يدافعون عن المواطن البسيط والمسؤول، طبيعة عملهم تفرض عليهم الاستماع لانشغالات الجميع ويتحولون إلى لسان حال المجتمع، و”للأسف الشديد” لا يجدون من يدافع عن حقوقهم المهضومة، والتي تنعكس سلبا على مردودهم المهني وأوضاعهم الصحية، حيث 65 بالمائة منهم دون سكن، ويعانون الاكتئاب، وأمراضا مزمنة كارتفاع الضغط الدموي والسكري وصف عدد من الصحفيين الذين تحدثت إليهم “الفجر” واقعهم المعيشي ب “المزري”، خاصة وأنهم يتقاضون أجورا زهيدة مقارنة بالعمل الذي يقدمونه، حيث أن معدل أجر الصحفي يتراوح مابين 15 و 20 ألف دينار، وهو ما لا يكفي رب عائلة قضاء حوائجه، ويجعله يغرق في الديون، وبالتالي فلا يمكنه أن يكتب في القضايا التي تؤثر في الرأي العام مادام أنه يفكر في لقمة عيش أبنائه، باستثناء صحفيي الإذاعة والتلفزيون الذين يتقاضون أجورا أحسن من نظرائهم في الصحافة المكتوبة. ومايزال أغلب الصحفيين غير قادرين على امتلاك جهاز كومبيوتر آو آلة تسجيل أو تصوير، الوسائل التي لا يستغني عنها الصحفي في الدول الأوروبية، كما أنه لا يستطيع الاتصال بالشخصيات المهمة والمحافظة على العلاقات الطيبة، لأن المؤسسة الإعلامية التي يشتغل فيها لا توفر له ذلك. من جهة أخرى، الوضع المزري الذي يعيشه الزملاء الصحفيون، شكل تربة خصبة لطرد المهنية وتراجع الإنتاج وانتشار قضايا الفساد، خاصة لدى هؤلاء الذين لا يستطيعون مقاومة الضغوط من طرف المتضررين من التحقيقات والتقارير التي ينجزونها، خاصة رجال المال والأعمال والمسؤولين، الذين يستغلون الوضع المادي للصحفي لخدمة أغراضهم، وهو ما يتنافى مع الموضوعية في الكتابة الصحفية. وفي ذات السياق، أكد عضو في المبادرة الوطنية من اجل كرامة الصحفي التي أطلقت مؤخرا للدفاع عن حقوق هذه الفئة، أن الوضع الاجتماعي والضغوط المهنية والقلق الدائم وراء وفاة العديد من الصحافيين في مقتبل العمر بأزمات قلبية وبارتفاع الضغط الدموي، وأشار إلى رحيل 15 صحفيا في أقل من سنة، لا تتجاوز أعمارهم 45 سنة، في ظل غياب التكفل بالأمراض المهنية، والشعور باليأس المفرط وفقدان الأمل في العيش الكريم، زاده عدم تحرك السلطات المعنية لإعادة الاعتبار لهذه المهنة النبيلة. كما أن معظم رجال الإعلام يعانون من مرض “القولون”، نتيجة القلق المفرط، والأكل غير الصحي. وأضاف ذات المصدر أن أزمة السكن من أهم المشاكل التي يعاني منها أصحاب السلطة الرابعة، مشيرا إلى أن 65 بالمائة منهم دون سكن، واغلبهم يتنقلون بين الحمامات والفنادق أو يتطفلون على الاقامات الجامعية يزاحمون فيها الطلبة، و30 بالمائة يستأجرون سكنات بمبالغ مالية تفوق نصف راتبهم الشهري، وتتراوح ما بين 15 و 25 ألف دينار للشهر، و5 بالمائة منهم يعيشون عند الأقارب، ويتنقلون يوميا من عدة ولايات مجاورة كبومرداس، البليدة وغيرهما، وبالتالي فإن عدم الاستقرار حرم 90 بالمائة من الصحافيين من الاستفادة من خدمات الانترنيت والزواج. وإن كانت هناك مبادرة أطلقت العام الماضي من أحد المسؤولين الرسميين لإزالة الغبن على الصحفي وتوفير مسكن يليق به في إطار سكنات ترقوية، إلا أن المبادرة لم تعرف النور وانتهت في بدايتها. وعلى صعيد آخر، فإن ما يقارب ال 100 صحافي يشتغلون عشوائيا في مؤسساتهم الإعلامية التي لم تصرح بهم أمام الضمان الاجتماعي لتأمين حقوقهم، وبالتالي ففي حالة طردهم يفقدون كل حقوقهم.