تحسر عميد أغنية الحوزي، الحاج محمد الغافور، على الوضع العام الذي تشهده الساحة الفنية الجزائرية اليوم، ما أدى بالعديد من المواهب الفنية الشابة إلى الانسياق وراء الأغاني التجارية وتحقيق الشهرة السريعة، على حساب الذوق العام للمجتمع الجزائري، الذي اعتاد في السبعينيات والثمانينيات السهر على وقع تلك الأغاني الطربية الأصيلة حمّل المتحدث، في لقاء جمعه مع”الفجر” بمدينة تلمسان، على هامش افتتاح فعاليات تظاهرة “تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية 2011”، مؤخراً، مسيري شركات الإنتاج الناشطة حالياً في الساحة الفنية مسؤولية تردي الأوضاع الفنية في الجزائر في الوقت الحالي، خاصة أن هذه الشركات تسعى وراء الربح السريع فقط، ولا يهمها النتائج التي تنتج من جراء الاستماع إلى تلك الأغاني التي في العادة تحتوي ألفاظا خادشة للحياء، وتحمل معاني العنف، خاصة أغاني طابع الراي الذي برز في السنوات القليلة الماضية. واعتبر الحاج الغافور، التشويه الحاصل اليوم في المشهد الفني عندنا، لم يمس فقط طابع الراي، بل أضحى يشوه الطبوع الغنائية الأخرى باسم “الحداثة” حينا، وباسم “هذا ما يطلبه الجمهور” في أحيان أخرى.. مضيفا أن المشهد الفني اليوم لا يرقى أبدا لما كان يطمح إليه جيل الفنانين السابقين الذين كان يصعب عليهم إيجاد شركة إنتاج تتكفل بطرح أعمالهم التي كانوا في الغالب يدفعون أموالاً كبيراً من أجل إنتاجه، رغم القيمة الفنية العالية التي كانت تحتويها تلك الأغاني، ومع ذلك كانوا يحرصون في كل عمل فني جديد لهم، على المحافظة على الأصالة الفنية التي سار عليها من سبقوهم إلى المشهد الفني قبلاً.وفي سياق ذي صلة، تحسر المتحدث على الجيل الحالي من الفنانين الذين أصبحوا يلهثون وراء نجومية زائفة، لم تعد تدوم أكثر من أسبوع واحد، ليظهر فنان آخر، يأتي بما هو أدنى مما جاء به الذي قبله من لحن مغشوش وكلمات سوقية.. ليسرق منه نجوميته تلك.يذكر أن الحاج محمد الغافور يعد من خريج أعرق المدارس الفنية التلمسانية، بدأ مشواره الفني كعازف إيقاع، ثم انضم إلى عدد من المجموعات الموسيقية بمدينة ندرومة التي ولد بها. اهتم الحاج محمد الغافور بشعر الأساتذة الكبار، أمثال امحمد رماعون، وقدور بن عاشور الزرهوني، اللذين ينحدران من ذات المدينة التي ولد بها الفنان. ومن خلال احتكاكه مع عمالقة الفن والمديح الديني بزاوية الزيانيين التي يعد أحد أبنائها، تمكن من تكوين فرقة موسيقية قبل الاستقلال بسنوات قليلة، مكنته أن يكون في مصاف الفنانين الكبار الذين أنجبتهم الجزائر. ومنذ ذلك الحين لايزال الفنان الحاج محمد الغافور يحرص على تقديم الفن الجزائري العريق، ويقدم النصائح لكل من يلتقي بهم في مختلف الفعاليات الفنية والثقافية التي تقام هنا وهناك، علّ هذا الجيل يسير على دربه ويترك بصمته الفنية الراقية في المشهد كما يفعل هو الآن.