أغنام السياسة تتحاور أو تتصايح عند مخارج لجنة بن صالح.. لسنا ندري لماذا اختار المحاورون الطريقة التي طبقها رئيس الحكومة في تقديم زواره للرأي العام بعد أن يقابلهم.. فعمد بن صالح على تقديم زواره للرأي العام عند باب لجنته؟! لعله التدريب على مقتضيات المنصب الجديد الذي قد يتولاه بن صالح عندما ينتهي من الحوار! وينجح فيه أيضا! الصورة التي يجري بها الحوار لا يمكن أن نفهمها إلا في سياق الإعداد لبن صالح لأمر ما! وقد يكون زياري قد أحس بهذا الأمر فأطلق النار على سي عبد القادر بن صالح قبل أن يكمل مشاوراته مع الطبقة السياسية! زياري فهم إتاحة الفرصة لبن صالح لأن يتصل بقطاعات واسعة من الطبقة السياسية معناه أن الأمور بالنسبة لبن صالح تتجاوز مجرد إدارة الحوار إلى ما هو أكبر من ذلك بكثير! لهذا فإن الخلاف بين بن صالح وزياري يتجاوز مجرد الخلاف بين الغرفة السفلى والغرفة العليا للبرلمان أو الخلاف بين الأرندي والأفالان إلى ما هو أكبر وأشمل. لجنة بن صالح الثلاثية حاولت أن تضمن التوازن الجهوي بين مناطق البلاد الثلاث المؤثرة في الحياة السياسية.. لكن زياري لا يرى في اللجنة التمثيل المطلوب لجهات الوطن بأشخاص هم محل تساؤل في جهاتهم فما بالك الدور الوطني الذي أسند إليهم. ويخطئ من يعتقد أن الخلاف بين زياري وبن صالح هو مجرد خلاف بين مسؤولي غرفتي البرلمان.. بل الخلاف تشتم منه رائحة الخلاف حول شكل وطبيعة الجزائر ما بعد الإصلاحات أو لنقل ما بعد بوتفليقة! ويبقى السؤال المطروح هو: إذا كان بن صالح يتحرك في الحوار بإرادة الرئيس بوتفليقة فإن زياري يتحرك ضد بن صالح بإرادة من؟! لا تقولوا: إنه يتحرك بإرادة الأفالان.. وبإرادة بلخادمها! لأن بلخادم إذا خير بين أفالان زياري وأرندي بن صالح فإنه يختار بلا تردد أرندي بن صالح.. لأنه صنع لأن يكون دائما "كويتب" يقرأ التقارير التي يعدها رؤساءه.. ولم يتدرب على أن يكون قائداً! في هذا السياق يمكن أن نفهم الهرج والمرج الذي أثير حول شخص بن صالح كرجل ثان في الدولة وكرجل محل ثقة الرئيس أسند إليه مهمة إعداد نظام الحكم لما بعد بوتفليقة! قد يكون هذا هو سبب الملاسنة وقد يكون الأمر له علاقة بخلاف بين من يمسك بخيوط لعبة الحوار هذه.. وهذا ما فهمه مهري الذي قيل عنه إنه باستطاعته: "أن يحفف للبيضة"! وفهمه بوتفليقة عبر بن صالح فأراد البحث عن "الڤمل" في صلعة مهري! فوجه له رسالة خاصة عبر بن صالح! وبالمختصر المفيد أشتم من رائحة هذا الحوار والطريقة التي يجري بها والجدل الذي يثار حوله أن الأمر لا يتعلق بتغيير النظام بل يتعلق بحوار حول تغيير الأشخاص! وإذا كان المصريون قد أرعبهم "بلطجية" النظام قبل أن يطاح به ويغير فإن الجزائر يمكن أن يرعبها "قرعجية" النظام الذي لا يريد أن يتغير بل يريد لغيره أن يتغير!