مما وقع في التاريخ السالف، ونحن في هذا الصدد نعمل كثيرا بمثل ''يقول لا تفعل للآخرين ما لا ترغب في أن يفعله الآخرون لك''، ولهذا نحن نشدد على الاستقرار والسلم والأمن وهذه طموحات الصين في إحلال الأمن والسلم الدوليين قبل الوصول للهدف الكبير هو إحلال التنمية في شتى جوانب الحياة. تعيش منطقة المغرب العربي على واقع الصراع المستمر في قضية الصحراء الغربية، ما هو تصوركم لحل هذه المسألة بحكم أن بلدكم عضو دائم العضوية في مجلس الأمن الدولي وفي ظل طموحات بكين واهتمامها بمنطقة المغرب العربي وإفريقيا؟ مسألة الصراع في الصحراء الغربية يلاحظ أنها طالت، ويجب الإدراك أنها صارت حجر عثرة أمام التعاون في منطقة المغرب العربي، لكننا نلاحظ أن التفاؤل أصبح يطبع سير هذه القضية منذ شهر أوت من العام الماضي وهذا بإجراء سلسلة من المفاوضات غير الرسمية بين أطراف النزاع في الصحراء الغربية وأنا متفائل بسماع أخبار عن لقاء سيجمع الأطراف هذه الأيام في إحدى ضواحي مدينة نيويوركالأمريكية. والحكومة الصينية تدعم مجهودات المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد كريستوفر روس ومجهودات كل الدول التي تحاول إيجاد حل دائم وعادل ومقبول من الأطراف في إطار قرارات الأممالمتحدة. في الحقيقة الصين ترى أنه من المفيد تشجيع هذه اللقاءات غير الرسمية بين الأطراف المعنية بقضية الصحراء الغربية، من أجل الوصول لحل ينهي هذا الصراع الذي طال أمده، وأعتقد أنه من الضروري التحلي بالثقة وإيجادها بين الأطراف المتنازعة للوصول إلى هذه الغابة. إن الصين كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي تعمل في هذا الإطار ولن تبخل أو تتردد في المساعدة على حل هذه المسألة. وأعتقد أن كل الأزمات تتطلب دفع العمل الدبلوماسي وتشجيعه بدل الاعتماد على وسائل أخرى وهذه هي عقيدتنا في حل والتعامل مع كل المشاكل الدولية. وأود التذكير بهذه المناسبة أن الصين ساهمت في الجهود الدولية فيما يخص قضية الصحراء الغربية، وهذا من خلال تواجد ممثلين عن جيشها في قوات القبعات الزرق التي تفصل بين حدود الأطراف المتنازعة، وقد رأس الجنرال الصيني ''تشجاو'' قيادة القوات الدولية في الصحراء الغربية في الفترة السابقة. وهذا ما يظهر رغبة الصين في العمل على إحلال السلم والأمن عبر مختلف بؤر التوتر العالمية، ونحن نشارك منذ 20 سنة في 24 مهمة دولية في العالم، وقد أرسلنا في هذه الفترة 14000 جندي وشرطي في هذه المناطق، واليوم حوالي 3000 في المراكز المتقدمة، وقد شاركنا في الكونغو الديمقراطية، وليبيريا والصحراء الغربية كما أسفلت ذكره. في هذا الإطار، هل بلدكم يمنح مساعدات للاجئين في العالم وهل هناك إمكانية لتزويد اللاجئين الصحراويين بمعونات غذائية في ظل شح المساعدات الإنسانية لهم؟ نعم في الحقيقة نحن نقوم بهذا في إطار ما نمنحه إلى الأممالمتحدة وبرنامج الغذاء العالمي، والصين الشعبية تسهم دوما في هذا الجانب الإنساني لأنها لا تقبل أن ترى شعوب العالم الثالث تموت بالجوع وبعض الدول تتفرج. كيف ترون التوافق بين النمو الاقتصادي للصين الشعبية من جهة والتطور في الميدان السياسي، في ظل ووجود نظرية تقول بأن توفر الشروط المادية للمجتمع يتطور دائما ويؤدي في غالب الأحيان إلى مطالب سياسية؟ أعتقد أن هذا سؤال مهم، وباعتقادي أيضا أن كل الدول تمنح مجالا مهما لهذا التطور، وخصوصا للدول السائرة في طريق النمو وفي الصين كان الاهتمام منصبا على تطوير الرعاية الخاصة بالإنسان ومحيطه الذي يعيش فيه وتوفير لقمة العيش، وهذا تزامنا مع التزايد الكبير لعدد سكان الصين، ولهذا عمدت الحكومة الصينية على توفير كل الإمكانيات من أجل تطوير الاقتصاد الصيني وظروف الحياة وكان ثمة مشاكل كبيرة، وقد طبقنا برامج للتنمية لم تغفل أبدا تطوير الجوانب المتعلقة بتطوير الأداء السياسي والمشاركة السياسية زيادة على تطوير مناحي الحياة الاجتماعية والاعتناء بتراثنا التليد والثقافة الصينية، وقد أكدنا على حفظ تراث المناطق المختلفة للصين الشعبية. ففي الأول أعطينا اهتماما للمناطق الساحلية، لكن اليوم هناك توازن في الاهتمام بكل المناطق السهلية والجبلية والحضرية في بلادنا لخلق التوازن الجهوي، بالإضافة إلى الاهتمام بكل ما له علاقة بين الإنسان والبيئة، فهناك مثل صيني يقول ''نحن نود جبلا من النقود لكن نريده أخضر'' وهذا يثبت اهتمام الصينيين بالطبيعة وحمايتها. نعرج إلى مسألة الملف النووي الإيراني الذي يصنع الحراك في العلاقات السياسية الدولية لاسيما مع حالات الشد والمد بين طهران ودول الغرب، ما تعليق بلدكم وهو الذي يحوز على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي ويمتلك حق الفيتو على الملف؟ الصين ترى أنه من الضروري إيجاد حل سلمي عبر التفاوض والطرق الدبلوماسية لأزمة الملف النووي الإيراني.. والحكومة الصينية ترى أن لإيران الحق الكامل في امتلاك الطاقة النووية الموجهة للاستخدامات السلمية. وباعتقادي أن التلويح باتخاذ إجراء عسكري واستعمال القوة لضرب إيران هو أمر غير معقول أوجدته وكرسه أجواء انعدام الثقة بين الأطراف، لذلك نحن لا نرى من طريق لحل هذه الأزمة إلا من خلال الحوار المفتوح وتبني السبل الدبلوماسية، وفي هذا الصدد تقف الصين مع هذه المواقف كعضو دائم العضوية في مجلس الأمن، حيث لها موقفها الإيجابي في هذه المسألة. كبرت أجيال وظهرت أجيال فلسطينية في الأراضي المحتلة ومنها من يزال يقبع في أراضي اللجوء، ما هو تصوركم للوصول إلى حل لإنهاء المعضلة الفلسطينية في ظل تعنت إسرائيل وتشبثها بمواقفها؟ الصين الشعبية تأسف لأن هذا النزاع طال إلى ما فوق النصف قرن -62 سنة- والأممالمتحدة ما تزال عاجزة وحتى القوى الغربية الكبرى، وباعتقادي أن لا حل إلا من خلال الاتفاق بالطرق السلمية على إقامة الدولتين وهو الإجراء الذي وافقت عليه أغلب دول العالم وبما فيها أطراف كثيرة في فلسطين وإسرائيل، وكل أمانينا أن نسهم في إيقاف معاناة الشعب الفلسطيني المشرد ومساعدته من أجل بناء دولته المستقلة، والصين كانت ولا تزال وستبقى وفية لمساعدة ومساندة الحكومة والشعب الفلسطيني الذي يبقى نكن له كل الاحترام والتقدير. ما هو مستقبل العلاقات الصينية - الأمريكية (سياسيا، اقتصاديا وعسكريا) بعد تجميد أو تعليق الصين لعلاقاتها العسكرية مع أمريكا على خلفية بيع واشنطن لأسلحة ومعدات حربية متطورة لتايوان؟ ؟ الولاياتالمتحدةالأمريكية هي أكبر بلد مصنع في العالم والصين هي أكبر بلد سائر في طريق النمو في العالم، وحيال ذلك نحن نلاحظ أن علاقات التعاون المستقبلية بين البلدين هي في صالح البلدين وستعطي أيضا دفعا للسلام والأمن في العديد من المناطق، ونحن نلاحظ منذ العام 1979 وهو تاريخ إنشاء العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا، أن هذه العلاقات قد تطورت وتبادل الزيارات بين العاصمتين تكثف، وهناك 60 لجنة على مستوى الكثير من الاختصاصات والقطاعات تعمل بين البلدين، في الميادين الإستراتيجية والاقتصادية، وفي كل سنة هناك 2 مليون بين صيني وأمريكي يذهبون في الاتجاهين فهناك 5000 صيني وأمريكي يدخلون البلدين يوميا وفي سنة 79 كان التبادل التجاري 2,5 مليار دولار فقط وفي العام الماضي التبادل بين البلدين فاق ال 334 مليار دولار ولكم أنتم أن تحكموا على قوة هذه العلاقات الاقتصادية، ففي نوفمبر الماضي زار الرئيس باراك أوباما الصين والتي أعطت دفعا للتعاون وقد أحيينا الذكرى ال 31 لإقامة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين في تلك الزيارة.ولكن في تطور العلاقات ثمة مشاكل تقع بين الفينة والأخرى، ومؤخرا أعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية عن صفقة أسلحة لتايوان ب 6,4 مليار دولار، وكما تعلمون أن تايوان تبقى المشكل الذي يعيق تطور العلاقات الصينية - الأمريكية - ولهذا شاهدتم التنديد القوي الذي أبدته حكومة بلدنا بعد الإعلان عن الصفقة العسكرية، وهو ما تلاه إعلان الحكومة الصينية على وقف التعاون في المجال العسكري مع الجانب الأمريكي وهذا نظرا لما تأثرت به الصين في هذا الإطار.ولهذا نحن نرى أن الخطر والاستقرار يأتي من التدخل في الشؤون الداخلية للغير، لماذا نحن نحترم الآخرين؟! وهم لا يحترموننا لاسيما في مسألة السيادة الوطنية، إن تايوان أرض صينية وستبقى كذلك، ونحن نعتقد أن الحكومة الأمريكية يجب عليها أن تعيد النظر في سياستها الخارجية، رغم أننا لاحظنا بل شجعنا التطور الإيجابي في التحول في سياستهم الخارجية في الفترة الأخيرة فيما يخص قضية تايوان، لاسيما مع الخطوة التي قمنا بها نحن في فتح خط مباشر جوي وتبادل الزيارات فهناك استقرار في العلاقات، لكن بيع واشنطن لسلاح غرضه خلق التوتر والوصول بالعلاقات للأزمة وهذا ما نرفضه، الولاياتالمتحدة تسعى لعسكرة العالم ففي الوقت الذي نمتلك نحن ميزانية عسكرية 60,9 مليار دولار، في المقابل تمتلك الولاياتالمتحدة ميزانية تتجاوز 700 مليار دولار تتمثل 40٪ من الاتفاق العسكري ولكم أنتم أن تتصوروا من أين يأتي الخطر. في نفس الإطار ما تقييمك سعادة السفير بعد مرور سنة على حكم الرئيس الأمريكي باراك أوباما والذي وعد بتغيير الأجندة الأمريكية؟ نحن نثمن الرغبة التي تحلى بها الداخل الجديد للبيت الأبيض الأمريكي، لأنه قد ثبت لكل العالم والأمريكيين أن السياسة التي انتهجها الرئيس الأسبق للولايات المتحدةالأمريكية جورج دبليو بوش أدت إلى إلحاق الضرر بصورة أمريكا في العالم، ولم تؤت ثمارها، وأمام هذه الأزمة الاقتصادية والتي ما تزال تلقى بظلالها على الحياة العامة في الولاياتالمتحدة والعالم، أعتقد أن الرئيس الأمريكي وإدارته يحتاجون للتعاون مع الدول الأخرى. لقد لاحظنا العام الماضي خلق قمة دول ال 20 في هذا الإطار ولاحظنا خلق آلية لمحاربة الإرهاب بصفة جماعية. وبعد زيارة الرئيس باراك أوباما إلى الصين اتفقنا على فتح صفحة جديدة يكون عمادها استشراف سبل التعاون بين بلدينا وتجاوز الحواجز، لقد لاحظنا نبرة جيدة في خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لكن شتان بين الأقوال والأفعال الملموسة، أعتقد أنني لست أنا المؤهل لتقديم حصيلة سنة عمل من حكم الرئيس أوباما. لكن ألا تعتقد أنه وبحكم دراسته في منطقة قريبة من الصين -إندونيسيا- في صغره، يمكن أن ينعكس ذلك على سلوكه تجاهكم؟ أعتقد أن مسألة التعاون هي مسألة ترتبط بكل طرف ونحن نأمل في العمل من أجل السلام، وأنا لا أتفق مع من يقول أننا نود الصراع على شاكلة الصراع السوفيتي - الأمريكي من أجل السيطرة على العالم، فالصين لا تؤمن بهذه النظرية، نحن نريد التعاون مع كل الدول، ومشاكل العالم يمكن أن تحل من طرف المجتمع الدولي. كيف ستتعامل الإدارة الصينية مع ملف حقوق الإنسان في ظل العولمة والفضائيات التي تكشف عن استعمال الصين للقوة الصلبة بدل القوة الناعمة خاصة مع المسلمين في الصين والتبت مع الدالاي لاما؟ الصين بلد له 56 اثنيه ومن بينهم 10 إثنيات مسلمة، وعدد المسلمين في الصين يتجاوز ال 20 مليون نسمة، وبمقتضى أحكام الدستور الصيني فإن لكل صيني الحق في الاعتقاد أو الإلحاد، ومن زمن طبقنا هذه الإستراتيجية وعملنا على الحفاظ على حق الإنسان، وعدد سكان الصين كما تعلم هو 1,300 مليار نسمة، وباعتقادي أنه وقبل الحديث عن الحق في التعبير الذي هو مضمون عندنا، يجب الحديث على حق العيش الكريم، والتربية والصحة. ''الجزائر ستشارك في معرض شنغهاي الدولي للاقتصاد والتجارة ومهرجان الثقافة العربية وستكون مناسبة لمئات رجال الأعمال للمزيد من التعاون'' ففي 30 سنة وصلت الصين إلى الحد من قائمة الفئة التي تعيش تحت خط الفقر من 120 مليون إلى 20 مليون فقط، والآن عندما نرى حجم النمو العالمي فإننا مسرورون بأنا بلدنا يوضع في المرتبة الثالثة عالميا، فعندما نقسم الناتج العام على عدد السكان نجد أننا في المرتبة ال 104 حيث يصل دخل الفرد إلى 3000 دولار أمريكي. أنا أجزم في هذه المسألة أن هناك من يود الإيقاع بين الصين والدول الإسلامية بخلق هذه المشكلة غير الموجودة أساسا، وكما تعلمون فالصين لها علاقات جيدة مع الدول العربية والإسلامية، فقد كانت زيارات وتعاملات تجارية بين الصين والدول العربية والإسلامية ولهذا نجد في كتبكم الدينية حديثا لنبيكم محمد (صلى الله عليه وسلم) يقول فيه ''أطلبوا العلم ولو في الصين''. أعتقد أن هناك دولا تحاول دوما التدخل في سيادة بلدان الدول الأخرى، وهذا يخلق التوتر والأزمات في العالم، وأعتقد أن دولا كثيرة تمتهن دوما استخدام ازدواجية المعايير إزاء القضايا المختلفة. هناك مشكل حقوق الإنسان في العديد من الدول التي تدعي حماية حقوق الإنسان وأثبتوا أنهم قاموا بفضائح في هذا الجانب لقد أثرتم مسألة التبت، وأعتقد أنكم شاهدتم وسمعتم كيف تحركت قوى غربية كثيرة في هذه المسألة في وقت الذي كانت الألعاب الأولمبية توشك على بدايتها في الصين، وأعتقد أن كثيرا من الناس يخطئون في فهم قضية التبت، أعتقد أنهم يريدون تقسيم الصين فمنذ 1959 يقبع هذا الرجل في الهند وقد كان هؤلاء يطبقون نظام العبودية على 95٪ من المجتمع الصيني في التبت، ومنذ نجاح الثورة تغيرت التبت في كل الميادين في الرعاية الصحية والتربية والعدل وكل ظروف المعيشة، لكن وللأسف ما زلنا نرى تدخل قوى غربية تدعم هذا الطرف الذي يريد بسط العبودية، فحتى في الولاياتالمتحدةالأمريكية حارب الأمريكان وعلى رأسهم جورج واشنطن وأبراهم لنكولن العبودية بعد حرب الشمال والجنوب، فكيف يريدون لنا أن نعود إليها فاليوم هناك عدالة تامة بين أفراد الشعب الصيني وهذا أمر لا رجعة فيه. ما هي درجة اهتمام الصين بإفريقيا بعد أن ارتفع حجم التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا من 10 مليار دولار سنة 2001 إلى 106,8 مليار دولار في بداية القرن الحالي، وكيف تتصورون مستقبل العلاقات الصينية-الإفريقية؟ نعم لقد كانت حجم التبادل التجاري في العام 2001 هو 10 مليار دولار فقط واليوم وصل 8,106 مليار دولار، وبالنسبة للاستثمار المباشر للصين في إفريقيا فقد بلغ 26 مليار دولار، ونحن نلاحظ أنه ومع النمو الكبير للاقتصاد الصيني وارتفاع التبادلات بين الصين وإفريقيا وصلنا إلى هذه الأرقام. واسمح لي أن أوضح بعض الأمور في هذه المسألة، فهناك بعض الصحف في كل العالم تتحدث على أن قدومنا إلى إفريقيا هو من أجل البحث عن البترول والغاز الذي يحتاجه الاقتصاد الصيني، لكن يجب أن نعلم بأن علاقة الصين مع إفريقيا ترجع إلى ما قبل ظهور البترول، وقد ساندنا الجزائر وغيرها ولم يكن لديهم أي ثروة هامة، لأن مبادئ الصين الشعبية تعلو على كل المصالح، فقبل 700 سنة كان أهم البحارة الصينيين يقومون بنقل الأدب والحضارة والتراث الصيني إلى القرن الإفريقي في الصومال وكينيا وباقي الدول الإفريقية، وحتى في سنوات الستينات وبرغم إمكانياتها المتواضعة ساهمت الصين في بناء سكة الحديد الشهيرة بين تنزانيا وزامبيا، وهكذا أنتم تلاحظون أن علاقاتنا متجذرة وأن ما يقع اليوم هو تعميق لها فقط وتجذير أكثر، وكما تعلمون فحتى الرئيس الراحل ومؤسس الدولة الصينية ماوتسي تونغ قال ''إن الصين يجب عليها أن تعمل على مساعدة إفريقيا في الأوقات التي ستصبح هي دولة كبرى اقتصاديا'' لأنه كان يعلم أن إفريقيا لها حجم خاص في العالم وأهمية بالنسبة لنا كصينيين. كما أود التذكير هنا أن حكومة بلادنا أعطت أهمية خاصة لإفريقيا وهذا بإنشاء المنتدى الإفريقي-الصيني والذي انعقد مؤخرا في مدينة شرم الشيخ المصرية وقد تم توسيع أعضائه وجرى الاتفاق على التقيد وتطبيق العديد من القرارات لفائدة دفع الشراكة بين الأطراف وتبادل الخبرات، ولهذا فقد تم في إطار اللجنة الوزارية لدول إفريقيا والصين تأكيد الصين على لسان رئيس وزرائها على إستراتيجية جديدة للتعاون البيني مع إفريقيا في ظل استشراف المستقبل وفتح مشاريع جديدة في المستقبل القريب وهذا بتوسيع مجالات التعاون. عفوا على المقاطعة، هل تشعرون سعادة السفير بأن هناك من ''يغار'' من نجاحكم هنا في إفريقيا؟ دعني أصارحك بشيء أتمنى أن يصل إلى كل المهتمين بالاقتصاد وبالتعاون الصيني - الجزائري أو الإفريقي أن الصين الشعبية لا تفرض شروطا من أجل التعاون مع الجزائر وإفريقيا، ودعني أسمي الأسماء مباشرة ونوضح الأمور على أن بكين لا تشترط إعطاء هذا مقابل ذاك، فكثير من الدول لتمنحك الاستثمار المباشر تحاول فرض مقابل ذلك شروطها السياسية التي غالبا ما تتخفى وراء الدفاع عن حقوق الإنسان، وغير ذلك من الأمور التي تتعلق بسيادة الدول، فنحن عندما نساعد، نساعد بدون مقابل. نحن في الصين نعتقد أنه ودون إيجاد الأمن والاستقرار والعيش الكريم في إفريقيا، فإننا لن نصل إلى عالم مستقر وباعتقادي أن إفريقيا محتاجة للمساعدة، ورغم أن إمكانياتنا في طور التطور، لكن نحن مستعدون لدعم إفريقيا بكل الطرق. انتهت قمة كوبنهاغن للحد من انبعاث الطاقة، ما تقييمكم للقمة وبماذا ستلتزمون وهل ثمة مجالات للتعاون مع الجزائر في هذا الجانب المضر بصحة الإنسان، الحيوان والبيئة؟ قمة كوبنهاغن نتج عنها بيان سمي باسمها ''بيان كوبنهاغن'' الذي تمخض بعد اجتماع حضرته 192 بلد، ولكن بالنسبة للنتائج أعتقد أنها لم تكن في مستوى ما كان متطلعا إليه، والحكومة الصينية تعتقد أن هذه القمم يمكن أن تعطي نتائج إيجابية، ولهذا كتب الوزير الأول الصيني رسالة إلى رئيس الوزراء الدنمركي وإلى الأمين العام للأمم المتحدة من أجل تأكيد دعم الحكومة الصينية إلى تفعيل نتائج بيان قمة كوبنهاغن، وباعتقادي أنه من الضروري دفع هذا الأمر وتخطي التحديات والرهنات الخاصة بالتغيرات المناخية وهذا بتطبيق قرارات كيوتو وبخطة طريق بالي. إن التغيرات المناخية كما سبق ذكره هي تحد لكافة دول العالم، ويجب التكاتف من أجل الحد منها، وخصوصا الدول الشديدة التصنيع التي لها مسؤولية في هذا الجانب بالإضافة إلى الدول السائرة في طريق النمو، وبالنسبة للحكومة الصينية فقد التزمت بخفض نسبة ثاني أكسيد الكربون من هنا إلى 2020 حيث سنخفض من 40 إلى 45٪ من نسبة 2 co وسنعمل أيضا على توسيع الغابات ب 40 مليون هكتار وأيضا إنقاص 15٪ من المواد الضارة الكيمياوية، وأيضا استثمار 3,1 مليار في المجال الخاص بتنمية المياه الطبيعية والتشجير. والحكومة الصينية مهتمة منذ قمة كيوتو بخفض 2 co والعمل على نقل التكنولوجيا للدول الفقيرة والسائرة في طريق النمو. وبالنسبة للتعاون مع الجزائر في هذا الميدان فنحن لدينا تعاون وثيق منذ سنوات في مجال الاستشارة ونقل الخبرات، والجزائر تعمل كثيرا لصالحها ولصالح الدول الإفريقية وهو ما يتكرر دوما على لسان المسؤولين ومن بينهم السيد الرئيس بوتفليقة والوزير السيد شريف رحماني . في هذا المجال حصلتم على عقود جديدة في مجال النفط هل ستلتزمون بخفض التلوث هنا في الجزائر؟ نعم جرى عقد اتفاقية مع مؤسسة تيلاندية وصينية بالشراكة مع مؤسسة سوناطراك في جانفي الماضي للتنقيب عن البترول، والمؤسسات الصينية تلتزم بما تقرره الحكومة في هذا المجال، والحكومة الصينية تشجع الاستثمار في مجال النفط في الجزائر. هل يمكن للجزائر وإفريقيا أن تستفيد اليوم من استخدام بلدكم لتقنية الرصد الفضائي في مجال التنقيب عن البترول والثروات الطبيعية في ظل الشروط التعجيزية التي تفرضها وكالة ''ناسا'' الفضائية على البلدان التي لا تسير في الفلك الأمريكي؟ نعم في الميدان التقني عرفت الصين تطورا كبيرا، خصوصا في العقد الأخير، وبلدنا يحصد نجاحات وثمار التكنولوجيا الفضائية في منتجاتنا الاقتصادية، والتي تحسنت كثيرا بموجب هذه النجاحات الخاصة بعالم الفضاء، حيث تضاعفت أرباحنا من خلال ذلك وأعتقد بأننا تحت تصرف الجزائر والدول الإفريقية في هذا المجال. الصين بلد حضارة كونفوشيوس ذلك القائد والمثقف الذي ينادي بالتناغم والاطلاع على ثقافة الآخر، ما هو تصور الصين لإقامة حوار الحضارات والثقافات في ظل عالم اليوم الذي أنهكته الحروب والصراعات؟ هذا سؤال مهم للغاية بالنسبة إلينا، أنتم تعلمون أن حضارة الصين لديها 5000 سنة دون توقف، ونحن نعطي ونولي اهتماما خاصا للتبادل بين الحضارات والثقافات، ويمكن لكم أن تلاحظوا في الحضارة الصينية أن كونفشيوس كان له تأثير كبير على الحضارة الصينية، فدائما نحن نذكر كونفشيوس لأننا نولي اهتماما كبيرا بالموروث، ولهذا نحن نعتقد أن كل دولة لها نقاط قوة وخصوصية ولهذا يجب علينا أن نتبنى ثقافة احترام الغير والتعرف عليها، والصين وعبر كل الأزمنة لم تهمل البحث في ربط الصلة مع الآخرين لأنها على قناعة من أن المسيرة الإنسانية والتقدم يبنى على هذه المسائل. فنحن نعمد على احترام الاختلاف الموجود في 2500 اثنية وأكثر من 192 بلد في العالم، لهذا يجب أن نتعرف على حضارات الآخرين، ولهذا نحن نعمل على إقامة سلسلة من التبادلات الثقافية في شتى دول العالم وفي هذا المسعى نحن نعمل إلى إقامة مهرجانات ثقافية في العالم العربي وإفريقيا، هذا بالإضافة إلى تنظيم ندوات فكرية تعنى بالحراك الثقافي في بلد حضارة كونفشيوس فضلا عن مجموعات فنية قدمت الفن الصيني العريق للجمهور العربي والإفريقي. وفي هذه السنة وعلى هامش معرض شنغهاي الدولي الذي سيقام فيه المهرجان الثقافي العربي حيث ستشارك الجزائر، وهكذا ستكون مناسبة لتعريف الجمهور الصيني بالموروث الثقافي في الجزائر وكذلك البلدان العربية. وفي هذا الصدد أود التذكير بأننا نقيم في كل سنتين المنتدى الصيني العربي من أجل تبادل الخبرات والثقافات وأعتقد بأنه مناسبة طيبة في هذا الإطار. إضافة إلى هذا فهنالك مشروع ترجمة الأعمال الثقافية الكبيرة لرواد الفكر الصيني إلى اللغة العربية، وترجمة الأعمال الريادية العربية في الفكر إلى اللغة الصينية وهذا ما سيوثق العلاقات بين بلدينا. بالنسبة للغة الصينية وتدريسها في ثانويات وجامعات الجزائر هل هناك جديد حول هذه المسألة التي تهم من يتطلعون للتعاون مع بلدكم الذي تعد لغته ثاني لغة مستعملة في العالم؟ نعم هناك مشاريع ومن بينها إقامة معهد لتعليم اللغة الصينية في الجزائر. لماذا لا تشيدون معالم تاريخية في دول غير الصين لكي تبقى راسخة في أذهان الأجيال والنشء القادم؟ في الحقيقة هذا جيد لكن قناعاتنا في هذه المسألة أن الرجال والعظماء أكبر من أن يختصروا في تماثيل، فهم أحياء في النفوس ومخيلات الأجيال المتعاقبة بما نقرأ عليهم يوميا، فهم موجودون في قلوبنا وهناك كثيرون في الجزائر يذكرون زيارة القائد الصيني شوان لاي. وما دمنا نجول في عالم الثقافة هل ثمة فكرة لفتح مركز ثقافي صيني بالجزائر مستقبلا؟ في الحقيقة لا نملك فكرة محددة حاليا، لكننا نعمل على إنشاد دار للأوبرا في الجزائر وهي هدية من الحكومة الصينية لأصدقائنا في الجزائر. سعادة السفير الصيني بالجزائر، في الأخير يظهر أن الجزائر وقفت معكم في كل القضايا.. هل أنتم مستعدون للوقوف معها إزاء كل القضايا التي تواجهها؟ نعم كما أسفلت قوله بأن ثمة علاقات ثمة بين قيادة البلدين والشعبين وأعتقد أن لدينا نفس القواسم المشتركة في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكافة القضايا الإقليمية والدولية وباعتقادي أن مسائل التعاون ودعم كل طرف للآخر ستستمر فقد حاربنا جنبا إلى جنب ونحن رفاق للسلاح والبناء معا، ونحن اليوم نحارب وسنحارب جنبا إلى جنب ضد الفقر والإرهاب والتغيرات المناخية وكل القضايا، فنحن في نفس الخندق وسنترجم كل هذه الأعمال إلى حقائق بالتكاثف بين الرئيسين والشعبين الصيني والجزائري. أجرى المقابلة: فتحي شفيق