الأرسيدي يشبّه هذه الدعوة للحوار ب''المونولوج'' وإهانة لمعاناة الجزائريين تلقت الأحزاب السياسية المعتمدة مراسلتين رسميتين، الأولى من عبد القادر بن صالح بصفته ''المكلف بالإشراف على المشاورات حول الإصلاحات السياسية''، والثانية من وزير الداخلية، دحو ولد قابلية، للمشاركة بالرأي والمقترحات في إثراء وعود الإصلاح التي أطلقها الرئيس، وبينما لم يحدد بن صالح تاريخا لنهاية مشاوراته، قالت الداخلية إن ال16 جوان القادم آخر أجل. عمد عبد القادر بن صالح، المكلف بالإشراف على المشاورات حول الإصلاحات السياسية، إلى توسيع المراسلات إلى جميع الأحزاب، حتى التي أعلنت مسبقا مقاطعتها المشاورات، وأبلغها أن محادثاته التي سيجريها رفقة مساعديه، الجنرال محمد تواتي وعلي بوغازي، ستشمل المحاور السبعة التي كلفه بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وجاء في المراسلة التي حصلت ''الخبر'' على نسخة منها أن ''الأمر يتعلق، كما تعلمون، بمراجعة الدستور والنصوص التشريعية المتعلقة بالنظام الانتخابي والأحزاب السياسية وتمثيل المرأة في المجالس المنتخبة والحركة الجمعوية وقانون الولاية وقانون الإعلام وكذا حالات التنافي مع العهدة البرلمانية''. وقدم بن صالح ما يشبه الضمانات بأخذ رأي الأغلبية في نهاية المشاورات قائلا: إن رئيس الدولة أبدى حرصه ''على أن ما سيصدر عن الأغلبية من آراء ومقترحات، سيجد تعبيره في التعديلات الدستورية والتشريعية الرامية إلى تعميق المسار الديمقراطي، ما لم يتعارض مع ثوابت المجتمع الجزائري والعناصر المكونة للهوية الوطنية''. ويخاطب بن صالح كل حزب على حدى كالآتي: ''يسرني، أنا ومساعدي، العمل معا من أجل استقاء آرائكم واقتراحاتكم حول الإصلاحات السياسية المرتقبة، كما سنقدر عاليا تقديم مذكرة تعرض مواقف ورؤى الحزب بخصوص الإصلاحات موضوع هذه المشاورات''. وبينما يتوسع بن صالح في سبع ورشات، اختزلت وزارة الداخلية مقاصدها لدى الأحزاب التي راسلتها هي الأخرى، في المشاركة بالرأي بشأن مراجعة قانونين اثنين فقط، هما القانون المتعلق بنظام الانتخابات، وثانيا القانون المتعلق بالأحزاب السياسية. وتذكر مراسلة تحمل توقيع وزير الداخلية والجماعات المحلية تحصلت ''الخبر'' على نسخة منها أنه ''من أجل تمكين الحكومة من احترام الآجال التي حددت لها من قبل رئيس الدولة، فإني سأكون ممتنا لكم لو تفضلتم بموافاتي في أجل أقصاه ال16 جوان المقبل، بآرائكم واقتراحاتكم حول هذين النصين التشريعيين''. وقبل أيام كان ولد قابلية نفى أية صلة للأحزاب السياسية باللجان التي أنشأها لمرافقة الإصلاحات، لكن بيان الوزراء الأخير فهم أنه تعليمات لوزارة الداخلية بالانفتاح على الأحزاب، ما جعل ولد قابلية يتراجع عن موقفه. بل ويضمن الوزير ولد قابلية في مراسلته بأن الحكومة ''لن تتوانى في مراعاة كل الاقتراحات المرتبطة بالقانونين المذكورين والتي قد تقدم إبان التشاور الشامل المتعلق بالإصلاحات، الذي سيجريه السيد عبد القادر بن صالح مع الأحزاب والشخصيات الوطنية''. وسريعا رد التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية برفض الدعوة ووصفها بأنها ''محاولة خطيرة للاستمرار في الانغلاق داخل عمليات التجميل لفشل سياسي هو الأبرز خلال الخمسين عاما الماضية''، وراح الأرسيدي بعيدا في القول ''هذه الدعوة للحوار التي تشبه المونولوج هي إهانة لمعاناة وغضب الجزائريين الذين يأملون في الكرامة والحرية''.