تجري الاستعدادات حالياً بولاية تلمسان على قدم وساق من أجل احتضان التظاهرة الدولية “تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2011”، وتشهد مختلف المشاريع التي تجرى في سبيل ذلك تقدماً ملحوظاً بحسب مديرية الثقافة ويعكف القائمون على تحضير هذه المشاريع وتجهيزها لاستقبال التظاهرة الثقافية ومن المتوقع استلامها خلال الشهر الجاري. وفي مقدمة هذه المنشآت المركب الثقافي الجديد، الذي يتضمن قاعة للعروض تتسع ل 1200 مقعد وقاعة للمحاضرات وفضاءات مختلفة لإقامة الورشات الفكرية والمعارض الثقافية والتاريخية، فضلا عن عدة قاعات للبحث والدراسات وغيرها من المرافق الثقافية. ومن المقرّر أن يحتضن المركب الثقافي مختلف الأنشطة الثقافية والفكرية ذات المستوى العالمي، كما يجري إنجاز مركز جديد للدراسات والبحوث الأندلسية وفق النمط المعماري العربي الإسلامي، بحيث سيوفر 1000 مقعد بيداغوجي للطلبة والباحثين المتخصصين في الفنون الأندلسية والدراسات المعمقة في مجال التراث من موسيقى وعمارة وفنون شعبية وفولكلورية وفن الطبخ، إلى جانب مكتبة حضرية بالتقنيات العصرية وقاعتين للعروض ومسرح في الهواء الطلق ومتحف ومركز إسلامي، ومكتبة متخصصة وورشات للفنون الثقافية الإسلامية، فضلا عن أجنحة للبحث والدراسات. أما في الجانب الترميمي فتشهد حاليا العديد من المعالم الأثرية -التي تزخر بها ولاية تلمسان وتعود أساسا إلى عهود الحضارة العربية الإسلامية- أشغال التهيئة والترميم لإعطائها وجهها اللائق مثل قصر السلطان الواقع بمعلم المشور، والمركب الديني للعباد ومختلف الآثار بناحية منصورة وباب القرمادين. إسبانيا سفيرة للحضارة الإسلامية بتلمسان كشف البرنامج المعد من قبل اللجنة المنظمة لتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية مشاركة 5 دول غير إسلامية في تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية. وقد أكد مصدر عليم بتطورات الاستعدادات للتظاهرة أن هذه الدول ستكون حاضرة من أجل تفعيل حوار الحضارات والأديان، فبالإضافة إلى الولاياتالمتحدة، فرنسا وبريطانيا ستشارك كذلك الصين بهدف تفعيل حوار الحضارات والأديان. لكن بالنسبة لإسبانيا الأمر مختلف تماما كون هذه الأخيرة فتحها المسلمون من قبل. ولعل أبرز ما سيضفي الأهمية على هذه المشاركة هو عودة المسلمين خلال التظاهرة إلى أمجادهم في بلاد الأندلس التي فتحها طارق بن زيا. ويبقى التواجد الإسلامي في إسبانيا من أبرز المحفزات التي أدّت إلى مشاركتها الاستثنائية. من جهة أخرى، أكد ذات المصدر أن تلمسان ستكون قبلة لحوار الحضارات والأديان كما أن عدم نكران الإسبان لماضيهم الإسلامي هو أبرز ما سيعطي للتظاهرة تفاعل الحوار ويضفي عليه بعدا حضاريا وعالميا، ناهيك عن العلاقة الثقافية الجزائرية الإسبانية، فروايات سيرفانتيس في مغارته الشهيرة ببلوزداد، لا تزال شاهدة على هذه العلاقات بين البلدين، كما أن رواية غابريال غارسيا ماركيز الشهيرة، انطلق في كتابتها من مطار الجزائر إلى جانب الترحال المستمر للعلماء المسلمين في عهد الدولة الموحدية، وهو ما دفع منظمي التظاهرة إلى تعيين إسبانيا سفيرة للحضارة الإسلامية الأندلسية في تلمسان. 14 ملتقى دوليا واستنفار للزوايا كما كشفت الهيئة المنظمة أن التظاهرة ستحتضن 14 ملتقى دوليا بحضور رجال الدين والعلماء من مختلف أقطار العالم؛ حيث تتضمّن مجمل هذه الملتقيات مواضيع يتخللها واقع المسلمين في العالم والتحديات التي يواجهها العالم الإسلامي والثقافة الإسلامية. كما تتخلل التظاهرة نقاشات فكرية وفلسفية تبحث إشكالياتها، إمكانيات وآليات النهوض بالفكر الإسلامي والثقافة الإسلامية في ظل الإديولوجيات الحديثة. وستتطرق التظاهرة إلى محطات تاريخية من أجل إبراز دور الثقافة الإسلامية فيما وصل إليه العالم في العصر الحديث. وقد كشف البرنامج كذلك أن الزوايا ستكون حاضرة خلال التظاهرة، حيث سطرت اللجنة المنظمة مشروعا ثريا يتم التحضير له في الوقت الحالي من طرف مجموعة من الزوايا يكون بمثابة قاعدة أساسية، وهو مشروع- حسب مصادر مقربة- من أجل كشف الموروث الثقافي الجزائري في التصوف الديني وإبراز الدور الإيجابي الذي لعبته الزوايا في النهوض بالفكر ومحاربتها للثقافات المستعمرة خلال المراحل التاريخية المتعاقبة. وحسب ما كشف المصدر، فإن الخلفيات التي تمت بها برمجة هذه الأمور هو التهميش الذي تعرضت له الزوايا والطرق الصوفية خلال تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية رغم العلاقة الوطيدة لهذه الزوايا بها. ويرمي المشروع في أول خطوطه إلى دعوة العلماء والمثقفين إلى إثراء موروث الطرقية والزوايا بكل الخصوصيات التي تختلف من منطقة لأخرى وحسب ثقافات المنطقة وذلك من أجل النهوض بدور الزوايا في التوجيه والتربية والتلقين وإنضاج الرؤى المستقبلية عند المسلمين رغم الاختلافات المذهبية، كما تبرز مسودة المشروع النقاط العريضة التي من خلالها يمكن الاستفادة من مخطوطات إطاراتها وخلق منهجية بحث خاصة من أجل الاستفادة منها في دراسات الثقافة الشعبية الإسلامية.