ما يحدث الآن في العالم العربي أقام الدليل على أن أجهزة الأمن العربية بمختلف أنواعها لم تعد قادرة على صيانة أمن الحكام! وأن نظرية "أمن الحاكم مقدمة على أمن الوطن" قد سقطت بصورة مرعبة ودراماتيكية! وقد يكون هذا من الإنجازات المهمة التي جاءت بها ثورات الشباب في البلدان العربية.. حيث تبين للشعب وللحكام على السواء أن الذراع الأمني هو "دبوز كلخ" في النهاية من الأحسن أن تخيف به السلطة شعبها ولا تضربه حتى لا يكتشف الشعب بأنه "كلخة" وليس هراوة! لكن أهم إنجاز تم لصالح الشعوب والبلدان وعلى حساب الحكام بهذه الثوارات.. هو أن السراق والمفسدين لم يعودوا آمنين كما كانوا من قبل! وأن المال المسروق من الشعوب لم يعد آمنا بتهريبه إلى الخارج! وهذه إحدى إيجابيات العولمة.. بحيث أصبح المال المسروق والمحول إلى الخارج لا يحظى بالأمن الكافي.. وأصحابه الذين سرقوه لا يتمتعون به.. حتى ولو لم يعد هذا المال إلى أصحابه الأصليين وهم الشعوب الذين سرق منهم هذا المال! بالأمس سمعت أن كندا بصدد إصدار تشريع وطني يحرم ويجرم استقبال الأموال المشبوهة للحكام والمسؤولين في العالم العربي والدول النامية.. حتى لا تجد نفسها فيما بعد مضطرة إلى تجميد هذه الأموال غير الشرعية.. ولهذا فهي لا تستقبل أصلا هذه الأموال! هذه الخطوة المهمة من كندا تنبئ ببداية عهد جديد في العالم لا نجد فيه أماكن آمنة للسراق وللمال المسروق.. وإن حكاية تشجيع الغرب لسرقة أموال الشعوب من طرف الحكام ثم مصادرتها لم يعد عملا أخلاقيا في السياسة الدولية! وفي سياق عولمة أخلاقية في العلاقات الدولية! لقد رأيت أحد المواطنين المصريين يعلق على محاكمة وزير الداخلية المصري حبيب العدلي فقال هذا المواطن: إنه لا يؤيد سجن هذا الوزير حتى لا يأكل على حساب الشعب في السجنو بل يجب على العدالة أن تحكم عليه بإعادة كل الأموال التي سرقها إلى الشعب! وأن تطلق سراحه.. وتعطيه راتبا شهريا قدره 200 جنيه وتسكنه في عشوائيات بلا ماء ولا كهرباء ليعيش العقاب الحقيقي الذي كان يمارسه ضد الشعب.. لأن السجن ليس بالعقاب المقبول لهذا الوزير ولغيره ممن أذاقوا الشعوب الويلات بسوء تسييرهم للبلدان وجعلوهم يعيشون فيما هو أسوأ من السجون؟!