أدلى العديد من الصحراويين الذين أجبروا على العيش في المنفى، بوجوه لفحتها أشعة الشمس ونظرة يغمرها الأسى، بشهاداتهم أمام كاميرا المخرج، الشيخ جماعي، للكشف عن جسامة مأساة الصحراء الغربية التي تخضع للاحتلال المغربي يلقي الفيلم الوثائقي "جمهورية في المنفى"، الذي عرض سهرة أمس الأول الخميس بدار الجمعيات بباريس، بمبادرة من الجمعية الفرنسية "البقاء"، والذي يستغرق 52 دقيقة، الضوء على الحقيقة التي يعيشها الشعب الصحراوي، الذي أصبح لاجئا ومتشتتا ومنفيا بعيدا عن بلده وهو الشعب الوحيد الذي لا يزال ينتظر الاعتراف بحقه في تقرير المصير. وتكشف الشهادات المؤثرة التي استقاها المخرج، الذي أنتج بفرنسا سنة 2008، عن مأساة مسنة صحراوية تروي كيفية قصف قوات الاحتلال المغربية للسكان الصحراويين بالنابالم والفوسفور الأبيض بهدف طردهم من أراضيهم. كما تكشف كيفية اختفاء أطفال وشيوخ ونساء سحقتهم آلات الحرب التي تستهدف من خلالها قوات الاحتلال سكانا عزلا أمام صمت المجتمع الدولي. وتتمثل أبرز شهادة في هذا الفيلم الوثائقي في تلك التي أدلى بها طفل شاهد بعينيه منزله ومياه الفيضان تغمره ولا يزال يطارده شبح تجدد تلك اللحظات الأليمة. كما أدلى العديد من الشباب بشهادات للتعبير عن رغبتهم في العودة إلى بلدهم واستقلال الصحراء الغربية على غرار ذلك المهندس في الإعلام الآلي الذي يئس من الانتظار لإعادة اعمار بلده وزرع الأمل في قلوب شعب متشتت في مخيمات اسورد والدخلة والعيون وسمارة. وكان من بين الحضور أيضا الأمين العام للجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان بالصحراء الغربية، جون بول لوماريك، وإبراهيم صبار، معتقل سابق بالسجون المغربية وعضو الجمعية الصحراوية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان من قبل دولة المغرب. ومن جهته، أوضح ممثل جبهة البوليزاريو بباريس، عمر منصور، أصل النزاع مذكرا بأن هذه الأراضي التي صنفتها الأممالمتحدة كأراض "غير مستقلة" منذ الستينيات ووعدت بتنظيم استفتاء لتقرير المصير بها "تخلت عنها إسبانيا فجأة واحتلها المغرب في الشمال وموريتانيا في الجنوب مما دفع بالشعب الصحراوي إلى الفرار خوفا من القمع". وذكر أن إسبانيا باعتبارها "القوة المديرة" في مسار تصفية الاستعمار باشرت سريا وبالرغم من وعودها بتنظيم استفتاء سنة 1975 اتفاقا ثلاثيا مع المغرب وموريتانيا ينص على تقسيم مستعمرتها بين الدولتين المغاربيتين مقابل مزايا اقتصادية وجيوسياسية "اتفاق مدريد - نوفمبر 1975".