التمر مفيد جدا للصائم، لأنه في نهاية كل يوم صيام يهبط مستوى تركيز الجلوكوز والأنسولين في دم الوريد البابي الكبدي، وهذا يقلّل بدوره من نفاذ الجلوكوز، ويقلّل من أخذه بواسطة خلايا الكبد والأنسجة الطرفية، كخلايا العضلات والأعصاب، ويكون قد تحلل كل المخزون من الجيلكوجين الكبدي أو كاد، وتعتمد الأنسجة حينئذ في الحصول على الطاقة على أكسدة الأحماض الذهنية، وأكسدة الجلوكوز المصنع في الكبد من الأحماض الأمينية والجليسرول، لذلك فإمداد الجسم بالجلوكوز في هذا الوقت له فوائد جمّة، إذ يرتفع تركيزه بسرعة في دم الوريد البابي الكبدي فور امتصاصه، ويدخل إلى خلايا الكبد أولا ثم خلايا المخ والدم والجهاز العصبي والعضلي، وجميع الأنسجة الأخرى، التي هيأها الله تعالى لتكون السكريات غذاءها الأمثل والأيسر للحصول منها على الطاقة. ويتوقف بذلك تأكسد الأحماض الدهنية، فيقطع الطريق على تكوّن الأجسام الضارة في الدم، وتزول أعراض الهمود، والضعف العام، واضطراب الجهاز العصبي، كما يوقف تناول الجلوكوز عملية تصنيعه في الكبد، فيتوقف هدم الأحماض الأمينية، وبالتالي حفظ بروتين الجسم. ولندرك أهمية المواد الغذائية الموجودة في التمر لصحة الإنسان، يمكننا أن نفترض أن الإنسان بدأ الإفطار بتناول المواد البروتينية أو الدهنية، فهي لا تمتص إلا بعد فترة طويلة من الهضم، ولا تؤدي الغرض في إسعاف الجسم لحاجته السريعة من الطاقة، فضلا عن أن ارتفاع الأحماض الأمينية في الجسم نتيجة للغذاء الخالي من السكريات، أو حتى الذي يحتوي على كمية قليلة منه، يؤدي إلى هبوط سكر الدم. لهذه الأسباب يمكن لنا أن ندرك الحكمة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإفطار على التمر، فعن سلمان بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على ماء، فإنه طهور". وعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء. ومن الجميل أن نأكل التمر في كل وقت، ولا نقصر استخدامه في رمضان، فيصبح غذاء وشفاء.