تزخر مدينة المدية منذ القدم بينابيع مياه عديدة تعد ملتقى العائلات كعوينة بلحسنة تلاعيش وعين الكبير، وعين الشيخ وسبع قلالش عين الذهب وعين سطارة وغيرها، ما زال بعضها يمثل قبلة الضمآن والعطشان من كل فجّ عميق تذرف ماء زلالا ينعش النفس والروح وعن تاريخ تواجدها لم نستطع أن نؤرخ لها لغياب الوثائق والمستندات التاريخية، لكن القول الرّاجح أنها تعود إلى أزمنة غابرة، حيث بنيت من حولها أحياء كثيرة وانتعشت أمامها مساحات فلاحية، كما أن هذه الينابيع مثلت إلى القريب ملتقى الأسر اللمدانية خاصة في فصل الصيف، حيث تجلب النسوة الأفرشة الشتوية والصوف والثياب لغسلها، وتعد قبلة العائلات في تعارفها، إلى جانب أنها كانت سببا في زواج العديد من البنات مثلها مثل الحمامات. لعل الكثير ممن نبتت جذور عائلاتهم في هذه المدينة العريقة يدركون أن وديانا فيّاضة لا زالت تمر تحتهم، حيث إن هناك من حفر بئرا لم يتعد عمقه المترين أو الثلاثة لتتدفق منه المياه. هي ظاهرة فريدة من نوعها في هذه البقعة من الأرض الطيّبة، التي تنام على أنهار من المياه العذبة، حيث يحرص السكان على بقائها لكونها تحدّثك بتاريخ وحضارة المنطقة، حيث تلاحظ اليوم عبر أحياء المدينة وأزقتها عيون جديدة لا نسميها طبيعية كما كانت ولكنها تعتمد على محركات كهربائية قام بتركيبها أصحابها في منازلهم. وتشير آخر الإحصائيات أن عدد الآبار والينابيع المتواجدة بولاية المدية تجاوزت حدود 4772 ينبوعا، وما يصل إلى أكثر من 5000 عين عمومية وأزيد من 11 ألف بئر منها 1600 بئر بعاصمة الولاية. ومن جهة أخرى، فإن البعض من السكان لا يحسنون استعمال نعمة الماء التي أنعم بها الله عليهم، فتجدهم في الكثير من المرات يقومون بغسل سياراتهم ومركباتهم بالقرب من هذه الينابيع تاركين وراءهم فضلات ومزابل، غير آبهين بخطرها على صحة الآخرين، كما أن البعض الآخر من الناس من يوصل هذه الحنفيات بمقرات سكناهم متسببا في قطع وتغيير أهم دور تلعبه هذه العيون في تجمع العائلات وراحتهم وسكينتهم.