كل الناس رددوا هذه الأيام أن السلطة في الجزائر أساءت إلى ما تبقى لها من كرامة لدى هذا الشعب بعد فتح ما أسمته بحوار الإصلاحات مع الناس! فقد قال لي أحد المواطنين إنه عندما يفتح التلفزة الجزائرية على إحدى قنواتها يحس بالخجل مما يحدث إلى حد أنه يتصبب منه العرق! ويتساءل: لماذا تفعل السلطة بنفسها هذه الأفاعيل؟! هل حقيقة أن مستوى السلطة أصبح منحطا إلى هذا المستوى الذي أصبحت معه تستمع سياسيا إلى مثل هذه الكائنات البشرية التي تسمى أحزابا وجمعيات وشخصيات؟! * أحزاب التحالف نفسها وعبر برلمانها وحكومتها هي التي طالبت ونفذت تغيير الدستور عبر البرلمان وبررت فتح العهدة الرئاسية بعد حرمان أي مواطن من حقه في الترشح للرئاسيات أكثر من مرة! وهذه الأحزاب اليوم.. ومعها الرئيس والبرلمان.. هي التي تطالب بتحديد العهدة الرئاسية! فماذا جد في البلاد خلال سنتين فقط ليغير النواب وأحزاب التحالف رأيهم في هذه الموضوع؟! الشعب يطالب بإصحلات حقيقية تؤدي إلى عدم تكرار المأساة الوطنية التي مرت بها البلاد في ال20 سنة الماضية.. وليس بإصلاحات تفجر أزمات في البلاد! وإذا كان استقرار البلاد لا يسمح بفتح ملفات ما حدث في عشرية الدم وتحديد المسؤوليات ومعاقبة المسؤولين على ما حدث.. ولو معنويا وسياسيا.. فإن عدم فتح ملفات الفساد الذي يكون قد أضر بمصالح البلاد أكثر من عشرية الدم لا يعد إصلاحا بل يعد تشريعا لما هو قادم وهو سيادة منطق العنف والفساد في الدولة.. وقد يأتي الإصلاح الهزيل حتى على مكاسب المصالحة! إن حوار سلطة فاقدة للشرعية مع المعتوهين سياسيا لإصلاح الأوضاع المتأزمة في البلاد يدل دلالة قاطعة على أن السلطة لا تريد حل المشاكل الحقيقية في البلاد وتجنيبها كارثة أخرى.. وأشباح الحرب الأهلية والتقسيم لسنا ببعيدين عنها! ويخطئ من يعتقد أن الجزائر غير مرشحة لأن يحدث فيها ما حدث في تونس ومصر.. بل هي مرشحة لأن يحدث فيها ما يحدث الآن في ليبيا وسوريا واليمن.. ومال القذافي لم يمنع ما يحدث في ليبيا.. وقوة نظام الأسد لم تمنع ما يحدث في سوريا.. والصيغة التي تنفذ بها السلطة هذا الحوار الذي كان أمل الجزائريين قد زادت في شحن الرأي العام الوطني باتجاه اليأس التام من إمكانية أن يأتي أي خير من السلطة! الصورة التي يتم بها هذا الحوار رفعت درجة التوتر العام في البلاد إلى حد أن حالة البلد قبل فتح هذا الحوار كانت أفضل من حالتها بعد مباشرة هذا الحوار بهذه الصورة البائسة اليائسة! وأصبحت البلد في خطر فعلي وليس مجرد تصورات! فالأمور أصبحت لا تطاق! وحين يصبح الحوار خطراً على أمن واستقرار البلاد فذاك يعني أن الأمور وصلت سلطويا إلى عنق الزجاجة!